سرطان الثدي هو أشيع أنواع السرطان بين النساء إذ يمثّل 16% من جميع السرطانات التي تصيب النساء في جميع أنحاء العالم المتقدم، وفي ارتفاع عن ذلك في البلدان النامية، حيث لا يتم تشخيص معظم الحالات فيها إلاّ في مراحل المرض المتأخّرة، فمعظم (69%) الوفيات الناجمة عنه تحدث في البلدان النامية نتيجة زيادة متوسط العمر وزيادة التوسّع العمراني واعتماد أنماط الحياة الغربية. وجود خلفية أسرية لسرطان الثدي من الأمور التي تزيد من مخاطر الإصابة به بنسبة الضعف أو ثلاثة أضعاف. ويعد ثانى أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين المصريين، ونسبته تصل لـ35% من إجمالى إصابات السيدات بالأورام فى مصر حسب الإحصائيات والدراسات العلمية التي صدرت في عام 2018، ويحتل المرتبة الأولى من الإصابات السرطانية عند المصريات.
المرض عبارة عن انقسام خلايا أنسجة الثدى ونموّها دون الخضوع لأنظمة التحكم الطبيعية فى الجسم، وقد تغزو هذه الخلايا النسيج المحيط بالثدى، كما يمكن أن تنتقل لأجزاء الجسم عن طريق الدم أو الجهاز الليمفاوى إذا لم يتم علاجها. لا يعلم أحد ما مسببات سرطان الثدى، ولا توجد طريقة لمنع الإصابة به حتى الآن، ولكن ما نعلمه أن اكتشاف المرض مبكراً، يعطى خيارات متعددة فى العلاج، وتزيد الفرصة للشفاء منه بشكل كبير، ويشكل ثلث حالات السرطان بين النساء، كما يعتبر أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين السيدات فى البلدان العربية، ونظراً لانخفاض الوعى بين السيدات بأهمية الحفاظ على صحة الثدى واتباع خطوات الفحص والاكتشاف المبكر، ترتفع نسبة اكتشافه فى مراحل متأخرة على الرغم من إمكانية تحقيق أعلى نسبة شفاء قد تصل لـ98% حال اكتشافه مبكرا. المرض يصيب الرجال مثل السيدات، فأثبتت الإحصائيات بالولايات المتحدة الأمريكية أن النساء معرضات للإصابة أكثر من الرجال، والمعدل يستقر عند إصابة رجل لكل 135 امرأة.
تؤدي بعض الطفرات الجينية، ولاسيما الطفرات التي تحدث في BRCA1، وBRCA2، وp53، إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان الثدي بشكل كبير. غير أنّ تلك الطفرات نادرة الحدوث ولا تمثّل إلاّ نسبة ضئيلة من العبء الإجمالي الناجم عن هذا المرض.
وعلى الرغم من إمكانية إسهام الاستراتيجيات الوقائية في الحدّ من بعض مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، فإنّ تلك الاستراتيجيات لا تمكّن من التخلّص من معظم حالات ذلك السرطان التي تظهر في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل حيث لا يتم تشخيص هذا المرض إلاّ في مراحل متأخّرة. وبناء عليه فإنّ الكشف المبكّر وتحسين معدلات بقيا مرضاه يظلّ حجر الزاوية لمكافحة هذا المرض.
وتتمثّل استراتيجيتا الكشف المبكّر التي توصى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل بانتهاجهما في التفطّن إلى العلامات والأعراض الأولى، وفحص الثدي بالطرق السريرية في أماكن العرض المخصّصة لهذا الغرض. أمّا تصوير الثدي الشعاعي فهو مكلّف للغاية ولا يوصى باللجوء إليه سوى في البلدان التي تمتلك بنية تحتية صحية جيّدة والتي يمكنها تحمّل تكاليف تنفيذ برنامج على المدى البعيد.
ويجب على كثير من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل التي تواجه العبء المزدوج المتمثّل في سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي الاضطلاع بتدخلات توليفية عالية المردود وزهيدة التكلفة من أجل التصدي لهاذين المرضين الذي يمكن توقيهما إلى حدّ كبير.
