الإدمان يحاصرنا
إنه موجود في كل شيء.
قانون العلاج من الإدمان هو الترك بالتدريج ، لاتطلب من مدخن قطع التدخين مرة واحدة لأنه سيجن.
سيغضب ويزداد منسوب الأدرينالين في دمه وقد يموت بنوبة ارتفاع ضغط دم قاتلة.
سيتركه ولكن أولا سيقلل العدد بعدها سيبدأ بمضع التبغ الخاص بذلك ثم سيمسك السيجار بين أصابعه دون إشعاله وقد تستمر عادة إمساك السيكار بين الأصبعين وهو مطفأ لسنوات عديدة .
فمن غير الممكن الإبتعاد القسري عما تعودنا عليه دون أن يحل محله بديل ،فيكيف لو أدمنا أشخاصا؟!!!
أشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق
علمني كيف أقص جذور هواك من الأعماق.
كيف لو فقدنا من كانوا جزءا منا؟!
من يومياتنا،يرن الهاتف لنهرع للرد وكأن هواتفنا لاترن إلا باتصالهم.
في قصص الحب والإدمان غالبا ستلجأ الضحية الفاقدة إلى بديل وسيكون هو ضحية الضحية .
فما إن تخمد ثورة الفقد ويستقر هيجان البركان حتى يكتشف الفاقد أنه قد أدخل نفسه في دوامة وأن من ارتبط به ليس هو الشخص نفسه الذي يحتاجه ،سيبدا بالإنسحاب ويستغني عن البندول المسكن فيكون قد كسر قلبا كي يشفي قلبه هو.
امرأة هجرها حبيبها، كانت تنتحب وتخبر صديقتها كم أن الحياة مستحيلة من دونه ، كل الطرق تحمل عطره،المطاعم تشي بذكرياته ،الأغنيات التي يحبها تحيط برقبتها كطوق ،ثم ماذا عن هاتف الساعة السابعة؟!
قالت:
كل يوم أنتظر الساعة السابعة مساء،موعد مهاتفته لي ،كيف السبيل وكل ماحولي يحاصرني به،؟!! ردت صديقتها: سأهاتفك أنا كل مساء عند الساعة السابعة.
بداية رفضت اقتراح صديقتها،لكنها قبلته بعد وعد أن ذلك سيستمر لشهر واحد فقط.
مرت الأيام الأولى وهي تثرثر وتنتحب في هاتف الساعة السابعة وتجرجر ذكرياتها المحروقة ،لكن الصديقة تجرجرها بالمقابل لزوايا أخرى وأحاديث بعيدة ألف سنة ضوئية عن الحبيب الغادر وسيرته
مضى شهران بدل شهر واحد ،أصبح صوتها أكثر صبرا ملون بالبهجة
فقد هاتف الساعة السابعة إلتصاقه بالحبيب.
عالجت إدمانها ببديل دون أن تكسر قلبا أو ترتكب فحشا.
تقول الشاعرة آن سكستون (إنه لكابوس أن ترى شخصا يتغير أمام عينيك ،يتحول إلى غريب ولاتتمكن حتى مع حبك الذي تحمله من إعادته مألوفا ثانية).
كي نشفى من إدماننا علينا أن نجد بدائل مفيدة مشروعة ،بدائل تنبع من دواخلنا كما قال رالفر والدو ايمرسون أن قوتنا تنمو من ضعفنا.
إنه مبدأ لاثمر بلا ألم.
لكن بالترك التدريجي ،وليس بألم قاتل كصدمة عصبية مفاجأة.
بدائل تعمل كمخدر مشروع لعلاج مدمن المخدرات .
بدائل كالجواهر من أصدقاء بقلوب غير ملوثة، موسيقى نقية لاتنبش الجروح النازفة ،إنها سيكارة مطفأة بين الأصبعين لحين الشفاء من لعنة التدخين.
هاتف الساعة السابعة الذي تغير وتحرر من محتكره.
مد الجذور عميقا في التربة لارتشاف قطرات من الماء .
وهل يمكن لزوبعة هوجاء أن تقتلع شجرة صنوبر مدت جذورها وتربعت في بواطن الأرض!!