”إن جنود موسي ويشوع وداود لم يكفوا عن القتال حتي فيما بينهم وكذلك جنود صهيون لن يتوقفوا عن الحرب “. تلك المقولة لديفيد بن جوريون أول رئيس لحكومة الكيان الإسرائيلي بعد إعلان تأسيسه على أرض فلسطين في 15 مايو عام 1948، واستمرت رئاسته للحكومة 13 عاما ،تعد أساس نظرية الأمن في إسرائيل .
وتكشف تلك المقولة الأساس العقائدي الذي تأسس عليه الكيان الصهيوني فيزعمون أن اغتصاب فلسطين حق تاريخي يستند على وعد إلهي وأن الحرب ضرورة لتحقيق هذه المهمة الالهية. لذلك ربط بن جوريون في مقولته بين جنود الأنبياء قديما وبين جنود صهيون جديثا. وتكشف مقولة بن جوريون أيضا أن تحقيق الأمن الإسرائيلي يتطلب عدم التوقف عن الحرب وإمتلاك ترسانة عسكرية قوية تمتلك فيها كل أسلحة الردع الإستراتيجي ( أسلحة الدمار الشامل ) تحقق لها الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط لضمان تنفيذ مشروعها الإستعماري الإستيطاني وأطماعها التوسعية.
وفي الوقت الذي تقوم فيه نظرية الأمن الاسرائيلي على ردع الجيران وتخويفهم وهو ما أثبت فشله مع أول توحد عربي جاد في حرب اكتوبر 1973 . فانها تسعى للترويج لاسرائيل على أنها واحة الأمان لكل يهود العالم أملا في زيادة عدد المهاجرين إليها ،وتشجيع الاسرائيليين داخلها على الاستقرار . ولكن هذا الشعور بالأمان الداخلي في اسرائيل لم يتحقق طوال 73 عاما منذ تأسيسها.
وتزايد الشعور بعدم الأمان بسبب الحرب الدائرة حاليا في فلسطين وتمكن مواطني القدس العزل من فرض إرادتهم على قوات الإحتلال بتمسكهم بالصلاة في المسجد الأقصى والتصدي ببسالة لهجمات المستوطنين المدعومة من قوات الإحتلال. وجاءت صواريخ المقاومة التي طالت للمرة الأولى كل مكان في إسرائيل لتبث الرعب في صفوف الصهاينة حكومة وأفرادا. وأصابت الإسرائيليين بالهلع رغم قدراتها التدميرية البسيطة ، وأجبرتهم على حبس أنفسهم في الملاجئ لساعات طويلة ، وتوقف شبه كامل لكل مظاهر الحياة لعدة أيام .
وتزايدت أعداد الاسرائيليين الراغبين في الهجرة للخارج ، وأكدت ذلك دراسة أعدها المؤتمر اليهودي العالمي جاء فيها : “أن 70% من الإسرائيليين يقولون إنه لو توفرت لهم الإمكانيات لغادروا إسرائيل على الفور، فيما أعرب 68% عن أملهم بالحصول على جنسية دولة أخرى، أما 73% فقالوا إنه لا مستقبل لأطفالهم وأبنائهم الشباب في تلك الدولة”.
وأوثق شهادة على فشل نظرية الأمن الإسرائيلي جاءت على لسان أحد كبار قادتها وهو أبراهام بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي الخامس عشر ورئيس الوكالة اليهودية و”رئيس دولة إسرائيل” لفترة قصيرة بعد عازر وايزمن والوزير في حكومة حزب العمل. فقد كتب مقالا في صحيفة هيرالد تربيون البريطانية قال فيه : بعد ألفي عام من الكفاح من أجل البقاء، آل واقعنا الى دولة تفرخ مستعمرات، وتقودها زمرة فاسدة تسخر من الاخلاق المدنية والقانون، ان دولة مسخرة لاحتقار العدالة هي تفتقد الى القدرة على البقاء. اسألوا أطفالكم من منهم متأكد من العيش هنا من الآن حتى عشرين سنة مقبلة، انتبهوا: انكم ترقصون فوق سطح ترفعه دعامات متصدعة”.
ومن المهم هنا أن نوضح أنه الخطأ أن نختصر فصائل المقاومة الفلسطينية في كتائب القسام التابعة لحركة حماس فهناك أيضا أكثر من 12 فصيلا للمقاومة وهي : سرايا القدس ، وألوية الناصر صلاح الدين، وكتائب أبو علي مصطفى، وكتائب المقاومة الوطنية ،وكتائب الأنصار ، وكتائب المجاهدين ،وكتائب عبد القادر الحسيني، وكتائب الشهيد جهاد جبريل، ولواء نضال العامودي، وجيش العاصفة ، مجموعات الشهيد أيمن جودة وغيرها.
وفي الختام أدعو الحكومات العربية لوقف التطبيع مع اسرائيل لأنه يتناقض مع حقائق التاريخ ووقائع الجغرافيا، ولأن كل العرب في نظر الاسرائيليين متوحشين يستحقون القتل ويتساوى في ذلك المطبعين وغير المطبعين. وأبلغ وصف للحالة العربية الرسمية للهرولة للتطبيع مع العدو الصهيوني جاء على لسان أحد الخبراء الفاهمين لأبعاد الصراع العربي الإسرائيلي قال فيه : “هذه السياسات والتحولات تصب مجانيا فى طاحونة نظرية الأمن الإسرائيلي، وتجعل اسرائيل تقوى بغير استحقاق ، وتفرض اراداتها بغير ممانعة ، وتطمع في قيادة الإقليم دون ان تتنازل عن مشروعها الاستيطاني وطبيعتها التوسعية “.
Aboalaa_n@yahoo.com