من المهم أن نسترق السمع وتعي العقول اللبيبة بإنصات مقولة ذات شأن خطير رصدها علم الاجتماع السياسي وهي أن هناك ثلاث وسائل لتدمير أي أمة.
الأولي: تحقير الماضي والتراث.
الثانية: كراهية الحاضر.
الثالثة: اليأس من المستقبل.
هذا يجعلني أردد ما قاله شاعرنا الكبير صلاح عبدالصبور في مسرحية “ليلي والمجنون”:
يا أهل مدينتنا.. يا أهل مدينتنا
انفجروا أو موتوا
رعب أكبر من هذا سوف يجيء
إذا كنا ننظر بفخر لماضينا وحضارتنا أولي حضارات العالم وعلمته ولكن لا نكرر أخطاء ذلك الماضي. كي نستفيد منه في حاضرنا لنرسم ونضع أقدامنا بخطي واثقة ثابتة نتطلع إلي مستقبل مزدهر برايات العلم والعمل والعدل والحق وتقديم الأصلح والأكفأ والاصدق والأفضل في جميع مواقع القيادة.
هنا تكون مصر عصية علي من يريدها بسوء بل ستقصم ظهره وتقضي عليه.
ولأن كتاب “شخصية مصر.. عبقرية المكان” للمفكر الكبير الدكتور جمال حمدان هو الكتاب “العُمدة” لمعرفة وفهم مصر بمجلداته الأربعة ذلك الكتاب الذي ألجأ إليه كثيراً حتي أفهم وأعلم قوة مصر ومتي تضعف؟ وما الطريق إلي استعادة العزة والقوة للشخصية المصرية؟ وكيف يتم بناء ذلك بمنهج علمي سليم قويم؟
لذا فإنني أناشد شبابنا أن يقرأ ويهضم هذا الكتاب وليس من باب الخيال أن أناشد وزارة التعليم العالي لتجعله مقرراً علي طلاب الجامعات جميعاً سواء أكانت الدراسة في العلوم النظرية أم التطبيقية.
حفاظاً علي هويتنا وعدم محاولة تدمير أركان الشخصية المصرية العربية التي تعمل لها وتريدها الهيمنة الغربية الصهيونية برأسمالية متوحشة لتكون نقطة في محيطها وكثير منَّا غافل أو متغافل أو مستغفل “بضم الميم وفتح الفاء”!!
إذا قويت إرادتنا واشتد عود عزيمتنا لتغيير حياتنا نحو الأفضل بعلم وعمل ورؤية وآراء سديدة نطرح سؤالين:
لِمَ التغيير نحو الأفضل؟ وبِمَ هذا التغيير؟
سؤالان كبيران واسعان سعة تاريخ مصر ومكانها ومكانتها؟
لا أدعي قدرتي علي الإجابة عنهما.
لذلك أعود إلي كتاب “شخصية مصر” الذي يحدد فيه منهج الإجابة د.جمال حمدان قائلاً: إن ما تحتاجه مصر أساساً إنما هو ثورة نفسية بمعني ثورة علي نفسها أولاً. وعلي نفسيتها ثانياً. أي تغيير جذري في العقلية والمُثُل وأيديولوجية الحياة قبل إحداث أي تغيير حقيقي في حياتها ومصيرها.. ثورة في الشخصية المصرية وعلي الشخصية المصرية ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية وكيان مصر ومستقبل مصر”.
ثم يقول د.حمدان: ليزيد في توضيح المنهج: “كفانا إذن حديثا عن مزايانا فهي مؤكدة ومقررة بنفسها ونركز علي عيوبنا لننظر إلي عيوبنا في عيونها في مواجهة شجاعة لا ننسحق بها لكن لنسحقها. لا لنسيء لأنفسنا ولكن لنطهِّر أنفسنا”.