الإبر أنواع ، فمنها ما يؤخذ كدواء ، سواء كان فى الوريد أو فى العضل ، أو تحت الجلد ، فهذه لا مجال للخلاف فيها فهى لا تفطر لأنها لا توصل إلى المعدة ، ولا تغذى .
قال أهل العلمّْ :
” الإبرة الدوائية لا تفطر قياساً على رأى أكثر المذاهب : إن المفطر هو ما يدخل إلى الجوف من منفذ طبيعى خلقى وهو الأنف والفم والشرج ” .
الأظهر أنه لا يفطر بشئ من ذلك ، فإن الصيام من دين الله الذى يحتاج إلى معرفته الخاص والعام ، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله فى الصيام ، ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول – صلى الله عليه وسلم – بيانه .
” لا ينقص الصوم حقنة ” .
وأما وضع الدواء فى الأذن ، والأظهر أنها لا تفطر ، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم فى ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداًَ ولا مرسلاً ، علم أنه لم يذكر شيئاًَ من ذلك .
والناظر فى كلام أهل العلم :
أن الأحكام التى تعم بها البلوى ويحتاج إلى معرفتها جمهور الناس يجب على الرسول – صلى الله عليه وسلم – بيانها للأمة ، فإنه المبين للناس ما نزل إليهم ، ويجب على الأمة أن تفعل هذا البيان من بعده .
أن الاكتحال والتقطير فى الأذن ونحوها مما لم يزل الناس يستعملونه منذ أقدم العصور ، فهو مما تعم به البلوى ، شأنه فى ذلك شأن الأدهان والاغتسال ونحو هذا ، فلو كان مما يفطر لبينًّه النبى – صلى الله عليه وسلم – كما بين الإفطار بغيره ، فلما كان لم ينه ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والأدهان ، ولما لم ينته النبى – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك دل على أنه جائز .
د. أحمد محمود كريمة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة