في الاحتفالات بيوم المراة المصرية غاب الحديث اوالاشارة الى الواعظات.. ذلك الكيان الناشئ بالغ الاهمية الذي تحتضنه وزارة الاوقاف وينتظره مستقبل باهر خاصة اذا ما تم الافادة منه وافساح المجال له ليمارس دوره المنوط به على الساحة الثقافية. والامل ان يساهم في اعادة التوازن على ساحة جماعات استغلال المراة والمتاجرة بها والتغريد بها بعيدا عن دينها وسلخها سلخا من مجتمعها وتجريدها من قيمنا الاصيلة والنبيلة لصالح قيم وتيارات اخرى وافدة ومتغربة بل وشديدة الغرابة.
كنت انتظر اهتماما بتلك الجماعة بعد ان برز نشاطها بصورة ملحوظة مؤخرا على ساحة العمل الوطني بالتعاون مع المجلس القومي للمراة ومع الكنيسة خاصة الانجيلية وغيرها واستطعن الوصول الى مناطق مهمة داخل القرية والاسرة المصرية واجراء حوارات فعالة ومناقشة قضايا حساسة بكل ثقة لازاحة الغبار عن كثير من المفاهيم المغلوطة والمعكوسة والتى اريد لها ان تظل كذلك لتظل الارض ملتهبة وتستمر حالة الغليان والتوتر وتستمر حالة المتاجرة بتلك القضايا ضد الدين والوطن ويستخدمها الاعداء والخصوم اوراقا للضغط والمناورة والابتزاز السياسي.
دور ونشاط الواعظات لم يتوقف عند حدود القاهرة والمحافظات بل تجاوز الى البعد القومي العربي (الجولة الناجحة في السودان مؤخرا والتى حظيت بترحيب كبير وتقدير اكبر من مختلف الاوساط السودانية نموذجا) وتستعد الواعظات لجولة اخرى خلال ايام هذه المرة شرقا الى الخليج في البحرين تحديدا..انهن يحملن بالفعل رسالة وطنية وقومية عابرة للحدود.
سعدت بالمشاركة في ورشة عمل خاصة مع الواعظات دعا اليها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الاوقاف وادارها الاعلامي الكبير الدكتور حسن حامد رئيس اذاعة القران الكريم.
لفت نظري الحماس غير العادي من مجموعة متنوعة الثقافات والمشارب من مختلف التخصصات العلمية اضفن اليه الجانب الشرعي علوم الدين من قران وسنة نبوية..كما لفت نظري ذلك المستوى الثقافي المتميز للواعظات والاستيعاب للكثير من القضايا الحيوية وطريقة التعرض لها ومعالجتها من الناحية الاجتماعية والشرعية.
الواعظات الكيان والدور يلقي باحجار كثيرة وكبيرة في بحور جماعات المراة شديدة الاضطراب في المجتمع المعاصر ويستدعي الكثير من الاسئلة الحائرة حول جمعيات المرأة اياها وخاصة تلك التى وقعت في فخ التمويل الاجنبي ولابد ان نعترف انه لم يكن بريئا ولا خالصا لوجه الله ولا رغبة صادقة في انقاذ المراة او تحريرها كما يزعمون وانما كان ولا يزال لاغراض في نفس يعقوب.
لذا الامل يحدونا ان تكون حركة الواعظات نقطة تحول محورية في مسيرة جماعات المراة والنشاطات النسائية عموما والنظرة الشاملة اليها في المجتمع وبدء عماية تصحيح حقيقية للنظرة للمراة المسلمة والامكانيات التى تمتلكها وما يمكن ان تقوم به لخدمة وطنها دون تفسخ او تحلل ودون ان تنخلع من دينها وقيمه الانسانية الرفيعة.
عملية التصحيح ضرورية للغاية بسبب ما حدث من تراكمات خلال العقود المنصرمة وما تم ترويجه من قضايا ومفاهيم مغلوطة حول نظرة الاسلام للمراة ودورها وواجبها وانها كم مهمل ووعاء جنسي فقط ولا مكان لها الا الحبس المنزلي وما الى ذلك من ترهات وخزعبلات وروايات اقرب الى حكايات الف ليلة وليلة.
تسمع طنطنات كثيرة عن اقصاء المراة وابعادها وانه لابد من الكفاح والنضال لتمكينها ومساواتها بالرجل وغير ذلك من احاديث لايراد بها الا الباطل. واستخدمت كل تلك الاوراق في اشعال حرب ضروس مع الرجل لا تزال نيرانها مشتعلة ولم تفلح اية محاولة لاخماد اي من الحرائق المفتعلة هنا وهناك.
