فوجئ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة لمصر بالموقف الحاسم لشيخ الأزهرالشريف الدكتور أحمد الطيب برفض الإساءة للدين الإسلامي ولرسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . وعقب اللقاء الذي تم في مشيخة الأزهر خرجت وسائل الإعلام العالمية بعنوان رئيسي يقول ” أحمد الطيب يتعهد بملاحقة من يسئ للإسلام قضائيا ويرفض وصف الإرهاب الإسلامي “. وركزت تغطيات الصحافة العالمية على قول شيخ الأزهر بحسم ووضوح :”الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماما، وسيتابع الأزهر من يُسئ لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط”.
أعاد الموقف الشجاع للدكتور أحمد الطيب الى ذاكرتنا موقف شيخ الأزهر الشيخ محمد الأنبابي الذي تولى المشيخة خلال الفترة “1886حتي عام 1895” . حيث تروي الوثائق التاريخية أن اللورد كرومر مندوب الاحتلال في مصر دخل علي وسلم عليه، فرد الشيخ التحية وهو قاعد، فيعظم اللورد قعوده ،وقعد إلي جنبه، وقال له وهو غاضب : يا سيدنا الشيخ، ألست تقوم للخديو؟ قال : نعم .قال : فلم لم تقم لي؟ فرد قائلا : “إن الخديو ولي الأمر، وأما أنت فلست منا”. ووصلت تلك الواقعة إلي عامة الشعب فكان لها اثرها القوي في مقاومة الاحتلال .
ودور الأزهر القوي على مدى التاريخ فقد لخصته الدكتورة سعاد ماهر في كتابها ( مساجد مصر ) قائلة :”كان نفوذ الأزهر يصل أحيانا إلي التأثير علي سياسة الدولة العليا. وأحيانا في مصائر العرش والسلطان” .
ويتجلي صدق هذه المقولة على أرض الواقع في مواقف الشيخ عبد الله الشرقاوي الذي تولي مشيخة الأزهر في الفترة من 1793 إلي 1812 وقاد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي. ويقول الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهرإنه حشد مجموعة من علماء الأزهر وقفت في مواجهة ديكتاتورية الاحتلال الفرنسي. وانضم معه في هذه الحركة آلاف المصريين وبعد رحيل الحملة الفرنسية عانت البلاد من ظُلم العثمانيين والمماليك. وكثر قطاع الطرق، وأصبحوا يسرقون ويستبيحون الحرمات. فثار الناس ولجأوا للشيخ الشرقاوي، فقاد مجموعة من علماء الأزهر وجموع الشعب خلفهم. معلنين عزل الوالي خورشيد باشا، وتولي محمد علي وهو ما وافق عليه السلطان العالي.
كما تشير الوثائق التاريخية أنه لما اشتد الغلاء وضج الناس بالشكوي. ذهب الإمام أحمد العروسي شيخ الأزهر خلال الفترة من “1778حتى 1793” إلي الوالي حسن باشا واتفق معه علي وضع تسعيرة للخبز واللحم والسمن. وخرج المحتسب ليعلن في الأسواق السياسة التموينية الجديدة ويهدد من يخرج عليها. فزالت الغمة.
الدور القيادي للأزهر وللعلماء يعود الي تاريخ طويل عندما وقف الشيخ العز بن عبد السلام قاضي القضاة في مصر عام “639 – 1241 م” في مواجهة السلطان سيف الدين قطز. فعندما احتاج السلطان إلي أموال للإنفاق علي إعداد المعركة لمواجهة التتار الذين كانوا علي ابواب مصر. وحاول فرض ضرائب جديدة علي الناس. اعترض العز بن عبد السلام وقال له قبل أن تفرض ضرائب علي الناس عليك أنت والأمراء أن تقدموا ما تملكونه من أموال لبيت مال المسلمين. فإذا لم تكف هذه الأموال في الإعداد للمعركة. فرضت ضرائب علي الناس ووافق السلطان ولم يتحجج السلطان أو غيره بالاستعداد لمقاتلة التتار وبأن مصر تمر بمرحلة استثنائية ولم يكن لتلك الظروف أي صدي لدي الشيخ تدفعه ليبرر للحاكم اثقال كاهل الشعب بالضرائب.
تاريخ مشرف للأزهر الشريف ومشايخه وعلماءه خلال فترات زمنية مختلفة والمساحة تضيق كي أسجل كل مواقفهم القوية. وسيظل الأزهر الحصن القوي.
Aboalaa_n@yahoo.com