تتواكب احتفالات العالم الاسلامي اليوم بذكرى الاسراء والمعراج مع العديد من المناسبات المهمة ذكرى الاسراء والمعراج والاحتفالات بعودة طابا وتمام تحرير التراب الوطني من دنس الاحتلال الاسرائيلي وبدء اعمال المؤتمر العام للمجلس الاعلى للشئون الاسلامية والتى اتخذ حوار الاديان والثقافات عنوانا له ويعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبمشاركة عدد كبير من اعلماء والمهتمين بالقضية في انحاء العالم ..
كل الطرق تؤدي الى ساحة الحوار وكلها تدعو وتؤكد على حتمية ان تسود لغة الحوار والتفاهم في كل العلاقات حتى يعم الخير ويسود السلام الحقيقي وتشعر الانسانية بالمعانى السامية للامن والامان والاستقرار..
اليوم السابع والعشرون من شهر رجب ذكرى الحدث الجلل في تاريخ الاسلام يوم اسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من البيت الحرام بمكة المكرمة الى بيت المقدس حيث المسجد الاقصى ثم العروج الى السماء وحتى سدرة المنتهى.
والحقيقة ان العقل البشري لا يزال عاجزا عن ادراك المقاصد الحقيقية لرسالة الاسراء والمعراج ودلالاتها سواء في فهم دلالة ارتباط الارض والسماء والصلة القوية التى تحكم علاقات الانبياء والرسل والمنهج الالهي من اجل خير الانسان والانسانية ..
لعل اللحظات الحرجة التى يمر بها الفكر الانساني في كثير من الاوقات وخاصة في العصور المتاخرة بحاجة الى ادراك كنه الرسالة السماوية عموما والارتباط الوثيق بين حركة النبوة وعلاقات الانبياء وذلك حتى يستطيع تقويم حالات التمرد البشري الشيطاني على المنهج الالهي ويكبح جماح الجنوح نحو الفوضى والانفلات والتحلل من اي شيئ تحت دعاوى حرية العقل والفكر وما الى ذلك من خزعبلات يرددها اصحاب الاوهام ومرضى الخيالات..
القراءات في المنهج والدستور السماوي والرسائل الواضحة والمقاصد العليا والسامية لكل البشرية هي ما يجب التركيز عليه وان يقدم للانسان..لقد استغرق المسلمون وقتا طويلا ان لم يكن معظم الاوقات في الوقوف امام سرد وقائع رحلة الاسراء والمعراج ومشاهدات النبي صلى الله عليه وسلم في الرحلة المباركة ومارأى من ايات ربه الكبرى وقد سجلها القران الكريم باسلوب بليغ محكم ومعجز. ونجح الاشقياء من منكري الاديان عموما ومناهضي الفكرة الاسلامية خاصة في ان ياخذوا المسلمين بعيدا الى ساحات وعرة لصرفهم عن الاهداف والغايات السامية في الرسالة المحمدية وعموميتها وشموليتها للعالمين.
صحيح بذل العلماء الاولون جهودا كبيرة وقدموا انتاجا ضخما لكن يبدو وكأن المسلمين قد تقطعت بهم السبل ولم يعودوا قادرين على مواصلة المسير وتحجرت افكارهم ورؤاهم عند مناطق وازمان وكانهم لا يريدون ان يتجاوزوها هل حدث ذلك بارادتهم او رغما عنهم ام اجبروا على ذلك..المسالة خطيرة وتفرض ضرورة التحرك الى الامام وبسرعة لادراك ما فات وتعويض ما ضاع وازالة ما تراكم من جبال الغبار على مر الاعوام.
لن يتمكن المسلمون من ذلك الا بفتح ابواب الحوار على مصاريعها الحوار مع انفسهم حوار اسلامي اسلامي وحوار اسلامي مع الاخر المختلف معك فكريا وعقائديا وسياسيا وايدولوجيا بكل قوة وشجاعة وبلا خوف اوحرج او احساس بالدونية او حتى الاستعلاء ايضا.
الحوار الاسلامي الاسلامي ضرورة قبل الحوار مع الاخر فهويزيل كل المعوقات ويفتح كل الاجواء المغلقة ويزيل كل الحساسيات والتوجسات ويوفر قاعدة متينة ويمنح ارضية صلبة وقوة للحركة وعند المواجهة مع الاعداء او المخالفين.
الحوار مع الاخر لم يعد ترفا في الحياة المعاصرة فهو ضرورة حياة وضرورة شرعية ايضا اذا ما نظرنا الى ما يتعرض له الدين الاسلامي من هجمات عنيفة وحملات تشوية متعمدة ومن اختراقات من قبل الجماعات الضالة والمنحرفة سواء من الداخل او الخارج.