من أهمّ عوامل الاختطار المرتبطة بسرطان الثدي العوامل الإنجابية الناجمة عن التعرّض المطوّل للأستروجينات الداخلية، نتيجة أسباب عدة منها، مثلاً، بدء الإحاضة في سنّ مبكّرة وتأخّر سنّ اليأس وتأخّر سنّ الإنجاب الأوّل. وتزيد الهرمونات الخارجية أيضاً من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. كما تتعرّض النساء اللائي يستخدمن موانع الحمل عن طريق الفم والنساء اللائي يخضعن لمعالجة استبدال الهرمونات، أكثر من غيرهن، لمخاطر الإصابة بهذا المرض. والجدير بالذكر أنّ الرضاعة الطبيعية تسهم في حماية النساء من هذا السرطان.
وقد تولى داناي وزملاؤه (داناي وزملاؤه، 2005) تقدير درجة إسهام عوامل اختطار متنوعة يمكن تغييرها، باستثناء العوامل الإنجابية، في العبء الإجمالي لسرطان الثدي. وخلصوا إلى أنّ 21% من مجموع الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي في جميع أنحاء العالم مردّها تعاطي الكحول وفرط الوزن والسمنة والخمول البدني. وتلك النسبة كانت أعلى في البلدان المرتفعة الدخل (27%)، حيث مثّل فرط الوزن والسمنة أهمّ العوامل. أمّا في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل فإنّ نسبة حالات سرطان الثدي المرتبطة بعوامل الاختطار المذكورة ناهزت 18%، علماً بأنّ الخمول البدني مثّل أهمّ العوامل (10%).
ويمكن تفسير الاختلافات القائمة في معدلات وقوع سرطان الثدي بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، جزئياً، بآثار النُظم الغذائية، وتأخّر سنّ الإنجاب الأوّل، وانخفاض مستويات التعادل بين الجنسين، وتقلّص فترة الرضاعة الطبيعية (بيتو، 2001). ومن أهمّ العوامل التي تسهم في زيادة معدلات وقوع سرطان الثدي في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل النزوع المتنامي إلى اعتماد أنماط الحياة الغربية في تلك البلدان.
هناك أسلوبان للكشف المبكّر عن المرض هما:
• التشخيص المبكّر أو التفطّن المبكّر إلى العلامات والأعراض لدى الفئات التي تظهر عليها أعراض المرض من أجل تيسير التشخيص والعلاج في المراحل المبكّرة.
• الفحص المتمثّل في تطبيق اختبار منهجي على فئة يُفترض أنّها عديمة الأعراض. والغرض من هذا الفحص هو تحديد الأشخاص الحاملين لشذوذ يوحي بإصابتهم بالسرطان.
ومن العوامل الأساسية لنجاح الاستراتيجية السكانية للكشف المبكّر عن الحالات، أيّا كان الأسلوب المنتهج، وضع خطط دقيقة وتنفيذ برنامج مستدام ومحكم التنظيم يستهدف الفئة السكانية المناسبة ويضمن تنسيق الإجراءات واستدامتها وجودتها على جميع مستويات الرعاية. ذلك أنّ استهداف الفئة العمرية غير المناسبة، مثل الفتيات غير المعرّضات بشدّة لمخاطر الإصابة بسرطان الثدي، من الأمور التي يمكن أن تؤدي إلى انخفاض عدد حالات سرطان الثدي التي تُكتشف لدى النساء اللائي يخضعن للفحص وتؤدي، بالتالي، إلى خفض مردودية ذلك الفحص. ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي استهداف الفئة غير المناسبة إلى تقييم المزيد من الأورام الحميدة، ممّا يتسبّب في إجهاد مرافق الرعاية الصحية بدون داع نظراً لاستخدام موارد التشخيص الإضافية. (إيب وزملاؤه، 2008).
يظلّ التشخيص المبكّر من أهمّ استراتيجيات الكشف المبكّر عن المرض، لاسيما في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل حيث تشحّ الموارد ولا يتم تشخيص المرض إلاّ في المراحل المتأخّرة. وهناك بعض البيّنات على إمكانية إسهام هذه الاستراتيجية في تراجع زيادة نسبة حالات سرطان الثدي التي تُكتشف في مراحلها المبكّرة والأكثر قابلية للشفاء عن طريق العلاج (إيب وزملاؤه، 2008).
