ثم..
أربعون عمرا من وجع..
وأنا أتداعى، بكل هذه الغزارة..
وبكل هذا الاندفاع..
أنهارُ بعنف شديد..
لا أملك جسارة الرفض..
ولا أستطيع العودة إلى نقطة الصفر..
يخذلني قلبي كل مرة، فأعود منكفئا..
ثم أتساءل باستغراب.. أي مشاعر تلك التي تقتل صاحبها بكل هذا البطء والتلذذ؟!..
… وبكل هذه الحماقة والغباء..
أخبرني..
ماذا يفعل الطيبون حينما تغلق في وجوهم الأبواب، سوى الرحيل؟!..
ماذا يستطيعون؟!.. وأي شيء يملكون؟!..
لا شيء.. مجرد لا شيء..
هل يمكنك أن تحك جلدك حتى، ويداك موثوقة..
فماذا عن القلب وهو في كنف السلاسل..
يُطعن.. ثم يُطعن.. لا حول له ولا حيلة..
أعلم جيدا أنني أتوسل فراغا مهولا حين أنادي..
أسألك السماح..
كنت أظنه يحمل بين جنباته قلبا..
لماذا يتوجب على الشاطئ دائما أن يتحمل قسوة الموج..
وكل الذنب الذي اقترفه.. أنه احتواه..
نحن الجرحى.. لماذا فرض علينا أن نخوض تلك الحرب مرغمين؟!..
أي حب هذا؟!..
بل، أي حزن هذا؟!..
وأي شرع قد يسلب الحياة.. ممن وهب الحياة؟!..
عذرا.. لا حياة لمن تنادي..
فاحمل خيباتك وابتعد..
وفي خلدي.. ذكرى وجع..
أقيم له عرسا كل ليلة..
أمد موائد الصبر.. حتى تنقطع الأنفاس..
حتى آخر زائر..
ثم أعود آخر الليل جائعا..
فمن تعلم أن يكسر من أقام قلبه، ولملم شتات روحه..
لن يصعب عليه أن يلقيه لقمة سائغة في فم النسيان..
ثم يمضي،،،،
وكأن شيئا لم يكن..
تتوسدني الطرقات الخالية، حين تنقطع الأقدام..
وأنا المزدحم.. المثخن بكل هذه الندوب..
المثقل بزلات الشوق..
المكسور حتى الفتات..
تناديني.. ألا تمد بساط الروح قليلا؟!..
فقد أرهقتنا خطى العابرين إلى الضياع..
ومن عجب أن أفعل..
…. ثم لا يسمح لي بالمرور..
من أي مجهول إذن.. قد أبتاع جوازا وتأشيرة..
هناك..
لا أعرف أين..
لكنه خلف نهاية الحزن، الذي لا أعرف أين ينتهي..
عمر لم أعشه..
فكيف أصل إليه، وكل الذي هنا.. ذلك الموت؟!..
يتكاثر.. ثم يتكاثر..
ألا يكفي موت واحد..
حُق لك، فقد شطرت قلبي..
كيف يقضي عليه موت واحد..
تلك الرسائل القديمة، لم تعانق سلال مهملاتي بعد..
هي تمائم جيدة للرحيل دون وعي..
كل الذي أفعله..
هو أن أستقل قطار الأمس، وأنسى المحطة..
وأحفظ جيدا ملامح المسافرين..
من أقصى، إلى أقصى..
لعل أحدهم أنا..
ثم..
يفوت العمر، ويفوت..
أغرق في ذلك الماضي البعيد..
لكنهم لا يسمحون لي أبدا، أن أطرق أبواب البكاء..
يزعمون أنه لا بكاء دون دموع..
ربما نسوا أننا نبكي ونحن نبتسم..
لا شيء يضمد جراح الأعماق سوى أن نتركها تنزف..
فلتفعل إذن..
النزف أيضا دموع..
لكن بلون آخر..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..