يمثل قطاع الصناعة محوراً أساسياً في خطة الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية من حيث قيمة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص عمل، الأمر الذي يساهم في تحقيق مستهدفات الدولة للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030). بتطوير “البرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلي” بهدف زيادة تنافسية المنتجات المحلية المصرية لتكون بديلاً لمثيلاتها المستوردة ودعم الأنشطة الإنتاجية في القطاعات الصناعية الواعدة.
إن جميع المبادرات التي تطلقها وزارة الصناعة والتجارة تستهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تقوم على تشجيع الإنتاج، وزيادة معدلات التصدير، وإتاحة آلاف من فرص العمل داخل السوق.
أن نهوض الدولة بالقطاع الصناعي الفترة الحالية، ليس من باب الترفيه بل لكونه من العناصر الرئيسية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستهدف بنهاية 2030، مشيرا إلى نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلى الإجمالي تتجاوز %18، وتسعى الدولة حاليًا إلى مضاعفته من خلال تلك المبادرات.
أن تشجيع التصنيع المحلى يحتاج إلى العديد من المميزات والحوافز يأتي على رأسها دعم مستلزمات الإنتاج، وفتح أسواق تصديرية بدلا من الاعتماد على السوق المحلى الذى يحجم عملية التطور نظرًا لتشبعه بشكل سريع من بعض الصناعات.
الحياة الطبيعية بالاعتماد على الزراعة التقليدية ساعدت في تغذية أجدادنا ، لكن اليوم الكوكب يحوي سبعة مليارات ونصف مليار نسمة. مجتمعنا المدني لا يمكنه العيش دون الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة. إن التصنيع لا يعني زيادة عدد المصانع فحسب،
بل هو تلك العملية التي يستند فيها الاستثمار الصناعي على تصور استراتيجي، يهدف خلال الأمد الطويل إلى الوصول إلى هيكل صناعي ناضج ومتكامل يشمل الأنواع المختلفة من الصناعات (الاستهلاكية-الوسيطة – الإنتاج)
إن التصنيع هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتطوير عملية التخصص وتقسيم العمل من خلال ما تحققه من تقدم مستمر في أساليب الإنتاج. يؤمن التصنيع تحقيق تقدم مستمر في إنتاجية العمل ورفع مستوى المهارات والقدرات والخبرات التكنيكية.
من بين الأهداف الرئيسية لعملية التصنيع هي تنمية الزراعة وتحويلها إلى صناعة أي جعلها فرعاً من فروع الإنتاج الصناعي، من خلال إيجاد نوع من التنسيق لتطوير العلاقة التكاملية بين هذين القطاعين من خلال:
أ -تركيز الصناعة على تحسين الإنتاجية الريفية، وزيادة حجم الإنتاج الزراعي عن طريق توفير التقنية الزراعية، وتأمين الأسمدة والأدوات البلاستيكية وأدوات تحسين التربة التي تعتمد على الصناعات الكيماوية.
ب -تركيز الزراعة على إنتاج المدخلات الوسيطة لعدد من الفروع والأنشطة الصناعية، كالصناعات الغذائية، وصناعة التبوغ والصناعات المطاطية والجلدية، فالتوسع في إنتاج هذه السلع سيسهل عملية التوسع
في الصناعة التحويلية ويزودها بالخامات والمدخلات التي تسد احتياجاتها.
ت -تضمن الصناعة تأمين وسائل النقل المناسبة والمجهزة تجهيزاً عاليا.
ث-تحقيق فائض في الإنتاج الزراعي يؤمن ما يكفي لسد احتياجات العمال الصناعيين وتأتي الصناعة لتقوم بالمهام نفسها مع المجتمع الريفي ، إذ تقوم بتزويده بما يحتاجه من مواد غذائية مصنعة .
وأدوات منزلية وغيرها .
ج-تمثل العمالة الزراعية (السكان الزراعيين) سوق لتصريف واستيعاب المنتجات الصناعية في حين تمثل الصناعة منفذاً أو سوقاً ذا طلب مرتفع على السلع الإنتاجية الزراعية.
ح -تتولى الزراعة مهمة تجهيز الأنشطة الاقتصادية وبخاصة القطاع الصناعي بالأيدي العاملة الفائضة.
التصنيع والتقدم التكنولوجي:
تسهم الأساليب التكنولوجية في تحقيق التصنيع السريع، فإنشاء الصناعات الحديثة التي تعتمد بصفة أساسية على الآلات سيؤدي إلى انتقال الاقتصاد من استخدام الأساليب التقليدية الى استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة، وهكذا فأن التقدم في أساليب الانتاج سيؤدي إلى ارتفاع الناتج الصافي لكل وحدة من الإنتاج أي ارتفاع الكفاءة الإنتاجية للاقتصاد في مجموعة. ويمارس التحول التكنولوجي تأثيراته من خلال القنوات الآتية:
أ -إدخال أساليب إنتاج جديدة تتركز على الأتمتة (Automation) اي الإنتاج بالآلات وأجهزة تدار وتراقب ذاتياً، وكذلك إنتاج السلع بخصائص جديدة باستخدام اقل قدر من الخامات والسلع الوسيطة مع تكثيف استخدام راس المال والخبرة الفنية العالية ويطلق على هذه الصناعات كثيفة العلم (Science intensive) أو كثيفة التكنولوجيا (technology intensive) او كثيفة العلم والتكنولوجيا (Science and technology intensive)
ب -إدخال أنواع جديدة من المدخلات الإنتاجية من خلال إنتاج السلع الخلقية البديلة للمواد الطبيعية الخام سيمكن من تحقيق وفورات في استخدام المواد الأولية.
ج-إدخال أنواع جديدة من المنتجات.
د-إدخال تجهيزات رأسمالية جديدة.
هـ-إدخال تغيرات في التركيب الموسمي والتنظيم الإداري.
ويؤدي إدخال التقدم التكنولوجي إلى ارتفاع كفاءة عنصر العمل ورأس المال عن طريق زيادة إنتاجية العاملين من جانب وتطوير التجهيزات الإنتاجية المتاحة من جانب آخر ويأخذ التأثير شكل طلبات جديدة على العمل الماهر وطلبات جديدة على المكائن والآلات الجديدة وتخفض في تكاليف الإنتاج وبما يضمن زيادة واضحة في العمليات التمويلية وفي كفاءة هذه العمليات من جانب آخر ويمكن تلخيص هذه التأثيرات في:
• رفع مستوى تشغيل القوى العاملة من حيث النوع والحجم.
• رفع مستوى الإنتاجية كماً ونوعاً وظهور منتجات جديدة وبتكاليف منخفضة.
• انخفاض مستوى أسعار المدخلات الإنتاجية وأسعار المنتجات.
• ارتفاع نصيب الفرد من الدخل وارتفاع معدلات الادخار والاستثمار.
أن أهداف مشروع تعميق التصنيع المحلي تتمثل بصفة أساسية في توسيع قاعدة الصناعات الثقيلة عمومًا وصناعة الآلات والمعدات خصوصًا, وثانيهما زيادة الإسهام المحلى في تقنيات الصناعة من خلال التطوير والإبتكارالتكنولوجي, إضافة لزيادة درجة تكامل الهيكل الإنتاجي للاقتصاد الوطني وتقوية التشابكات بين مختلف صناعاته وقطاعاته، والتقدم على طريق بناء قاعدة علمية وتكنولوجية وطنية، وبما يسهم بالنهاية في تحقيق الغايات الرئيسية للتنمية المستدامة من حيث توفير فرص عمل لائقة ومستدامة والإحلال محل الواردات وزيادة حجم الصادرات.
دكتور القانون العام
محكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان