هل العالم مقبل على فوضى قانونية ؟ من شأنها أن تعيد لغة التعامل بالأذرع الطويلة أو بالقوة المفرطة بعيدًا عن أية حسابات قانونية أو مبادىء للتعامل مما توافقت عليها المجتمعات منذ فترة طويلة أم أن العالم مقبل على شكل جديد من أشكال القانون التي من شأنها أن تضبط حالة الاضطراب التي صنعتها بعض القوى في النظر إلى القانون الدولي الذي بات مهددا بالتلاشي على أرض الواقع وأصبح في حاجة إلى جهود من يخافون على هذا العالم من فوضى يأكل فيها القوي الضعيف وينهب ثرواته و يستعبده دون خوف من روادع قانونية صارمة كانت قائمة.
صحيح أن خروجات كثيرة كانت تتم على القانون الدولي منذ أمد لكن الذي يحدث مؤخرًا فاق كل ماحدث لأن الذين كانوا يخرجون على القانون الدولي في الماضي يفعلون ما يفعلون وهم يدّعون الإلتزام بالقانون الدولي ويأتون بالمبررات والحجج والقرائن يسوقونها تدليلا على التزامهم بالقانون الدولي. أما ما يحدث في أيامنا فهو خروج سافر يحرص صاحبه على إرسال رسالة للعالم بأنه لا يعبأ بأي قانون يحد من جوره على الآخرين وفرض سيطرته ورآه عليهم، بل يتصرف في أرض الغير باعتبارها أرضًا له لا رأي لمواطنيها بل يخطط لطردهم منها عنوة والنموذج الصارخ لذلك ما جاء في إعلان الرئيس الأمريكي بأن أمريكا ستتسلم غزة من إسرائيل لتحويلها إلى ريفيرا ” أي منطقة سياحية وسوف يقيم الفلسطينيون في مناطق أخري في البلدان المجاورة ” وهو كلام يتجاوز القانون الدولي كأنه غير موجود، كما أنه لا يعبأ باصحاب الأرض فيفرض عليهم ما يريد كما أنه يريد أن يتسلم أرضا لا علاقة له بها وهو ما لا يقره قانون.
فإذا تأملنا قراره بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية الدولية لأنها قامت بما يمليه القانون عليها تجاه أشخاص ارتكبوا جرائم حرب وكذلك قرار انسحابه من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لأنه أدان إسرائيل بارتكابها جرائيم حرب وكذلك انسحابه من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لأنها تقوم بواجبها تجاه الفلسطينيين ..كل هذه التصرفات من شأنها تقويض القانون الدولي لأنها أولًا ستغري آخرين بالتصرف بالمنهج الأمريكي فيحذو حذوه في التعامل مع الآخرين وثانيا ستفقد الضعفاء الأمل في القانون الدولي فيلجأون إلى وسائلهم الممكنة في الانتقام لأنفسهم كالاغتيالات أوالتفجيرات وسلوك العصابات في التعامل الدولي .
قد تدفع هذه التصرفات عقلاء العالم إلى إنشاء آليه جديدة من شأنها أن تحد من هذا التطرف في التصرفات الدولية التي لا تتوقف أثارها على الضعفاء فقط وإنما ستمتد إلى الأقوياء أيضا الذين قد يفاجأون بالنار التي أوقدوها تحرق أطرافهم ولا يستطيعون لها دفعا بعد أن تتوحش.
وكاننا بحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذي جاء رحمة للعالمين يحذر المجتمعات من ترك المتهورين قاصري النظر يتصرفون كما يحلو لهم حيث وصف المجتمعات بالسفينة التي أقام البعض في أعلاها والبعض الآخر في أسفلها فقال من بأسفلها لو أننا خرقنا خرقًا في السفينة من ناحيتها لنحصل على الماء بدلا من الصعود إلى أعلى كلما احتجنا إلى الماء.. فلو ترك الذين في أعلى السفينة من بأسفلها يفعلون هذا لغرق الجميع ولو منعوهم لنجى الجميع.
فالمجتمع الدولي مطالب بوقفة جماعية لحماية السفينة العالمية” من خلال تفعيل القانون الدولي على الجميع أو بوضع آلية جديدة تمنع من يفكر في الخروج عليه من الخروج عليه.. قبل مرحلة الغرق التي قد لا يستطيع أحد التكهن بمداها ومتى تنتهي؟
![فريد ابراهيم يكتب.. الخروج على القانون الدولي](http://alekhbarya.net/wp-content/uploads/2024/01/فريد-ابراهيم.jpg)