سلطنة عُمان تبهر العالم العربي في القاهرة. وتحكى تاريخ العمانيين
كتب عادل احمد
أصاخت القاهرة اليوم السمع لوقع صدى الحضور العماني في معرض القاهرة الدولي للكتاب ٥٦، حيث كانت سلطنة عُمان ضيف شرف المعرض. وعاد الزمن إلى لحظة لقاء الحضارات الأولى؛ فامتزج صوت عُمان القادم من جزيرة العرب بصوت مصر العائد صداه من شموخ أهرامات الجيزة في حوار ثقافي احتفى بالمعرفة والكتاب والفنون لكنه احتفى أيضًا بالمنجز الحضاري والإنساني الذي رفدت به عُمان الحضارة الإنسانية عبر الزمن، وحملت عُمان إلى القاهرة نماذج من ذلك المنجز ليكون شاهدًا على عظمة أمة عمانية أثرت الحضارة العربية والإنسانية بالكثير من المنجزات.
وافتتحت القاهرة اليوم الدورة السادسة والخمسين من معرض الكتاب الذي تحلّ فيه سلطنة عُمان ضيف شرف وسط ترحيب واحتفاء كبير من الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية التي اعتبرت المشاركة العمانية تتويجًا للعلاقات العريقة بين البلدين على كل المستويات وبشكل خاص المستوى الثقافي.
وافتتح المعرض الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة المصرية بحضور الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام العمانى الذي مثّل سلطنة عمان «ضيف الشرف» في المعرض، وبحضور جمع كبير من المسئولين المصريين والسفراء والمثقفين والناشرين من مختلف دول العالم.
وتشارك سلطنة عمان بجناح رسمي خاص تعرض فيها نماذج من مفردات الثقافة العمانية التاريخية والحديثة إضافة إلى عدة أجنحة لدور نشر ومكتبات عمانية توزعت على قاعات المعرض الضخم.
وأشاد أحمد فؤاد هنو بجناح سلطنة عُمان وما تضمنه من تنوع في المعروضات ما يعكس ثراء الثقافة العمانية وعمقها وعراقتها، مؤكدًا ترحيب مصر بالمشاركة العمانية التي تعكس مستوى العلاقات بين البلدين ونقاط الالتقاء الحضاري منذ فجر التاريخ، معتبرًا الحضور العماني الكثيف، عبر حضور المثقفين وحضور النتاج الفكري والفعاليات، يثري معرض القاهرة، ويضيف له بعدًا مهمًا في دورته الحالية.
من جانبه، قال وزير الإعلام العمانى: إن اختيار سلطنة عُمان ضيف شرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 يعكس عراقة العلاقات والروابط المتينة بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية في مختلف المجالات، لاسيما في الجوانب الحضارية والتاريخية والثقافية.
وأشاد في تصريح صحفي عقب حفل الافتتاح بجهود وزارة الثقافة المصرية والهيئة المصرية العامة للكتاب في تنظيم المعرض والذي يعدّ من بين المعارض التاريخية البارزة في الوطن العربي، ويُمثّل رافدًا مهمًّا للقرّاء والباحثين والأدباء والمهتمين، ومصدرًا للمعرفة وللمكتبات؛ نظرًا لما يحتويه من تنوع في الإصدارات والمناشط والفعاليات الثقافية.
وأضاف الحراصي: إن مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف المعرض ستُعزز التواصل الثقافي والمعرفي من خلال التعريف بالإرث الأدبي والثقافي العُماني عبر إصدارات وندوات وجلسات حوارية وعروض فنية وموسيقية، وعروض تُبرز ما تشهده سلطنة عُمان بقيادة السُّلطان هيثم بن طارق من تقدم عصريّ في مختلف مناحي الحياة.
ولفت الوزير العماني في ختام تصريحه إلى أهمية المناشط والمحافل الثقافية، ومن بينها معارض الكتب لدورها في تحسين وتعزيز قيم السلام والتفاهم ودعم دور النشر والأدباء والمفكرين وتبادل الخبرات بينهم ونشر ثقافة القراءة والمعرفة.
وتشارك سلطنة عُمان بأكثر من ٥ آلاف عنوان في المعرض في مختلف أنواع المعرفة عبر مشاركة ٢٢ مؤسسة حكومية وأهلية ومؤسسات المجتمع المدني.