القراءة الجادة والموضوعية تكشف زيف الكثير والكثير مما يثار وما يتم ترديده بشان المراة المسلمة ولا يعرف احد على وجه الدقة واليقين من اقصى المراة وعزلها او من اين اتت تلك الفرية النكراء؟
فالمصادر التاريخية المعتبرة قديما وحديثا تكشف عن الدور الفعال للمراة في حركة التاريخ وفي صنع الحضارة ايام ان كان هناك رجال ونساء ايضا.وادبيات التاريخ والتراث العظيم مليئة بسير نساء اكثر من عظيمات في مختلف فنون العلم والثقافة والسجلات مليئة ايضا بالمحاورات بين الخلفاء والامراء والنساء في الفقه والسياسة العامة والخاصة للدولة الاسلامية وفي التشريعات والعلوم ولم يغب الامر بدءا من عهد النبوة وحوارات النبي مع النساء سواء من امهات المؤمنين اوغيرهن اوالخلفاء الراشدين الاربعة وما بعدهم في فترات الحكم الاسلامي وعواصم الحكم سواء في بغداد والكوفة او دمشق والقاهرة وفي الاندلس ايضا.
لا يمكن ان ننكر ان عصور الانحطاط وفترات التدهور والتراجع الحضاري كان لها تاثيرها ليس على المراة فقط ولكن على المجتمع باسره الى جانب ضعف الارادة السياسية لكثير من الحكام والاستجابة لنزعات التشدد والتطرف الفكري والتى كانت في بعض الاحيان بدافع المزيد من الحماية وتوفير الحصانة للمرأة المسلمة.
المراة المسلمة في العصور المتاخرة كانت ضحية للعديد من العوامل في مقدمتها:
حالة التربص الحادة بالمراة سواء من داخل المجتمع او من خارجه.
والقراءة المريضة لوقائع التاريخ والتراث والتى كانت تركز على الجوانب السوداء وتترك كل مضيء ولم تهتم الا بكل ماله علاقة بالمجون والفسق والفجور وكأن المجتمع الاسلامي لم يعرف الا هذا الواقع المرير وكان التركيز على ابراز كل السوءات التى تتعلق بالمراة فيتم تطويع الاحداث لاثبات فرضيات مغلوطة للوصول الى ما يراد من اهداف واغراض خبيثة دنيئة.
سؤال قد يقول البعض ان هذا مجرد كلام عاطفي اكثر منه عملي وتحكمه فكرة المؤامرة النغمة السائدة؟
الجواب لا والف لا ففي ذلك محاولة لمواصلة التضليل والمصادرة على الرغبة في كشف الالاعيب.
فالمراة المسلمة كانت ولا تزال هدفا وصيدا ثمينا لكل القوى المعادية منذ ان بدات افكار الاستعمار والهيمنة واستغلال ونهب خيرات الامم المختلفة.
فقد حاولت القوى الكبرى البحث عن انجع واقوى الوسائل والطرق لاختراق العالم الاسلامي والسيطرة عليه وزعزعة اركانه فاستقر الراي بعد الدرس والفحص والتمحيص ان المراة هي البوابة الملكية للاختراق والتسلل فاعدواالعدة لذلك واتخذت قرارت مهمة بعد مناقشات ومداولات في مؤتمرات دولية معروفة ومشهورة.
كل الطرق والمؤتمرات والمؤامرات تؤدي الى المراة ولابد من السيطرة عليها والتلاعب بها واخراجها من دينها اولا وابعادها عن دورها الاصيل في مجتمعها وخاصة التربية وتحويلها الى مجرد سلعة في الملهاة والماساة الكبرى للانحلال والانحراف ولمن يريد الاستزادة والتوثيق عليه الرجوع الى مقررات المؤتمرات التى عقدت خصيصا لبحث سبل السيطرة على العالم الاسلامي ومنها مؤتمر برلين1966 ومؤتمر لوزان 1976 ومؤتمر كولرادو1978 ومؤتمر الزمالة الدولية في كوالالمبور وغيرها العديد .وبالفعل صارت المراة هي الوقود الحيوي في معظم ان لم يكن كل الحملات على الدول العربية والاسلامية بايدي الاعداء تارة وبايدي ابناء المسلمين تارات عندما كانت الحيل لاتسعفهم اوعندما يعجزون عن العمل وتشل حركتهم وتتكشف اوراقهم.
لذلك لم يكن غريبا ان ترى جماعات تحمل اسماء عجيبة من عينة “سنجل ويمن “” وفري استرونج ويمن” وغيرها ونساء تدافع عن افكار عجيبة ومسمومة تدعو للفسق والخلاعة والفجور والتحلل التام ويتم استخدام كل الوسائل المادية والتكنولوجية لدعم تلك العناصر والدفاع عن جرائمها.
تحية للمراة المصرية في كل مكان ولدورها في الارتقاء بالمجتمع والمساهمة في البناء الحضاري بعيدا عن قوى الشر ودعوات الزيف والضلال.
والله المستعان ..
Megahedkh@hotmail.com