الفيلم بطولة زكي رُستم ومحمود المليجي ،إخراج كامل التلمساني تأليف جليل البنداري ،يحكي الفيلم حياة طبيب يعاني الفقر ،ويعاني من إيراداته القليلة التي يجنيها من وراء عيادته الخاصة ، فظهر له إبليس الذي يمثل الشر ،ليغويه فيسدد ديونه ويحول حياته من الضيق إلي حياة الرغد ، والمقابل هو تغيير الولاء إلي ابليس المتمثل في شخصية نبيل ،والتي يجسدها الفنان محمود المليجي،فلم يكتفي نبيل الإبليس في تحويل حياة الطبيب إلي الرفاهية والغني، بل أوهمه بمنحه القدرة علي معرفة الموت ،وقراءته علي جبين مرضاه المترددين علي عيادته .
قصة الفيلم فلسفية من الطراز الأول ، فإذا تناولنا الفيلم بالتحليل والنقد ، سنكتشف ،بأنه يمكن للإنسان بأن يصادف الشر مرتدياً ثوب الفضيلة ، فلقد جاء إبليس في الفيلم مُجسداً لشخصية تَدّعي أنها طوق النجاة للطبيب ،وسوف ينتشله من الفقر القعيد عنده ، وأسمه نبيل وهو بعيد كل البعد عن النُبل والفضيلة ، ومن زواية أخري الطبيب “زكي رستم “الذي يمثل البشر بشكل عام ، قد أستسلم لغواية ومغريات الشيطان ، وتصديقه الأوهام ، رغم انه طبيب مُتعلم وعلي قدر عالي من العلم ، وهذا إن دل علي شيئ يدل علي أنه يمكن للشر ان يوهم الإنسان الواعي المثقف ،قبل الإنسان البسيط فكرياً ، وكيف يفضح الجانب المظلم في الإنسان .
ومن الزاوية الخُلقية سنجد إستجابة الطبيب لإبليس في هذا الفيلم ، يُظهر الأنانية المفرطة لدي الإنسان ، التي تمنعه من يحقق معني الإنسانية التي تناشد مبدأ الإيثار وحب الخير للغير ، نكتشف بأن الطبيب “زكي رُستم” أراد تحقيق الغني السريع والرفاهية والمكانة الإجتماعية والشهرة ،علي حساب إنسانيته ، فقد تخلي عن مبادئه رغم تصحيح مساره في نهاية الفيلم ورجوعه لعقله والإعتراف بخطئه ،إلا ان ذلك لا يمنعنا من تسليط الضوء علي الجانب المظلم للإنسان ،وشهوته الجامحة في تحقيق أكبر قدر ممكن من لذات ومغريات الدنيا من شهرة ومال وسلطة ،حتي إن كان ذلك بأسلوب منافي لمبادئ الإنسانية ، فتلك القصة تعلمنا مدي سطوة الماديات علي حياتنا .
من وجهة نظرنا مهما حَل علي الإنسان من أزمات ،عليه التمسك بالفضائل ومبادئه ،ويمكن أن نستخلص عدة أفكار فلسفية من وراء هذا الفيلم ، مثل لغز الموت ، الإنسان المُتناقض ، فلسفة الشر ، أنانية الإنسان ، الوهم ،تأنيب الضمير .
وبذلك يكون فيلم “موعد مع إبليس “أحد الإنتاجات السينمائية الفلسفية ،الهادفة التي تناقش صراع الإنسان بين العلم والإيمان .