يمثّل تصوير الثدي الشعاعي MRI أسلوب الفحص الوحيد الذي أثبت فعاليته. فهو كفيل بخفض معدلات الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي بنحو 20% إلى 30% لدى النساء اللائي تجاوزن سنّ الخمسين سنة في البلدان المرتفعة الدخل حيث تتفوق نسبة التغطية بخدمات ذلك الفحص 70% (الوكالة الدولية لبحوث السرطان). والجدير بالذكر أنّ تصوير الثدي الشعاعي من العمليات المعقدة للغاية التي تستهلك الكثير من الموارد والتي لم تخضع فعاليتها لأيّة بحوث.
ولا توجد أيّة بيّنات على أثر الفحص الذاتي للثدي في الكشف المبكر للمرض، غير أنّ هناك من يرى أنّ هذه الممارسة تسهم في تمكين المرأة وتمنحها مسؤولية الاعتناء بصحتها. وعليه يوصى بانتهاج هذه الممارسة لإذكاء وعي النساء بهذا المرض بدلاً من انتهاجها كأحد أساليب الفحص.
تسعى مصر إلى تعزيز مكافحة سرطان الثدي في إطار البرامج الوطنية لمكافحة السرطان والبرامج المتكاملة لتوقي ومكافحة الأمراض غير السارية بالكشف المبكّر من أجل تحسين حصائل سرطان الثدي الذي يظلّ حجر الزاوية لمكافحة هذا المرض. وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى تعزيز مكافحة سرطان الثدي في إطار البرامج الوطنية الشاملة لمكافحة السرطان المندرجة في برامج مكافحة الأمراض غير السارية والمشكلات الأخرى ذات الصلة. وتنطوي مكافحة السرطان الشاملة على الوقاية والكشف المبكّر والتشخيص والعلاج والتأهيل والرعاية الملطفة.
ومن أهمّ الاستراتيجيات السكانية لمكافحة سرطان الثدي إذكاء الوعي العام بالمشكلة التي يطرحها هذا المرض وبآليات مكافحته والدعوة إلى وضع السياسات والبرامج المناسبة في هذا المجال. وتواجه كثير من البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، حالياً، العبء المزدوج المتمثّل في سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، اللّذين يأتيان في مقدمة أنواع السرطان التي تفتك بالنساء اللائي تجاوزن سنّ الثلاثين سنة. ولابدّ لتلك البلدان من تنفيذ استراتيجيات توليفية تمكّن من التصدي لكلتا المشكلتين الصحيتين العموميتين بفعالية وكفاءة.
من ضمن عوامل الاختطار المتصلة بسرطان الثدي وانتهاج استراتيجية فعالة في مجال الوقاية المتكاملة من الأمراض غير السارية هو السعي إلى تعزيز النظام الغذائي الصحي والنشاط البدني والتحكّم في الكمية المستهلكة من الكحول وفي فرط الوزن والسمنة من الأمور التي يمكنها الإسهام في الحدّ من معدلات وقوع سرطان الثدي على المدى البعيد. وعلى الرغم من إمكانية إسهام الاستراتيجيات الوقائية في الحدّ من بعض مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، فإنّ تلك الاستراتيجيات لا تمكّن من التخلّص من معظم حالات سرطان الثدي التي تظهر في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وبناء عليه فإنّ الكشف المبكّر من أجل تحسين حصائل سرطان الثدي وتحسين معدلات بقيا مرضاه يظلّ حجر الزاوية لمكافحة هذا المرض (آندرسون وزملاؤه، 2008).
منحت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإجراء مسح طبى شامل عن سرطان الثدى لكل المصريات، والعلاج منه، حالة أمل كبيرة للكثيرات، وأكد أطباء طب الأورام أن الكشف المبكر للمرض يصل بنسبة الشفاء منه ل80%. وتستعد وزارة الصحة والسكان المصرية للتوسع فى الحملة القومية للكشف المبكر عن سرطان الثدى، وقامت الهيئة العامة للتأمين الصحى بإدخال لأول مرة دواءً جديداً يأخذ بالحقن تحت الجلد يسهم فى تقليص حجم الإصابة ويساهم فى الحفاظ علي الثدى من الاستئصال او بتر جزء منه فقط، وهو ما يرفع معنويات السيدة ويجعلها قادرة على العلاج والتخلص من المرض.