وتعرض سلطنة عمان في جناحها الرسمي إصدارات متنوعة تقرأ المشهد السياسي والثقافي والاقتصادي في عُمان يبدأ بعضها من مئات السنين عبر مخطوطات نادرة تقتنيها دار المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب إضافة إلى وثائق تاريخية قديمة تعود إلى مئات السنين ما يعكس عراقة الحضارة العمانية ومنتجها الثقافي. وخُصص ركن لوزارة الإعلام ضمن الركن الرسمي لسلطنة عمان وتعرض فيه الوزارة أهم إصداراتها السياسية والثقافية والمعرفية. وعند مدخل الجناح العماني يجد الزائر الأعداد الأولى من جريدة عُمان والتي تتضمن أخبارًا وتقارير صحفية تعود إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي ومواقف سلطنة عمان الداعمة لمصر في حرب أكتوبر، كما تكشف عن وتيرة التغيرات التي عاشتها سلطنة عمان في مرحلة فاصلة من مراحل تاريخها الحديث.
كما خصص ركن للموسوعة العمانية في نسختها الأساسية ونسخة الأطفال، وكانت الموسوعة محط سؤال الكثير من وسائل الإعلام في اليوم الأول من المعرض باعتبارها إنجازًا حضاريًا عمانيًا مهمًا.
واعتبر السفير عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية أن حضور عُمان ضيف شرف في معرض القاهرة الذي يعدُّ ثاني أكبر معرض في العالم يدل على مكانة الثقافة العمانية في الوجدان العربي ودورها الريادي في رفد الحضارة الإنسانية. وأشار السفير إلى أن المشاركة العمانية ثرية بالمضامين عبر المحتوى الذي تقدمه سواء في الجناح الرسمي أو في أجنحة دور النشر والمكتبات العمانية ما يعكس الإبداع العماني عبر التاريخ إضافة إلى الإبداعات الحديثة التي أثرى بها العمانيون كل أنواع المعرفة.
واعتبر الرحبي أن الاحتفاء المصري بمشاركة سلطنة عُمان دليل أولًا على العلاقات المتينة بين البلدين على المستوى الرسمي والشعبي إضافة إلى قدرة الثقافة العمانية على الوصول إلى الآخر العربي والتأثير فيه وهذا مهم جدا ليعرف كل رواد معرض القاهرة للكتاب عن الثراء الفكري العماني. وقال الرحبي: إن عُمان تقدم تجربتها في المعرض عبر الحوارات الثقافية التي ستقام طوال أيام المعرض ضمن البرنامج الثقافي الكبير الذي تشارك به سلطنة عمان، معتبرًا أن الحوار يتأسس بالكلمة وهذا ما سيكون حاضرًا في الجناح العماني.
وشكر سفير سلطنة عمان بالقاهرة وزارة الثقافة والرياضة والشباب والوزارات الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني على الدور الذي تقوم به في التعريف بالثقافة العمانية والمثقفين العمانيين سواء في معرض القاهرة أو في معارض الكتاب العربية والعالمية التي تشهد حضورًا عمانيًا فاعلًا.
واحتفى الإعلام المصري بمشاركة سلطنة عُمان في المعرض وبجناحها معتبرين المشاركة تتويجًا للثقافة العمانية في القاهرة التي تحتفي بالثقافة العربية في معرضها الذي يخرج عن كونه مكانًا لبيع الكتب إلى واحدة من أهم المنصات الثقافية في العالم العربي. ونظمت سفارة سلطنة عمان اليوم حفل استقبال للوفد العماني المشارك في المعرض وحضره شخصيات مصرية وعربية رسمية وثقافية، كما حضره جمع من رجال الإعلام.
ويفتح معرض القاهرة الدولي أبوابه اليوم أمام الجمهور ويدشن برنامجه الثقافي الذي يتضمن أكثر من ٦٠٠ فعالية رسمية إضافة إلى مئات الفعاليات التي تنظمها دور النشر وحفلات التوقيع وتدشين الكتب.
ويبدأ برنامج سلطنة عُمان الثقافي اليوم بندوة عن «العلاقات العمانية المصرية الحديثة.. مرتكزات ومواقف» يشارك فيها الدكتور عبدالمنعم الحسني والدكتور علي الدين هلال والدكتور صابر عرب والدكتور علي العيسائي. وتناقش الندوة العلاقات العمانية المصرية عبر استقراء الكثير من المواقف السياسية والشعبية التي انعكست على مسارات البلدين والتعاون بينهما في مختلف المجالات السياسية والثقافية والإعلامية والتربوية وكذلك تبادل الأفكار حول المشاريع المعرفية.
وتشارك في معرض القاهرة ٨٠ دولة من مختلف قارات العالم و١٣٤٥ دار نشر بشكل مباشر و٦١٥٠ عارضا وجمع كبير من المفكرين والمثقفين من مختلف دول العالم الذين يناقشون قضايا الفكر والسياسة والدبلوماسية والتحولات التي يشهدها العالم عبر رؤى تأتي من مسارات وخلفيات ثقافية ومعرفية مختلفة.