لم تكن عصا موسى، مجرد عصا عادية تساعده على السير وهش الأغنام بل هي عصا نقلت للناس رسائلا إلهية في صورة معجزات وآيات بينات تنتظر التأمل والتدبر من الإنسان الباحث على طريق التقوى والإيمان ..
**عند تلاوة القرآن الكريم يجب على المؤمن التدبر فى المعانى السامية للآيات الكريمة.. وتناسقها الفريد تدخل إلى النفس والقلب والوجدان بكل ما هو رشيد ومفيد.. كذلك عند الاستماع إلى آيات الذكر الحكيم فى مسجد أو عزاء أو بالمنزل وكل مكان طاهر.. الاستماع بانصات تام.. وهذه العلاقة بين المؤمن والكتاب الحكيم تعلو وتنمو إلى أعلى الآفاق ليفتح الله سبحانه وتعالى علينا بنعمة السلوك الصائب.. والحل المفيد الذى منه تتوارى متاعب الدنيا وآلامها.. ليجدد الإنسان النفس بالتفاؤل والأمل بالوصول إلى أعتاب الجنات.
**لذلك يبدو طبيعياً أن تتجدد النفحات عندما يتأمل المؤمن ما فتح الله به عليه من خلال الآيات المباركات.. ليس أبداً لغرض مادي.. بل لوجه الله الكريم.. وتحت هذه المظلة نتحدث اليوم مرة أخرى عن عصا موسى عليه السلام.. وما غرسه الله بها.. من معجزات ومواقف ترضى الباحثين عن اليقين.. فاعلى الخير.. اعداء الشيطان.. لأن حزب الله هم الغالبون بإذنه ورضاه.
**عصا موسى فى ظاهرها مجرد فرع من شجرة.. ربما لا نعلم نحن سكان الأرض هذه الأيام من أين جاءت.. ولكن لدينا خط البداية ارادها موسى ليهش بها علي غنمه.. ومآرب أخرى ليست موضع حديثنا هذا.. نحن نتحدث عن المعجزات التى كانت العصا وسيلتها.. وأغراض متعددة من ضمنها اقناع فرعون المتكبر بالدين الحق ورفع الممارسات العدائية الظالمة ضد بنى إسرائيل وارسالهم مع موسى عليه السلام.
البشائر المباركة بدأت بعد سؤال الخالق العليم لعبده موسى عن العصا عندما تجلى له فى الوادى المقدس فى البقعة المباركة.. وطلب العبد الفقير من الله سبحانه أن يتجلى له.. بعدها تحولت العصا وكأنها جان.. تصدع الجبل من مشيئة الله.. أغمى على موسي.. لكن الله طمأنه وطلب منه ان يحمل عصاه.
**وكانت الفكرة التالية.. أن أصبحت العصا السند المباشر له فى الرد العملى على تجمع أبرز السحرة الذين جمعهم رجال فرعون من كل البلاد.. تحولت العصا إلى حية ضخمة التهمت سحرهم وحبالهم التى تحركت كالأفاعي.. أمام هذه المعجزة أعلن السحرة إيمانهم بالله الواحد الصمد.. ولم يأبهوا بتهديد فرعون لهم بالقتل والصلب.. لأنهم فعلوا ذلك بكل الجوارح والفؤاد دون استئذان.. واتهمهم بالاتفاق مع موسى كبيرهم كما قال.
**بعدها وعندما اضطر موسى للرحيل وبنو إسرائيل.. بعيداً عن مظالم ومذابح فرعون الذى وصفه القرآن الكريم بأنه من المتكبرين المفسدين واحتاجوا خلال رحلتهم للماء.. أوحى الله سبحانه وتعالى إلى موسى عليه السلام.. بأن يضرب بعصاه الحجر.. فأنشق وانبثق منه اثنتا عشرة عيناً ليشرب كل فصيل من التى تخصه.. وكانت معجزة أخرى وسيلتها العصا المباركة.
**وعندما صادف موسى وقومه عقبة البحر أثناء مطاردة فرعون وهامان وجنوده لهم.. أوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن أضرب بعصاك.. فأنشق البحر ليظهر على سطحه طريق يابس آمن.. عبر منه الجميع إلى الضفة الأخري.. بينما سقط فرعون وجنوده فى البحر.. ولاقوا مصيرهم غرقاً.. بينما أعلن فرعون فى اللحظات الأخيرة.. إيمانه وأنه أصبح من المسلمين ونجا ببدنه من الغرق ليكون آية للعالمين.. فضلاً من الله سبحانه وتعالي.. ورسالة راسخة.. ان الله لا يحب الظالمين.. أو المفسدين.
وتبقى الدروس تتجدد أمام الأجيال من البشر على مر السنين.. وحتى يوم اللقاء العظيم.. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
