مازلت وسأظل أستنهض همم مؤرخينا وسياسيينا والمجلس المصري للشئون الخارجية برئاسة السفير د. محمد منير زهران وأمينه العام السفير د. عزت سعد للكشف عن الوثيقتين اللتين لم يستطع أن يطلع عليهما المؤرخ الكبير د. رءوف عباس حيث توفاه الله عام 2008. وكان المحدد خروج هاتين الوثيقتين إلي النور عام 2014.
هاتان الوثيقتان “الثانية والثالثة” تكملان الوثيقة الأولي التي اطلع عليها د. رءوف عباس ونشرها في مقاله في كتاب “صفحات من تاريخ الوطن” فاضحاً تخطيط حلف الأطلنطي لتصفية عبدالناصر وضرب مصر منذ عام 1964 تم في عام 1967 بأداته اسرائيل الصهيونية.
ويلفت د. رءوف نظرنا إلي الأهمية القصوي لهاتين الوثيقتين المتعلقتين بالجلسة الثانية والثالثة لحلف الأطلنطي قائلاً:-
“نحن لا ندري ما تم التوصل إليه في الجلستين التاليتين اللتين تدخلان في نطاق السرية. ولكننا نعتقد أن فيهما تحديداً أكثر وضوحاً لما استقر عليه الرأي بالنسبة لخطة “تصفية عبدالناصر” ولا ندري ما إذا كان جميع المشاركين في الاجتماع علي علم بهما فذلك ما سنعرفه تماماً عند الكشف عن الوثائق الخاصة بالجلستين. ولعل ما تمتاز به النسخة البريطانية من وثائق الأطلنطي اشتمالهما علي المشاورات الجانبية مع الجانب الأمريكي واستطلاع آراء أصدقائهما وحلفائهما بالمنطقة”.
ثم يضيف د. رءوف عباس: “لعل ماجاء بملفي الجلستين من اتفاقات جانبية يتضمن سيناريو ما حدث في 5 يونيو 1967 خاصة أن بريطانيا كانت تواقة إلي الثأر من عبدالناصر عما لحق بها وبهيبتها في المنطقة والعالم بعد فشلها في تحقيق أهداف حرب السويس 1956. ودليلنا علي ذلك التصعيد المستمر للموقف ضد الوجود المصري في اليمن منذ 1964 واستخدام المرتزقة من مختلف الجنسيات الأوروبية وعمليات نقل السلاح إلي اليمن التي فضحها الطيارون العرب والانقسام الذي حدث بين قيادات الثورة اليمنية ذاتها”.
ثم يقدم د. رءوف عباس الدلائل الأخري علي تركيز الاتفاق علي اتخاذ إسرائيل رأس حرب لتنفيذ مخطط الغرب قائلاً: “الاتفاق الذي أبرمه رئيس الوزراء الإسرائيلي “أشكول” مع الرئيس الأمريكي “جونسون” الذي وافق بموجبه علي تزويد إسرائيل بأسلحة تتضمن تفوقها علي الدول المحيطة بها “مصر. وسوريا. ولبنان. والأردن”. بنسبة ثلاثة أضعاف التسليح العربي.
كما قدمت ألمانيا الغربية لإسرائيل في الأسبوع الأخير من ديسمبر 1964 صفقة ضخمة من السلاح تضمنت مدرعات. وطائرات. ومدافع. وقطعاً بحرية قيمتها مئة مليون دولار هدية دون مقابل وكان ذلك بإيحاء من الولايات المتحدة وتحت رعايتها لتحقيق التفوق العسكري الإسرائيلي الساحق تمهيداً لقيام إسرائيل بلعب الدور الأخير في خطة “تصفية عبدالناصر” أو تصفية الدور الإقليمي لمصر وتحقيق الحلم الصهيوني ــ الأمريكي”.
نتفق لنشارك د. رءوف عباس سؤاله العميق المحزن بحثاً عن إجابة لنعرف أعداء آخرين شاركوا الولايات المتحدة والعدو الصهيوني في ضرب مصر في يونيو 1967 والسؤال هو: هل بدأ المشروع العدواني علي مائدة مجلس وزراء الأطلنطي ثم تبنته أمريكا ونفذته بالاشتراك مع إسرائيل أم أن أطرافاً أخري في الحلف ساهمت في المشروع؟