إسرائيل بعد حرب 2006 مع حـ ـزب الله طورت نظام القبة الحديدية، والهدف منه التصدي للصواريخ قصيرة المدى زي الجراد والكاتيوشا وقذائف الهاون. وهي الأسلحة الرئيسية للحزب (وقتها) والفصائل الفلسطينية اللي كانت بتبني قدراتها في قطاع غـ ـزة.
أول مشكلة قابلتهم كانت إن سعر الصاروخ الاعتراضي اللي بتستخدمه القبة مرتفع، بينما سعر الجراد أو قذيفة الهاون منخفض التكلفة، فاقتصاديا المقـ ـاومة هتكسب وتقدر تخسر الكيان ماديا حتى لو محققتش هدف عسـ ـكري من إطلاق القذيفة، والاقتصاد جزء مهم من اللعبة دايما.
إسرائيل طورت نظام القبة الحديدية بحيث يحسب المسار المتوقع للقذيفة بعد إطلاقها، لو كانت هتقع في منطقة سكنية أو فيها هدف عسكري فيطلع صاروخ اعتراضي، لكن لو هتسقط في منطقة غير مأهولة يبقى مش هيطلع صاروخ على أساس إنه كدة كدة مفيش ضرر هيحصل ونبقى وفرنا ثمنه.
كل بطارية قبة حديدية ليها عدد محدد من القاذفات وكل قاذف (بطارية) فيه عدد معلوم من الصو!ريخ، فالمقـ ـاومة الفلسطينية ابتكرت تكتيك اسمه الإغراق بمعنى إنها هتضرب عدد كبير من القذائف الرخيصة عشان بطارية القبة الحديدية تستنزف الصواريخ اللي عندها فيحصل ثقب أو فتحة في الدرع الصاروخي تسمح بمرور عدد من الصو!ريخ أو القذائف الأخرى.
خلينا نوضح أكثر بمثال، في شهر يناير اللي فات حـ ـزب الله كان محتاج رد نوعي على عملية اغـ ـتيال صالـ ـح العاروري في بيروت، ورغم إن العاروري قيادي في الأخضر مش الحزب لكن مكنش ينفع الحزب يفوت قصف على بيروت وعلى الضاحية تحديدا (معقله الرئيسي).
الحـ ـزب، وفقا لبيانه، ضرب 62 صاروخ من أنواع مختلفة، اللي وصل منهم، وفقا للفيديوهات حوالي 5 أو 6. بالحسابات الرياضية البحتة وبدون النظر لأي عوامل أخرى، كما يفعل البعض الآن، هي عملية خسرانة عشان ضرب 62 صاروخ وصل منهم قول 10. وهيتم اعتبارها عملية فاشلة عشان اللي وصل منهم للهدف أكثر بشوية من 10%.
عسكريا الأمر مختلف تمام، قاعدة ميرون الجوية مركز إدارة ومراقبة وتحكم جوي بتنسق العمليات الجوية باتجاه سوريا ولبنان وتركيا وقبرص والقسم الشمالي من الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتتولى عمليات التشويش الإلكتروني، فهي محمية كويس بمنظومات الدفاع الجوي.
الحـ ـزب وقتها أطلق ما بين 40 إلى 50 صاروخ كاتيوشا، الهدف منهم ليس تدمير القاعدة ولكن “إشغال وإفراغ” بطاريات القبة الحديدية اللي بتتولى الحماية، اللي مش هيكون قدامها غير إنها تطلق صواريخها الاعتراضية بكثافة للتصدي للهجوم، بعدها الحـ ـزب استخدم صواريخ موجهة لضرب الرادارات في القاعدة وهو ده كان الهدف الرئيسي.
بكل بساطة الخمسين صاروخ كاتويشا مهمتهم هي فتح الطريق للعشر صواريخ الموجهين.
نقدر نطبق ده بسهولة على عملية إمبارح، بس خلينا نبص الأول على الدفاع الإسر!ئيلي:
منظومات القبة الحديدية نشطة
منظومات باتريوت الأمريكية (داخل الكيان) نشطة
منظومات حيتس 2 نشطة
منظومات حيتس 3 نشطة
منظومات مقلاع داوود نشطة
إقلاع معظم الطائرات الهجومية إف 15 وإف 35 المسلحة بصواريخ جو جو
طائرات بريطانية حربية مسلحة بصواريخ جو جو وطائرات تزود بالوقود في الجو بريطانية أقلعت من قبرص
طائرات أمريكية حربية مسلحة بصواريخ جو جو
منظومات الدفاع الجوي الأميركية باتريوت في المنطقة نشطة
منظومات الدفاع الجوي ثاد في المنطقة نشطة
الرادار الأميركي الكبير في قاعدة العديد نشط
طائرات سلاح الجو الأردني
طائرات من سلاح الجو الفرنسي
كيف يمكن لإيران اختراق كل هذا؟
استخدمت إيران في الموجة الأولى والثانية من الهجوم طائرات شاهد، وهي طائرات بطيئة وسيتم رصدها فور إقلاعها وستستغرق ساعات لتصل إلى الكيان. إذا لماذا استخدامها؟ حتى تقوم بإشغال الطائرات التي كانت تقوم بالدوريات وانطلقت لتحاول إسقاطها خارج المجال الجوي الإسر!ئيلي (راجع استخدام الحـ ـزب للكاتيوشا في عملية ميرون).
الدفعة الثالثة انطلقت بعدها بفترة تتضمن صواريخ باليستية وصواريخ كروز.
لماذا انطلقت متأخرة؟ لأنها ستصل أسرع من المسيرات فيجب تنسيق الوقت حتى تصل جميعها في أوقات متقاربة لإشغال الطائرات الحربية ومن خلفها منظومات الدفاع الجوي المختلفة.
الإسرائيلي لم يصرح بالضبط بعدد الصو!ريخ التي وصلت، لكن المؤكد من خلال الفيديو سقوط صاروخين على الأقل في النقب (على الأرجح العدد أكبر لكن هذا المتاح من خلال الفيديو).
الهدف الإيراني بكل بساطة كان رد محدود وله رمزية، محدود لأنه تعمد إبعاد الصواريخ والمسيرات عن المدن لعدم إحداث خسائر بشرية في “المدنيين”. الدلالة الرمزية هي قصف القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرة لتقصف القنصلية الإيرانية في دمشق.
هل تحقق الهدف؟ بالتأكيد.