كل أنواع الحروب حروب مخيفة، إلا أن الحرب البيولوجية أبشعها، فهى تستهدف الجميع مدنيين وعسكريين ولا تفرق بينهم، ومما يزيد الحرب بشاعة أنك لا ترى خصمك ولا تشعر به لتتهيأ له فى اللحظة المناسبة، بل تتم مباغتتك، وقذارة تلك الحرب تتمثل أيضا فى أن الدول التى تطلق هذا النوع من الحروب تستطيع أيضاً التحكم فى تصنيع الأدوية المضادة واللقاحات والأمصال مما يجعل الأمر يتحول إلى مافيا تتصارع فيها شركات الأدوية العملاقة ويدير لوبى هذه الشركات صحة مواطنى العالم على هواه وطبقا لمصالحه الاقتصادية التى تعلو فوق كل مصالح البشر الذين يسكون مناطق الكرة الأرضية.
البعض منا مهووس بنظرية المؤامرة. الهوس بنظرية المؤامرة أصبح هاجس عالمي. انتشار الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة مثل هاجسا كبيرا لبعض الناس عندنا.
هناك ادعاءات من البعض قائلة بأن وباء الكورونا مؤامرة وصناعة صينية، ومؤامرة تحاول من خلالها الصين تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، هو ادعاء يرد عليه بأن القيادة الصينية تدرك جيدا أن السيطرة على شعب تعداده نحو مليار ونصف المليار ليس بالأمر الهين، وأن شرعيته في الحكم أساسها تحقيق النمو الاقتصادى وتوفير الرفاه للشعب، والشعب بالمقابل يدرك جيدا أنه يضحى بكثير من الحريات المدنية والسياسية مقابل ذلك.
أما الحديث عن مؤامرة أمريكية لضرب أعدائها أيضًا مردود عليه بأن ما تعرضت له الصين، وهى تشكل التحدى الرئيسى لأمريكا، طالت آثاره العالم كله بما فيه أمريكا ذاتها، حتى قبل أن ينتشر الفيروس في بقية أنحاء العالم. خسارة الصين الحالية تنعكس آثارها الوخيمة على غالبية دول العالم التى بينها وبين الصين تمثيل تجارى يدفع عجلة الاقتصاد فى تلك الدول التى تصدر للصين وتستورد منها، وربما كانت دول “الفلبين، تايلاند، هونج كونج، تايوان، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا، أستراليا، اليابان، كوريا” هى الأكثر تضررا جراء تلك الأزمة
كذلك القول بأن هناك استفادة أمريكية في ضرب الاقتصاد الأوروبى ومنطقة اليورو هو أيضا رؤية قاصرة، لأنه كما رأينا ونرى فإن الجميع بلا استثناء يدفع الثمن.
الأمر الأكيد أن هذا الفيروس هو كارثة حقيقية تضرب العالم بكل أجزائه، وسوف يدفع الجميع الثمن. وأعتقد أن هذا الفيروس ليس هو المسؤول عن هذه الكوارث التي سنعانى منها طويلا، لكن المسؤول الرئيسى هو تلك الحالة من الجنون التي اجتاحت العالم شرقه وغربه، الذي تمثل في رد الفعل الشديد. وأظن أن الثمن الاقتصادى الذي سوف يدفعه كل البشر سيكون هو الضربة الأكبر من آثار الفيروس نفسه.
يجب علينا احترام والالتزام بكل الإجراءات والمعايير التي أقرها العالم وتلتزم فيها الدولة هنا بشكل كبير.
عميد طب المنيا السابق