لم تحتكم العادات والتقاليد إلى إجراء رسمي يقننها، ولكنها بالمقابل تتحكم في الحياة العامة وفي سلوكيات الأفراد، وقد تتماشى بعض الجهات التنظيمية أو تتراخى في تطبيق تنظيماتها بما يتناسب مع هذه الحالة بالشكل الذي يكرس السيئ منها، وكما نعلم أن هناك خلطا في الفهم الاجتماعي بين النظام والقانون،
فإذا كانت التقاليد والعادات تحكم أنماط الحياة الاجتماعية لمجتمع ما، فإن ضرورة القانون تأتي لتنظيم العلاقات والتعاملات بين أفراد ذلك المجتمع.
المنطلقات التي تمثل عادات المجتمع لا تستند في أصلها إلى متطلبات التحضر أو المجتمع المدني أو شكل الدولة الحديثة، وبالمقابل فإن لدينا بعض الأنظمة التي اعتبرناها بمثابة القوانين الحاكمة للسلوك العام، لكنها ومع الأسف لا تطور من نشاطها في بعض الاتجاهات، ولا تحد من الممارسات التي تخالف القواعد الأخلاقية أو احترام الآخرين أو تنمية المعرفة والوعي الحقوقي وغير ذلك،
وهذا أنتج حالة عائمة يعاني منها الحراك وسط مجالات متعددة من العشوائية والفوضى التي كانت نتيجة ضعف مزدوج في طريقة الانسجام وقلة التفاعل بين الجهات التنظيمية والفكر الفردي والاجتماعي بوجه عام.
كل هذه الفوضى أحدثت الكثير من حالات الإحباط والكثير من ردود الفعل السلبية لدى المواطن، في الحين الذي يمتلك فيه المجتمع أنظمة ولوائح وموارد متعددة تماثل ما يوجد في أكثر الدول حضارة وتقدما،
غير أن المجتمعات التي يتفاعل فيها الأفراد مع الأنظمة والقوانين بمسؤولية وكفاءة هي الأكثر تطورا، في حين وجدت بها المحاولات المستمرة للتطوير والإصلاح والمشاركة والفاعلية التي ربطت اتجاه المواطن مع التنظيم لتحقيق مصلحة اجتماعية وعامة.
إن التردد أو التراخي المتمثل في إهمال بعض الجهات لتطبيق الأنظمة والقوانين التي تم إقرارها حماية لحق المواطن والدولة يأتي كتحدٍّ للقانون الرسمي بما تقتضيه المسؤولية الاجتماعية والواقعة على عاتق الفرد من جهة
والجهات التنظيمية من جهة أخرى، بينما هذه الممارسات تتخذ شكلا تصعيديا لا يوضع له حد، والبديل يأتي في تأسيس ثقافة جديدة توجد الرادع كاعتبار قبل المحاولة في الاعتداء على الحقوق سواء كانت العامة أو الخاصة.
تتحكم العادات والتقاليد في الحياة العامة وفي السلوك الفردي والاجتماعي، وقد تتماشى بعض الجهات التنظيمية في تطبيق لوائحها وتنظيماتها بما يتناسب مع النسق التقليدي بالشكل الذي يكرس السيئ منه، وكما نعلم أن هناك خلطا في الفهم الاجتماعي بين النظام والقانون، فإذا كانت التقاليد والعادات تحكم أنماط الحياة الاجتماعية لمجتمع ما، فإن ضرورة القانون تأتي لتنظيم العلاقات والتعاملات بين أفراد ذلك المجتمع.
تنظيم التعاملات – ما يخص المرأة وغيره – بناء على ما تمليه عادات المجتمع هي بمثابة إعادة التدوير لتلك العادات وإفراغها في وعي المجتمع بلا جدوى، لأنها في الأصل لا تستند على متطلبات التحضر والمدنية، وبالمقابل فإن لدينا بعض الأنظمة التي اعتبرناها بمثابة القوانين الحاكمة للسلوك العام،
لكنها ومع الأسف لا تطور من نشاطها في بعض الاتجاهات، ولا تحد من الممارسات التي تخالف القواعد الأخلاقية أو احترام الآخرين أو تنمية المعرفة والوعي الحقوقي وغير ذلك، وهذا أنتج حالة عائمة يعاني منها الحراك الثقافي وسط مجالات متعددة من العشوائية والفوضى التي كانت نتيجة ضعف مزدوج في طريقة الانسجام وقلة التفاعل بين الجهات التنظيمية والسلوك الاجتماعي بوجه عام.
نمتلك أنظمة ولوائح وموارد متعددة تماثل ما يوجد في أكثر الدول حضارة وتقدما، غير أن المجتمعات التي يتفاعل فيها الأفراد مع الأنظمة والقوانين بمسؤولية وكفاءة هي الأكثر تطورا، في حين وجدت بها المحاولات المستمرة للتطوير والإصلاح والمشاركة والفاعلية التي ربطت اتجاه المواطن مع القوانين لتحقيق مصلحة اجتماعية وعامة.
