قال..
وكان الحزن وحده من يخط قصائد اليتم على تجاعيد وجهي..
ولكنك أحببت العمى حتى لا تقرأ..
فدعني أقيم صلاة الليل على روح الهوى..
دمعتين تضحكان في محجري..
ولا تسيلان..
وابتسامة تبكي..
وماذا يبقى هنا غير دموع الكبرياء؟!..
تلك التي تأبى أن تراها العيون مهما تبدت..
وابتسامة على مأدبة الوجع يرتديها الكذب..
هما وجبة الليل لروح معذب..
تُرى؟!..
هل طاله الخبل؟!..
يا أنت..
دعك من التفسير والتأويل..
والتحليل والعلل..
فالألقاب كثيرة جدا..
أكثر من أن تهزمها سطوة الأعداد..
ولكنني لا أجد لي من بينها غير الصفر..
هو ما تركه لي من عبروا دربك على ذمة الترحيب..
فآثرتهم بكل ذي قيمة..
ومنحتني صفرا يتيما لا أم له ولا أب..
يا أنت..
أما وقد قذفتني بحجارة الهجران..
فلماذا أقنعتني أن الانتظار عبادة أهل الهوى؟!..
وأن الصبر قربى تنبت على ضفافها الأمنيات..
لماذا أخبرتني أن المرابطين على تخوم الأحلام مجاهدين؟!..
يدافعون عنها فيمنون بإحدى الحسنيين..
إما النصر وإما الشهادة..
وعلى كل فلهم الجنة..
فأي جنة تلك التي منحتنيها ونار الكمد تستعر بداخلي؟!..
لماذا أخبرتني أن العين التي تحرس المقدسات لا تمسها النار؟!..
وأنا من ألف خيبة أحرس وأرعى..
فذهب ما ذهب وبقيت الجحيم وحدها حولي..
ولماذا لم تخبرني قبلا؟!..
أن من يرحل لا يعود..
لماذا لم تخبرني أن الغائبين هدموا ديارهم في قلوبنا قبل الرحيل؟!..
طمسوا آثار الخطى..
مزقوا الخرائط بقسوة وشوهوا المعالم..
حتى لا نتبعهم..
لماذا لم تخبرني أن من أقمنا له بداخلنا صومعة نطوف حولها كل ذات اشتياق..
كان بالأصل عربيدا لا يعرف قدسية الطواف؟!..
ماجنا يستهزيء بكل مقدس فينا..
في أي خانة صنفتني وقت أن استحللت طهارة الأتقياء فيَّ؟!..
أسذاجة غر؟!..
أم سفاهة غبيِّ؟!..
وما الذي حملك على أن تطأ قدما قسوتك أرض قلبي طالما كنت عازما على الفراق يوما؟!..
طالما كنت تنتعل المسافات وتدين بالخذلان شرعة وناموسا..
هل أتيتني على قدمين من ثمل فلم تعِ ما تقدم عليه؟!..
فألتمس لك الأعذار وأصفح؟!..
يا هذا..
تعس من أحرق القلب والعود أخضر..
تعس من هدم صرحا أقمناه لبنة من إخلاص..
ولبنة من نبض قلب..
بقداسة ولي..
ولهفة متعب، لكنه لم يكل..
ليقيم اعتكافه الأخير في حضرة قدومك..
يتحلل من صيامه..
ويعانق عيد وجهك لمرة واحدة قبل أن يموت..
وبكل هذا الاستخفاف خنت العهد وأخلفت الوعد..
ثم مضيت تضحك..
وكأن شيئا لم يكن..
عذرا لأحلام لم يكن لها من الوجود نصيب..
إلا على الورق..
وعذرا لأنك محض بطل من ورق..
وعذرا..
لأني بكل هذا الغباء صدقتك..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..