عندما سقطت التفاحة ،قال الجميع ،لقد سقطت إلا واحد قال،لماذا سقطت؟!!
كتبت قصة قصيرة بعنوان (رأس السمكة) قبل مدة من الزمن وضمنتها في كتابي المقبل مع أخواتها والذي سيصدر قريبا بعد عدة أشهر بإذنه تعالى .
رميت في تلك القصة إلى اجترارنا الأعمى للعرف المتوارث دون دراية وتمحيص وسؤال عن ضرورته ووجوبه أم هو مجرد تقليد توارثناه بلا علم بأسبابه.
مافائدة ماتحمله في رأسك وتحصنه عظام جمجمتك من الضربات والأذى ويحيط به السائل الشوكي ليحميه ويكون له كالمصده وأنت لاتستعمله في التفكير والسؤال ،مالفائدة أخبرني؟!!
السؤال عن لماذ يجب أن نفعل هكذا؟ هو ليس غباء ولا عناد ولاقلة أدب ،بل هو ماخصك الله به عن بقية مخلوقاته التي تعيش بالغريزة وردود أفعالها ونظام القطيع .
لكن أنت الوحيد الذي وضع الخالق في رأسك عضوا مهما ليساعدك في سلوك طريق الصواب وأن تعيش حياة ذا قيمة لك فيها بصمة تخصك وليس شاة في قطيع أغنام ، لاتعش كبقرة تلهو بالعشب قرب جدار المسلخ بينما يحد فيه الجزار سكينه وهي لاتعلم.
كتب الصحفي والروائي أدواردو غاليانو والذي يعتبر العلامة الفارقة والمهمة في الأدب الأمريكي اللاتيني وصاحب اشهر كتاب (الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية) والذي قالت عنه الروائية التشيلية أيزابيل اللندي بأنها امسكت بنسختها من كتابه بينما تركت كل اشياءها الأخرى وهي تهرب من تشيلي عندما حصل الإنقلاب العسكري .
كتب قصة تتحدث عن التقليد الأعمى للأعراف وماوجدنا عليه آباءنا فتقيدنا به وألزمنا أنفسنا بفعله ورحنا ننظر لمن يتخلى عنه نظرتنا لشاذ ومنحرف ومتهتك.
تقول قصة أدواردو غاليانو:
في وسط ثكنة عسكرية مقعد صغير يحرسه جندي ،لم يعرف أحد لماذا يجب أن تتم حراسة المقعد ،المقعد يحرس على مدار الساعة ،من جيل إلى جيل كان الضباط يصدرون الأمر بحراسة المقعد والجنود ينفذون،لم يعبر أحد عن شك ولم يسأل لماذا،حتى جاء كولونيل أو جنرال في يوم من الأيام وأراد أن يعرف السبب الأصلي لحراسة المقعد،راح يقلب الملفات ،وبعد بحث طويل ،عثر على الجواب:
(منذ واحد وثلاثين عاما وشهرين وأربعة أيام أمر ضابط حارسا أن يقف قرب المقعد الذي كان قد دهن للتو لكي لايفكر أحد بالجلوس على الدهان الطري).