أحيانا، يصرخ البعض بقوله: “عيشة تقصَّر العمر”، وعادة ما تأتي هذه الصرخة في حالات “النكد” أو الاكتئاب والتوتر!!
ويبدو أن هذه المقولة، أو الصرخة، لها ظل من الحقيقة، فقد أثبت العلماء أن المصابين بالاكتئاب الشديد تتسارع لديهم شيخوخة الخلايا بمعدل عامين، مقارنة بالأصحاء. وقالت الدراسة إن الاكتئاب قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة.
ومن غير شك، فإن الظروف المحيطة بنا من الوباء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية من الأمور التي قد تتسبب في للإحساس بالاكتئاب أو الضجر!
وفي السابق عرف العلماء أن الاكتئاب الشديد يشكل أحد عوامل الخطر بالنسبة للعديد من الأمراض المختلفة المرتبطة بالشيخوخة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض الزهايمر وهشاشة العظام. كما أنه مرتبط بحالات الوفاة المبكرة. لذا افترض الباحثون أن الاكتئاب قد يحفز حدوث عملية بيولوجية داخل الجسم تعجل بالشيخوخة.
الباحثون بجامعة كاليفورنيا، قالوا أن المصابين بالاكتئاب يكون لديهم معدلات أعلى من الأمراض الجسدية المرتبطة بالتقدم في السن والوفاة المبكرة، حتى بعد أخذ أمور مثل الانتحار وعادات نمط الحياة في الاعتبار. وقد ظل هذا الأمر يمثل لغزًا لفترة طويلة وهو ما دفعهم للبحث عن علامات الشيخوخة داخل الخلية.
لمعرفة ذلك، قام الباحثون بقياس مدى حدوث تغيرات كيميائية معينة في الحمض النووي الوراثي لتقدير العمر البيولوجي أو الخلوي للشخص، فمع تقدم الإنسان في العمر، تبدأ ذرات معينة من حمضه النووي في الاختفاء لتحل مكانها مجموعات الميثيل (ذرة كربون واحدة مرتبطة بثلاث ذرات هيدروجين)، في عملية طبيعية تُعرف باسم “المَثْيَلَة”. وهذه التغيرات الكيميائية تغير وظيفة الجينات داخل الخلايا.
فتّش الباحثون عن أنماط معينة من “المَثْيَلَة” التي تم ربطها سابقًا بحالات الوفاة، ورغم أن المصابين بالاكتئاب الشديد لم تكن لديهم علامات جسدية على تسارع الشيخوخة، فقد كان لديهم نسبة أكبر من المَثْيَلَة” مقارنة بعمرهم الزمني. بعبارة أخرى، تسارعت لديهم شيخوخة الخلايا بمعدل عامين مقارنة بالمجموعة الضابطة من الأشخاص الأصحاء.
ويقول الباحثون إن هذا يغير طريقة فهمنا للاكتئاب، من مرض عقلي أو نفسي بحت، يقتصر على العمليات التي تحدث في الدماغ، إلى مرض يصيب الجسم بالكامل. وأشاروا إلى أنه يجب أن يغير هذا بشكل أساسي الطريقة التي نتعامل بها مع الاكتئاب وكيف نفكر فيه كجزء من الصحة العامة.
لكن لم يتضح بعد ما إذا كان الاكتئاب يسبب تغيرات في المَثْيَلَة لدى بعض الأشخاص، أو ما إذا كان الاكتئاب والمثيلة مرتبطين بعوامل أساسية أخرى في الجسم. ويقول الباحثون إن هذه النتائج بحاجة إلى تكرارها في عينة أكبر وأكثر تنوعا.
ويأمل العلماء في التوصل لعلاج يمنع التغيرات التي تسرع شيخوخة الخلايا.
لكن هل يمكن تجنب الاكتئاب؟!