بنى النبي صلى الله عليه وسلم أمة راقية في مُثلها وقيمها وأخلاقها ، وجعل من أبرز سمات المسلم تخلقه بأخلاق الإسلام من صدقٍ وأمانةٍ ووفاءٍ وعفةٍ في القول والفعل والسلوك .
فالمسلم الحقيقي هو مَن كان عفيفاً في قوله فلا يقول إلا صدقاً ولا يحمل في نفسه غلاً ولا حقداً .
إذ العفة تقتضي ضبط النفس عن كل ما لا يليق من الأقوال والأفعال والأحوال ، والعفيف إنسان فاضل تنهاه عفته عن الدنايا وسفاسف الأمور وعن كل ما يمس الكرامة .
قال أبو الحسن الجرجاني :
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما *** رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما
أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم *** ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما
ومن سمات المسلم – أيضاً – أنك تراه دائماً مع الصف الذي يبني لا يهدم يعمر لا يخرب يصلح لا يفسد ، يتعاون مع غيره على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان .
ليس الإسلام مجرد شعارات ترفع أو ادعاءات تُقال أو طقوس تؤدى هنا وهناك .
إنما المسلم الحقيقي -:كما عرفه النبي” – صلى الله عليه وسلم – : بقوله: { المسلم مَن سلم المسلمون من لسانه ويده } وفي رواية :{ مَن سلم الناس }
لا من يُلقى السلام بلسانه ويريد أن يقتل غيره بجنانه .
المسلم إنسان مهذب يختار العبارات الراقية في حواره وكلامه مع الآخرين لا كما نسمع اليوم كلمات عجيبة وغريبة في التخاطب كقول أحدهم ( ايه يا عم ) ،( ايه يا عم الحاج ) ( ايه يا اسطى ) ….. إن دلت فإنما تدل على أن قائليها لم يتخلقوا بخلقٍ ولا دينٍ ولا حتى بعرفٍ سليم .
ألا فلنعد إلى أخلاق الإسلام الحقيقة ، إلى جمال الإسلام فـ [ إن الله جميل يحب الجمال ] ، ويوم أن كانت أخلاقنا نابعة من تعاليم الكتاب والسنة الشريفة يومها أقمنا أمة نمت وربت وكانت لها عواصم حضارية في القاهرة ودمشق وبغداد وقرطبة والقيروان ، يقصدها الناس من كل مكان لينهلوا من معينها الصافي ومن علمها الشافي .
ولما باتت أخلاقنا في ألسنتنا كلاما وشعارات جوفاء لا واقع لها مزقنا دويلات أعياك عدها ، ولا مخرج لنا من ذلك إلا أن نغير من أنفسنا بأنفسنا [ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ]