عندما نطالع الصحف ووسائل الإعلام الغربية نكتشف حضورا مشرفا لشخصيات مسلمة لانعرف عنها شيئا، ولايوليها إعلامنا نفس الاهتمام الذى يوليه للمتطرفين والإرهابيين ، نحن ننقل عن الإعلام الغربى كل شاردة وواردة فيما يتعلق بالنشاط السلبى لبعض المسلمين الضالين، لكن عندما يتعلق الأمر بشخصيات إيجابية نترك الساحة كما لو أن الموضوع لايهمنا ، حتى تصور بعضنا أن المسلم فى الغرب إرهابى بالضرورة ، أو مشروع إرهابى، وهذا ظلم كبير، فهناك مسلمون يحظون بمكانة مرموقة فى مجتمعاتهم، يتحدث الإعلام عنهم بكثير من الاحترام والتقدير، بينما دائرة اهتمامنا تكاد تكون مغلقة على النماذج السلبية .
سأحاول اليوم تقديم أسماء لمسلمين اهتمت بهم الصحف ووسائل الإعلام الغربية وأشادت بدورهم وعطائهم دون أن يكون لهذه الإشادة صدى عندنا :
ــ مع بداية تفشى جائحة كورونا العام الماضى تحدثت الصحف البريطانية عن شجاعة الأطباء المسلمين فى مواجهة الفيروس اللعين، وإخلاصهم فى رعاية المرضى، وقد ترك البعض منهم تخصصاتهم الأصلية وتطوعوا للعمل فى مستشفيات العزل، وذكرت وسائل إعلام غربية عديدة أن الأطباء المسلمين كانوا على خط المواجهة الأول مع كورونا، وشكلت قصصهم أساطير حية، وأول خمسة أطباء توفوا بسبب كورونا كانوا مسلمين، وتم تكريمهم رسميا وشعبيا وأجريت لهم جنازات مهيبة ، ونقلت وسائل الإعلام شهادات مرضاهم وزملائهم عن التزامهم وشجاعتهم فى موجهة الموت، من هؤلاء الأطباء الخمسة اثنان من أصول سودانية، والثالث من أصل باكستانى ” عبدالمعبود شودرى 53 عاما “، والرابع جراح العظام الليبى الأصل د.صادق الحوش ، والخامس الطبيب البريطانى المصرى د. محمد سامى شوشة .
ــ وتتحدث ألمانيا عن زوجين مسلمين كانا وراء التوصل إلى لقاح كورونا من خلال شركتهما ” بيونتيك “، وقد صارت لهما شهرة واسعة فى مجال التكنولوجيا الحيوية بعد تعاون فريقهما البحثى مع شركة ” فايزر” الأمريكية، والزوجان العالمان هما أوغر شاهين (55 عاما ” وأوزلم شاهين (53 عاما )، وقد سبق أن سجلا نجاحا مبهرا فى بحوث مكافحة السرطان .
ــ وفى ألمانيا أيضا شغل النائب اليمينى المتطرف فينر كلافن (75 عاما ) الناس بعدائه الفج للإسلام والمسلمين، ورفضه لبناء المساجد فى ألمانيا، وهجومه الدائم فى الصحف ووسائل الإعلام على القرآن الكريم، ودعوته فى البرلمان ( البوندساج ) لمنع دخول المهاجرين المسلمين خشية تحول ألمانيا إلى بلد مسلم، هذا النائب فاجأ الأوساط السياسية باعتناقه الدين الإسلامى، وأصبح الإعلام ينشر صوره وهو يستقبل المهاجرين المسلمين فى منزله ويدعو إلى الإسلام .
