طبيعي أن نشعر بالقلق نحو المسؤوليات التي تفرضها الأبوة، سواء الالتزامات المالية، والدعم العاطفي والعملي. وخوفك من أن تصبح أباً ليس علامة ضعف، بل دليل على حجم هذا الدور، فهي مسؤوليات تستمر مدى الحياة.
تاواندا ماكوشا، كبير أخصائيي الأبحاث بمجلس بحوث العلوم الإنسانية في جنوب أفريقيا، يقول إن دخوله مرحلة الأبوة كان تجربة عميقة. فمنذ بداية الحمل، واجه الكثير من المشاعر. ووسط الفرحة والترقب، ساورته المخاوف حول قدراته كأب، والمسؤوليات التي تنتظره.
في مقالة على موقع كونفرسيشن، سلط ماكوشا الضوء على أهمية مشاركة الأب، بدءًا من الحمل وأثناءه وحتى الولادة وما بعدها. ومهما كانت حالة علاقة الأب بالأم، يلعب الآباء دورًا حاسمًا في رفاهية أطفالهم مدى الحياة.
قبل الولادة تحدث تغييرات هائلة للأمهات الحوامل والآباء. وتحتاج الحوامل للدعم المالي والعاطفي والعملي طوال هذه الفترة. والأب “المهتم” يشجع الأم على طلب الرعاية السابقة للولادة، وتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة.
كما يقدم الأب الدعم العاطفي لشريكته وطفلهما المنتظر أثناء الحمل، مثل كلمات التشجيع والاستماع لها باهتمام، وتخفيف التوتر والقلق، وتعزيز الشعور بالأمان والاستقرار.
وليس غريبًا أن يتواصل الآباء مع أطفالهم أثناء الحمل، فالتحدث وتشغيل الموسيقى يقوي العلاقة بين الأب والطفل حتى قبل الولادة. ويؤثر الآباء على الأمهات، من حيث قيامها بالرضاعة أم لا، ومدة الرضاعة الطبيعية.
والآباء يرعون التطور العاطفي والمعرفي والاجتماعي للطفل، فالاحتضان والتهدئة، والتغذية، والاستحمام، وتغيير الحفاض، وتنظيم وقت النوم، كلها تعزز العلاقة بين الأب والرضيع وتضع أساسًا قويًا للثقة والعلاقات الآمنة.
ومشاركة الأبناء في اللعب والاستكشاف تحفز فضولهم وإبداعهم ومهارات حل المشكلات. وبدءًا من “الاستغماية” والدغدغة إلى مكعبات البناء والألغاز، يسهم الآباء في تشكيل مهارات الطفل الاجتماعية ومرونته العاطفية وثقته بنفسه. ويوفر المشي في الطبيعة والتنزه، فرصًا للآباء والأطفال لاستكشاف العالم معًا.
وفي مرحلة الطفولة المتوسطة والمراهقة تبدء الدراسة، والصداقات، وتطوير هوية الفرد. وهنا يقدم الآباء النصح ويبثون الطمأنينة والدعم العاطفي لأطفالهم، مما يساعدهم على تشكيل هواياتهم ومواقفهم وقيمهم وسلوكياتهم، ومهارات المرونة والتكيف.
يعد الانتقال من المراهقة إلى الشباب انعطافًا مهمًا، حيث يتخذ الأبناء قراراتهم بشأن التعليم والمسارات المهنية والعلاقات. ويتولى الآباء تمكين أبنائهم من متابعة شغفهم وتجاوز العقبات واغتنام الفرص.
وبتوفير فرص الاستقلال وصنع القرار، يستطيع الآباء تمكين أطفالهم من تولي زمام حياتهم والسعي لتحقيق أهدافهم بثقة.
يفخر الآباء بإنجازات أبنائهم، سواء عند التخرج، أو بدء مهنة، أو الشروع في مغامرات جديدة. وتقديم الثناء والدعم والتشجيع يساعد أبناءك على الشعور بالفخر والثقة في قدراتهم.
الأهم أن يكون الآب قدوة يحتذى بها، ويتحلى بصفات النزاهة والمرونة والرحمة. ومن خلال الالتزام بالقيم، والقيادة بالقدوة، يلهم الآب أبناءه للالتزام بهذه القيم.