وايضا لمواجهة المد الالحادي وحالة الهجوم غير المسبوقة من قبل اللادينين واستغلال وسائل للاعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في التاثير على الشباب وعمليات العبث بالعقول عموما
فالحوار مهم للغاية باعتباره جزءا من رسالة الاسلام ولانه يساهم في تحقيق المقاصد الحقيقية لعموم الرسالة المحمدية وعالميتها”.. وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”.
مع الايمان المطلق باهمية وقيمة الحوار فانه من الخطورة بمكان ان يغرق اهل الحوار في القواعد الكلية ولا يستطيعون تجاوز الحديث عن ادب الحوار وضوابط الحوار ومشروعية الحوار ومع من يكون والمحرمات والنكرات وما الى ذلك ويضلون الطريق وتضيع المعالم وتتوه الاهداف وتبعد بل وتصبح شاقة عسيرة المنال..
اعتقد في اللحظة والظرف التاريخي الحالي فان الفرصة مواتية والاجواء مهيأة اكثر لان يكون الحوار جادا وفعالا خاصة على الساحة العالمية التى تشهد حالة ارتباك غير مسبوقة.. فالعالم امام علمانية مأزومة بدات بالفعل تترنح وتساقط الكثير من اوراقها الزائفة والمضللة .
كما يشهد العالم حالة نزوع وجنوح عميقة نحو العنصرية المقيتة وسادية الجنس الابيض في دول كثيرة وخاصة التى يصفونها بالمتحضرة وقد اثرت كثيرا على المشهد العالمي والتفاعلات في العلاقات الانسانية..
ايضا لايخفى تنامي حركة اليمين المتطرف في الدول الغربية عموما وارتفاع المد الشعبوي وتاثيره على السياسة العالمية..
والاهم سقوط ورقة المتاجرة بحقوق الانسان والحريات الدينية والتى كانت تتخذها بعض القوى الدولية حجة للتدخل في شئون الدول ولابتزازها سياسيا واقتصاديا وممارسة كل الوان الارهاب تحت غطاء وهمي وكاذب باسم حقوق الانسان.
لقد فضحت المواقف الاخيرة هذه اللعبة القذرة اثر تفضيل العديد من تلك القوى التضحية بالمبادئ وحقوق الانسان في مقابل الحفاظ على مصالحها او الحصول على تاييد لمواقف بعينها وقالت بوضوح فلتذهب المبادئ وحقوق الانسان الى الجحيم.
كل هذه الاوراق وغيرها تمنح فرصا حقيقية لانجاح الحوار وتساعده ليؤتي اكله وثماره اذا ما اخذت الامور على ماخذ الجد وتوفرت الارادة الحقيقية لان تنتصر لغة الحوار وتسود القيم والمبادئ الانسانية.
الاقصى لم يعد يناديكم !!
**وكأني بالمسجد الاقصى الان ونحن نحتفل بذكرى الاسراء والمعراج ينظر الى العالم متحسرا ومستنكرا ويقول للمسلمين لن اعاتبكم لن اناديكم لن استغيث بكم انا اسمع فقط صوت الرجل الحكيم عبد المطلب .. جد نبيكم عندما اخبروه بجيش ابرهة ..”للبيت رب يحميه” ..
لا يزال الاقصى ثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرزح ويئن تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي الغاشم والانتهاكات الصهيونية لا تتوقف ليل نهار ومخططات التهويد في القدس وحول الاقصى على اشدها وجماعات مهاويس الهيكل تزداد وتتطاول يوما بعد يوم ويجدون السعي نحو هدفهم هدم الاقصى واقامة الهيكل مكانه ويتلاعبون ويتحكمون في سياسة حكومة الاحتلال وبالادارة الامريكية ايضا للاستجابة لمطالبهم غير الشرعية والمسلمون يتفرجون ويتصفحون اتفاقات ابراهام ..
لله در القائل :
أوَ لـم أكن مــعـراجَ خـير مبلّــغٍ عن ربـّه للنـاس خيــرَ كتــــابِ ؟
أنا مسجد الإســـراء أفخـــرُ أنـني شـاهدتـُه في جيْــئـة وذَهـــابِ
يا ويـحـكم يا مسلــمون كانّــمـا عَقِـمَتْ كـرامتـكـم عـن الإنـجـابِ
وكـأنَّ مـأسـاتي تزيـدُ خـضوعـكم ونكوص هـمّتكـم علـى الأعـقـــابِ
وكـأنّ ظُـلْــمَ المـعتـدين يسـرُّكـم وكأنّـكـم تسـتحسنـون عــذابـــي
غيّـبـتمـوني في سـراديـب الأســى يا ويـلَ قـلبـي مـن أشــدّ غيـــابِ !!
والله المستعان ..
Megahedkh@hotmail.com