ما يزال الكثير من الناس يعتقد أن العادات والتقاليد هي القيم. فالقيم الأخلاقية ثابت منذ الأزل عند كل الشعوب وفي كل الأعراف والأديان والثقافات وهي قيم عظيمة ما تقيد بها شعب أو أمة في الحد الأعلى النسبي إلا وصنع حضارة. بينما بعض العادات والتقاليد لا تعدو سوى قيم أخلاقية سلبية ومناقضة للقيم الأخلاقية الإيجابية.
فالكرم، قيمة لفضيلة أخلاقية عظيمة ولكن عندما يتحول بفعل التقليد السلبي الى عادة إسرافيه أو تبذيرية، فإنه يصبح رذيلة كما صورها القرآن عندما أبلغنا أن المبذرين إخوان الشياطين، وأن الله لا يحب المسرفين.
وعادة ما ينشأ التقليد السلبي في المجتمعات الأقل وعياً وحضارة ليصبح مع مرور الوقت عادة محمودة رغم سلبيته وسوء فعله. ولنقس على فضيلة الكرم كل الفضائل عندما تتحول الى رذائل بفعل تقليد مجتمعي غير واع تحول الى عادة يمجدها المجتمع.
حتى القيمة الأخلاقية للأمانة والعدالة، كثيراً ما نسمع عن حالات تسيء لقيمة الأمانة عند موظف يمارس فساداً إدارياً ينفع به غيره تحت مسمى عادة( الفزعة) ولكن بما يضر بمصالح غيره. ونسمع عن من فرط في أداء دوره في مكان يمثل دور العدالة فيهمل أمور الناس وقد أصبحت مخالفته لما تأمر به فضيلة العدالة عادة تدفعه أن لا يكون نزيهاً أو أميناً أو منضبطا.
قد يقول البعض، لكن ارتكاب الجريمة لا يخص مجتمعاً بحاله، بل هو واقع تعيشه كل المجتمعات على مر العصور والحضارات، وهذا شيء مؤكد. لكن الجريمة كحالة منبوذة وشاذة أخلاقيا وثقافياً في مجتمع ما، ليست كالجريمة في ثقافة لدى فئة ما تعتبرها فضيلة تأخذ بمرتكبها نحو الجنة. وأعتقد أن الجريمة لا تقتصر في ارتكاب القتل فقط، بل أنها تشمل كل شيء يعكر صفو دقائق الحياة، ويشوه جماليات الطبيعة، وكل ما يبث الضجيج والقبح والخرافة لتشويه وجدان الإنسان وحرف مسار التفكير السليم ليرى الأمور في صورة مقلوبة عكس واقعها الطبيعي.
والأخطر : عندما يصبح الإساءة لكل جماليات الحياة، عادات تشاهدها تسير معك وتهدد أمنك وسلامتك ويعتقد من تتلبسه تلك العادة المرضية أنه يمثل قيمة أخلاقية تبرزه كشجاع يعاني من نقص كرامة، أو ككريم يعاني من بخل معرفة، أو كقوي يعاني من عجز فكري يمنحه القدرة على العيش كإنسان بعقل وقلب.
يحدد سلوك الفرد نحو غيره , غير أن القانون يتدخل في بعض الشؤون مثل تحريم الانتحار وهو محرم في الشريعة الإسلامية . تحدد سلوك الإنسان نحو نفسه ويمكن القول أنها تحدد سلوكه نحو غيره في بعض مكارم الأخلاق .
تتسع دائرة القانون شيئاً فشيئاً لتنظيم بعض الجوانب التي تنظمها قواعد الأخلاق مثل قانون المرور أو سقوط حق الدائن بالتقادم سعياً لاستقرار الأوضاع . القانون يحرم الكذب في حالات نادرة محددة تقتضيها ضرورات الأمن الاجتماعي مثل ( البلاغ الكاذب ) . قواعد الأخلاق تحرم الكذب بصورة عامة
تنظم الأعمال التي تضر بالآخرين غير أن القانون يعاقب على بعض النوايا مثل الإلحاد , أو الشروع بالانتحار , أو حالات التعسف في استعمال الحق مثل :من يرفع سور منزله ليحجز النور أو الهواء عن جاره . لا تنظم سوى النوايا الكامنة في الإنسان كما أنها تنظم علاقة الفرد بالآخرين . الجزاء تفرضه الدولة بما لديها من وسائل قهر مادية عند مخالفة القانون الجزاء عند مخالفة قواعد الأخلاق هو : استنكار المجتمع أو تأنيب ضمير الإنسان
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان