وهبنا الله الكثير من النعم التي لا تحصى ولا تعد فمنذ ولادتنا ونحن غارقين في نعم الله
ولكن هناك نقطة فاصلة في حياتنا اخفاها الله علينا لكي تضاف إلى رصيد نعم الله علينا وهي ميعاد وفاة كل واحد منا
تخيل اذا كان كل شخص فينا يعلم ميعاد وفاته؟
لا لن ادعكم تتخيلوا فسوف نحكي حكاية شخصية حرمت من هذه النعمة عندما أخبرها الأطباء انها ليس امامها في الحياة سوي ساعة وكان هذا عندما ذهبت للطبيب واخبرها (عفوا سيدتي عجزت حلول الأرض والباقي من زمن عمرك ساعة)
بدأت أحداث القصة عندما كانت السيدة سهام سيف والتي تبلغ من العمر 40 عاما متزوجة ولديها ولد وبنت، أمرأة عاملة يملئها النشاط والحيوية مثلها مثل أي سيدة مصرية يقع على عاتقها عبئ كبير فهي تتحمل الأعمال المنزلية ومسؤولية أولادها كما أنها أمرأة ناجحة في الحياة
ومن وقت لآخر كانت احيانا تشعر بتعب بسيط ولكنها كانت لا تبالي وتتناول أقراص مسكنة لآلام الصداع التي كانت لا تفارقها
ومع تكرار هذا الشعور بالألم نصحتها ابنتها للذهاب إلى الطبيب لكي تطمئن
وبالفعل ذهبت إلى الطبيب بعد مدة كبيرة وطلب منها إجراء تحاليل وبعض الأشعة المقطعية على المخ
وهنا بدأت سهام تشعر بالقلق
ورفضت أن تقوم بإجراء الأشعة، ولكن بدأ الألم يشتد عليها فقررت الذهاب لإجراء الفحوصات والأشعة
وبعد أن انتهت منهم توجهت إلى الطبيب الذي كان في دهشة من سر تأخرها عليه
وعند النظر في الأشعة والتحاليل قال لها الطبيب (عفوا سيدتي الباقي من الزمن ساعة)
قالت له سهام هل ستغلق عيادتك بعد ساعة وعليا ان اقوم بتأجيل موعد الكشف مرة أخرى؟
قال لها لا يا سيدتي ولكنني أخبرك انك ليس أمامك من العمر سوي ساعة
وهذه أغرب حالة قابلتها في حياتي العملية، لماذا اخترتي هذا التوقيت فهو وقت الاحتضار، فأنا أرى جميع أعضاء جسمك لا تعمل واتعحب من انكي مازالتي على قيد الحياة، فمثل حالتك يكون الآن خاضع على أجهزة التنقس الصناعي
ضحكت سهام وقالت إنها بقية نعم الله عليا أراد أن يمنحني ساعة من العمر هدية لعلي استطيع ان اقوم بعمل ما كان يجب أن اقوم به بقية حياتي اسمح لي أيها الطبيب ان انصرف فليس أمامي وقت
نزلت سهام من عند الطبيب والدموع تنهمر من عينها تتذكر ايام الطفولة وأيام الشياب وتتذكر أبنائها فهم في أشد الحاجة إليها
قابلت فتاة تعمل بإحدى المحلات ووجدتها تبكي سألتها ما سر بكائك قالت
انا فتاة يتيمة أبلغ من العمر ٣٣ سنة ولم اتزوج حتى الآن لقد رفضت الزواج من أجل أبي وأمي لكي اكون معهم بقية حياتهم واتولي رعايتهم وعندما توفوا عيشت وحيدة انا خريجة كلية تجارة انحلش أجيد العمل ولكني لا أجيد النفاق وغير طامعة في أموال يكفيني ما يجعلني اعيش حياة كريمة ولدي امل ان يرزقني الله دائما بعمل الخير فهذه دعوتي في صلاتي كل يوم واذا رزقني الله بالمال ساقوم بأنشاء دار لرعاية الأيتام والمسنين
قالت لها سهام لقد استجاب الله لدعواكي وسيرزقك بالدار والزوج والأطفال الأيتام قالت لها الفتاة كيف يا سيدتي؟
أجابت سهام لانكي ستصبحين زوجة لزوجي وأم لابنائي
تعجبت الفتاة لما تسمعه وقالت لها سهام ليس أمامنا وقت للحيرة والدهشة سأخبرك كل شئ ونحن في الطريق فليس أمامنا سوي اقل من ساعة
وفي الطريق إلى منزل سهام أخبرت سهام الفتاة بقصتها وطلبت منها ان تتزوج زوجها بعد وفاتها وتتولي رعاية أبنائها وقالت لها لقد منحني الله اليوم نعمتين
الأولى انني عرفت ميعاد وفاتي ومن وقتها وانا استغفر الله واتوب اليه
أما النعمة الثانية فهي مقابلتي لكي فأنت خير من يكمل مسيرتي في الحياة وانا الان اذا توفني الله بالفعل سأكون مطمئنة على ابنائي وبيتي
بكت الفتاة كثيرا على حالة سهام
وكادت ان تنغطر من البكاء لما تسمعه
وقالت لها سهام لا وقت للدموع
انتي الآن ذاهبة إلى حياتك الجديدة التي اختارها الله لكي بعد طول معناة
وانا الحمد لله قد منحني الله كرم ما بعده كرم
دخلت سهام إلى المنزل َقدمت الفتاة لزوجها وابنائها
وقالت لهم أنها صديقة لي من فترة كبيرة وهي احن قلب قابلته في حياتي
وتركت الفتاة مع أبنائها، ودخلت هي وزوجها غرفتهم أخبرته بكل شئ ورغبتها ان تصبح هذه الفتاة مكانها بعد وفاتها
انهمر الزوج في البكاء وقالت له لا تبكي يا حبيب العمر
فالعمر انتهى بين يديك والحمد لله ان اخر ما شهدته في الحياة هي عينيك
وفارقت سهام الحياة ولكن الحياة لم تقف وأعطت للفتاة فرصة ان تكون مكان سهام وتراعي أبنائها وتكون زوجة صالحة لزوجها