كتب عادل احمد
عقدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان مؤتمر بعنوان “آليات حقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية: المسار والتحديات” وذلك لتقييم دور الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان التابعة للجامعة العربية لقياس التطور والتقدم المحرز في مسار عمل هذه الآليات والتحديات التي تحول دون تنفيذ ولاية اللجان والإدارات المختصة بحقوق الإنسان بالجامعة العربية. وذلك بمشاركة الأستاذ أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي، ورئيس مؤسسة ماعت، والدكتور محمد عزب العرب رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتورة ريهام باهي أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، والمستشار أيمن فؤاد الخبير في مجال حقوق الإنسان. كما أدارت المؤتمر الأستاذة أيمان شعرواي مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية.
وخلال المؤتمر أكد المتحدثين على إن النظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان المتمثل في الميثاق العربي لحقوق الإنسان، واللجنة المنبثقة عن الميثاق لمراقبة تنفيذ أحكامه قاصرة في أداء الأدوار المنوط بها أن تؤديهًا وإن هذا النظام الإقليمي بحاجة إلي إصلاح جذري يتطلب تعاون حقيقي بين الجامعة العربية وآلياتهًا المعنية بحقوق الإنسان وبين منظمات المجتمع المدني العربية، وانتقد المشاركون في المؤتمر الفجوة التي تتسع يومًا بعد الآخر بين جامعة الدول العربية وبين منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية نظرًا للشروط والإجراءات المعقدة التي تضعها الجامعة العربية في طريق المنظمات التي تريد المشاركة في أنشطة الجامعة.
تناول المتحدثين أيضا التحديات التي تواجه الآليات المعنية بحقوق الإنسان داخل جامعة الدول العربية وأبرزها الشروط المجحفة في منح صفة مراقب لمنظمات المجتمع المدني و القيود والعقبات التي تواجه هذه المنظمات عند محاولتها الوصول إلى المعلومات الخاصة بهذه الآليات، وكذا إعاقة مشاركة منظمات المجتمع المدني العربية في القمم العربية التي تعقدها الجامعة. وعقد المتحدثين مقارنة بين الآليات العربية لحقوق الإنسان وبين مثيلتهًا في القارة الأفريقية وقارة أمريكا اللاتينية، ففي الوقت التي تحظي به 557 منظمة مجتمع مدني بصفة مراقب في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ونحو 446 منظمة في لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان فإن عدد المنظمات العربية التي تحظى بهذه الصفة 51 منظمة فقط من بين أكثر من 369 ألف منظمة مجتمع مدني في 18 دولة عربية.
وفي هذا السياق قال أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت إن الجامعة العربية أعلنت في عام 2016 عقدًا عربيًا جديدًا للمجتمع المدني العربي، ومع ذلك ورغم مرور سبع سنوات على هذا العقد لم يتحقق منه شيئًا وهو ما يوسع الفجوة بين الجامعة العربية وبين منظمات المجتمع المدني، وانتقد عقيل عدم إصدار هذا العقد في إطار مكتوب من أجل تقييمه. كما أشار إلى إن قرارات الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عن الجامعة العربية تؤكد ضرورة مشاركة منظمات المجتمع المدني في أنشطة الجامعة إلا إن هذه القرارات لا تزال مجرد حبرًا على ورق. كما انتقد عقيل القرار الأخير الصادر عن اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان الذي أرجئ المساعي الخاصة بوضع معايير موحدة لمنح صفة مراقب لمنظمات المجتمع المدني، بذريعة الحاجة إلي مزيد من الدراسة على الرغم من إن هذه المساعي بدأت منذ عام 2014 منذ قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 7788 لعام 2014 الذي طالب بإعداد الصياغة النهائية لمعايير موحدة يتطلب توافرها لدى منظمات المجتمع المدني العربية لمنحها صفة مراقب في أجهزة وآليات الجامعة العربية. وطالب عقيل بتعديل ولاية اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بما يسمح لهًا بتعيين مقررين خواص بشأن قضايا محددة أسوة بباقي اللجان الإقليمية لحقوق الإنسان.
كما أرجع المستشار أيمن فؤاد الخبير في مجال حقوق الإنسان التباين بين الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق العربية إلي خصوصية كل منطقة جغرافية وطالب بضرورة اتباع مبدأ التمييز الإيجابي عند النظر للحقوق الواردة في الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان كما طالب فؤاد بضرورة الانخراط في عمل الآليات الدولية لحقوق الإنسان وعرج على آلية الاستعراض الدوري الشامل والتي تمتثل إليه كل الدول العربية وأشار في هذا السياق إن الدول العربية تمنح أولوية لتقديم مراجعتها في ملف حقوق الإنسان للآليات الدولية في الوقت التي تتغاضي فيه عن الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان.
من جانبه قال الدكتور محمد عزب العرب رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الدول العربية تواجه تحديات جسيمة من بينها تزايد التدخلات الخارجية في الدول العربية؛ وانتشار النزاعات المسلحة وطالب بضرورة التعاون بين الإدارات المعنية بحقوق الإنسان في الجامعة العربية وبين المنظمات غير الحكومية للاستفادة من الآليات الدولية الإقليمية الأخري مثل النظام الأوروبي لحقوق الإنسان وأشار عز العرب إلي بطئ المحاولات الرامية للارتقاء بحقوق الإنسان من قبل جامعة الدول العربية.
في الأخير، شددت الدكتورة ريهام باهي أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة إنه في إطار النظرية الإقليمية الجديدة فإن المؤسسات الإقليمية كجامعة الدول العربية وآلياتهًا المعنية بحقوق الإنسان تفرض عليًها تقاسم الأعباء بين جميع الشركاء لمواجهة التحديات المحلية. كما لفتت باهي الإنتباه إلى بعض المواد الواردة في الميثاق العربي لحقوق الإنسان والتي تتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
وفي ختام المؤتمر استعرضت إيمان شعراوي مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، التوصيات التي خرج بها المؤتمر، ومنها: النظر في إصدار الجامعة العربية “دراسة تقييمية” بعد مرور سبع سنوات على مرور العقد العربي لمنظمات المجتمع المدني لبيان ماذا تحقق من الأهداف التي تضمنهًا هذا العقد؛ وإطلاق حملات توعية للتعريف بالعقد العربي لمنظمات المجتمع المدني وحث منظمات المجتمع المدني على الانخراط في أنشطة جامعة الدول العربية؛ وإتاحة الوثائق والمعلومات الخاصة بجامعة الدول العربية من أجل ضمان التفاعل الحقيقي بين المجتمع المدني والجامعة؛ تنفيذ لقرار مجلس جامعة الدول العربية رقم 7788 الداعي إلي إعداد الصياغة النهائية لمعايير موحدة يلزم توافرها لدى منظمات المجتمع المدني العربية لمنحها صفة مراقب في أجهزة وآليات الجامعة العربية؛ وإنشاء مواقع إلكترونية مستقلة للآليات المعنية بحقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية؛ مع ضرورة أن ينظر مجلس جامعة الدول العربية في نشر جدول أعمال اجتماعاتها الرئيسية مثل مؤتمر القمة، قبل وقت كافي من عقد هذا المؤتمر حتى يتسنى للجهات الفاعلة وأصحاب المصلحة الإطلاع على جدول الأعمال؛ والعمل على تنفيذ القرار 76/2003 المعتمد من لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والذي يدعو جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخري لـ مشاركة المنظمات غير الحكومية في عملية “تحديث” الميثاق العربي لحقوق الإنسان.