ــ فى الشهر الماضى انتخب المجلس الإسلامى فى بريطانيا السيدة زارا محمد ( 29 عاما ) لتكون أول امرأة تشغل أعلى منصب فى المجلس خلال تاريخه، اهتم الإعلام بالحدث وأجرى حوارات معها بعد فوزها فى انتخابات المجلس الذى يعد أكبر منظمة إسلامية بالمملكة المتحدة، وقال إنها درست القانون وحصلت على الماجستير فى قوانين حقوق الإنسان، وكتب عمدة لندن صادق خان تغريدة على تويتر قائلا :” انتخاب الشابة زارا أمر رائع، أتمنى أن تستمر فى قيادة هذه المنظمة من أجل تحسين وتطوير مجتمعاتنا “. وقالت شيلينا جان محمد مؤلفة كتاب ” المسلمون الشباب يغيرون العالم ” إن انتخاب زارا لحظة مشجعة كى نرى شابات مفعمات بالحيوية وذوات رؤية مستقبلية تشغلن مناصب قيادية فى زمن التحديات الاجتماعية .
ــ وعلى مدى أسابيع احتفى الإعلام البريطانى بالسيدة أسماء شويخ، المسلمة البريطانية المحجبة من أصل ليبى التى تصدت لشخص تهجم على أسرة يهودية فى مترو أنفاق لندن، وقالت أسماء إنها تصرفت بوازع إنسانى ودينى للدفاع عنهم، وأنها ستفعل الشيء نفسه إذا تكرر الحادث أمامها مع أى شخص آخر، ” إن واجبى كأم وكمسلمة ملتزمة وكمواطنة فى هذا البلد بحتم على أن أفعل مافعلت “. التقت أسماء ـ وهى أم لطفلين ـ بالرجل اليهودى الذى دافعت عن أسرته فشكرها على صنيعها وأهداها بعض الورود، وأعرب عن امتنانه لها مؤكدا أنه بدون تدخلها كان يمكن أن يتصاعد الاعتداء، وقال أحد الركاب الذى استطاع تسجيل الواقعة : ” أسماء كانت حازمة وشجاعة، إنه لأمر عجيب فى أيامنا هذه وفى عصرنا هذا، الذى نعرف فيه عدم تسامح الجميع، أن نجد امرأة مسلمة تتصدى للدفاع عن أطفال يهود “.
ــ فى إسبانيا تتحدث الأوساط السياسية والإعلامية عن السيدة نجاة دريوتش، أول امرأة مسلمة تخوض انتخابات برلمان إقليم كتالونيا حيث يعيش حوالى 515 ألف مسلم، %6,8 من عدد السكان، وهى من أصول مغربية، مدافعة صلبة ضد التمييز والعنصرية، تقول : ” لاأريد أن يعانى أولادى نصف ماعاناه أجدادهم، أو ربع ماعانيت أنا شخصيا، أريدهم أن يجدوا مجتمعا عادلا يعترف بالتنوع والتعدد، وليس مجتمعا يرفض عمل المحجبة ويتجاهل حقوق من يحملون أسماء إسلامية، ويتحدث عن تنظيف البلاد من المسلمين وحرمانهم من حقهم فى تعلم أساسيات دينهم ” .
ــ وفى الصفحات الرياضية برزت أسماء إسلامية مثل جواهر روبل (25 عاما) أول امرأة مسلمة محجبة تتولى تحكيم مباراة كرة قدم فى بريطانيا، وهى من أصل صومالى وتتمتع بمكانة مميزة جعلت الاتحاد الأوروبى لكرة القدم ينتج فيلما وثائقيا عنها بعنوان ” نلعب بقوة “، وهناك الفارسة خديجة ملاح ( 19 عاما طالبة ) أول فتاة مسلمة تشارك فى سباق جلورياس جودوود للخيول فى بريطانيا مرتدية الحجاب أمام 25 ألف متفرج .
بالتأكيد هناك أسماء إسلامية أخرى بارزة فى مجا لات عديدة، العالم يتغير من حولنا، والإسلام والمسلمون بخير، لهم حضورهم وتأثيرهم الإيجابى، وعلينا أن نتغير لنواكب حركة العصر.