منذ أن سمعت عن مصطلحات الحكم والأمثال والأقوال المأثورة وأنا صغير، كان يجول بخاطري تساؤل دائم هل لهم نفس المعنى؟ وما الفرق بينهما؟ ووجدت أيضا خلطا كبيرا بينها وبين كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فأردت الاطلاع والدرس لتجنب هذا الخطأ الفادح.
والموضوع ليس بصعب ويُفهم من شكل الكلمة معناها، فالحكم هي: أقوال حكيمة أخذت من حكماء أو استخلصت من مواقف واستشهد بها للتعبير عن الحكمة وتغليب العقل والمنطق، أما الأمثال والأقوال المأثورة فهما متشابهان بشكل قوي حيث إنهما يعبران عن أقوال وتعابير قيلت في مناسبات ومواقف مختلفة بغض النظر عن حكمتها أو صدقها ولكن هى مواقف وأفعال يمكن الاستشهاد بها أيضا في مواقف وأفعال مشابهة لها.
الشاهد في القول أن الحكم هي حكيمة ويمكن الارتكان لها والأخذ بها في تسيير أمور الحياة، أما الأمثال والأقوال المأثورة فهي دلالات عن مواقف يمكن أن تكون غريبة ومشبوهة، والحكمة لا تقبل الشك فيها، أما الأقوال المأثورة ففيها الكثير من المغالطات التي تجعلنا لا نشك فقط في صدقها بل نؤكد على ذلك.
والحق أن على مدار سنوات العمر وكثرة الخبرات والمواقف التي نمر بها نتعرض لكثير من المواقف التي نسمع فيها حكم وأمثالا وأقوالا مأثورة ولا نعرف الفرق بينها، ومن الأخطاء الشائعة جدا بل وهي مصيبة المصائب أن كثيرين يختلط عليهم الأمر ويعتقدون أن هذه الأمثال أو الحكم هي أحاديث أو آيات قرآنية وهذه هي الطامة الكبرى.
منذ نشأ وعيي على الثقافة والقراءة كنت أرتاد المكتبات المدرسية والعامة وأحب استعارة الكتب وكنت لا أنام إلا بعد القراءة، وفي المكتبة العامة وقع نظري على مرجع مهم جدا وهو كتاب «الحكم والأمثال الشعبية»، والشيء بالشيء يذكر وجدت معه أيضا مرجعا قيما جدا ولأنه يتشابه معه في المضمون كانوا لجوار بعضهما البعض على رف المكتبة وهو كتاب «أساطير إغريقية» وكانت هناك مراجع وأمهات كتب عن هذا الموضوع ولأن المراجع لا تعار بذلت جهدا كبيرا في الذهاب للمكتبة للاطلاع عليها، ولكني وجدت كتبا خارجية عن الموضوع واقتنيتها، وكنت مشدوها ومسحورا بما أقرؤه، وكنت أنصح الكثير من الأصدقاء بمطالعة هذه الكتب، وخاصة لمعرفة الفروق بين الحكم والأمثال والأقوال المأثورة ومعرفتها ومعرفة المناسبات التي قيلت فيها، والشاهد عليها وأي المناسبات التي تطلق فيها، والأهم هو التفرقة الكبرى بينها وبين الأحاديث والآيات القرآنية لما وجدته بعد البحث من مغالطات وأخطاء شائعة كثيرة بينها، لذا كان لزاما علي أن أطلع أيضا على المراجع التي تجمع فيها الأحاديث النبوية وهي أيضا كثيرة ومختلفة وفيها ما هو صحيح وما هو ضعيف وهو مجال آخر أكثر أهمية، لذا وجب على كل مسلم أن يطلع عليه، أما القرآن الكريم فهو كتابنا الذي كتب علينا، وقراءته وفهمه حق علينا ومع ذلك للآن نخطئ كثيرا في معرفة الآيات من الأحاديث النبوية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد قولا مأثورا مثل: «المساواة في الظلم عدل» وهو أكثر ما تعرضنا له ونحن طلبة حيث كان المعلم عندما يريد عقاب أحد ولا يعلم من المخطئ، ونحن بدورنا لا نريد أن نفتن «فالفتنة أشد من القتل»، فنلتزم الصمت فيعاقب الجميع مستشهدا بهذا القول، الذي هو ليس بحكمة ولا مثل ولكنه قول مأثور وخطأ فكيف للمتضادات أن تتساوى، كيف يستوي الظلم مع العدل والخير مع الشر؟.
وكثيرة هي النماذج على ذلك وكما قلت الطامة الكبرة في من يلصق الأقوال بالقرآن والسنة كقول «الجنة تحت أقدام الأمهات» فالمعنى صحيح ولكن القول خطأ فالحديث الصحيح قول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) عندما سأل رجلاً وقال له: ألك أم؟ فقال: نعم، فرد عليه النبي بقوله: «الزمها، فإن الجنة عند رجليها».
لذا فلتكن هذه الدعوة الصادقة المخلصة للجميع اطلعوا واستوعبوا وتفقهوا جيدا القرآن الكريم وآياته والسنة النبوية الشريفة وأحاديثها، وحاولوا قدر الامكان الاطلاع على الحكم والأمثال والأقوال المأثورة لعلكم تجدوا فيها جواهر مضيئة، ولعلكم لا تقعوا في أخطاء الخلط بينها..
Omarfawzi3041966@gmail,com