يتصرف غالبية المصريين بشكل عشوائي مع مواقع التواصل الإجتماعي ، وينشرون معلومات وصور شخصية وكأنها تصرفات طبيعية. وينسى هؤلاء الاشخاص أن مئات الملايين من البشر في مختلف قارات العالم يمكنهم الإطلاع على ما تنشره وأن هذه المعلومات قد يستخدمها البعض في ارتكاب جرائم . فيقول الخبراء أن مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك ،أصبحت هي الوجهة الجديدة للصوص للحصول على المعلومات الشخصية للمشتركين واستخدامها في عمل هويات مزورة تسهل لهم إرتكاب جرائمهم وقد تجد نفسك في النهاية ملاحق من الجهات الامنية على جريمى لم ترتكبها .
والأخطر من ذلك ان ما ينشره ملايين المصريين يوميا على صفحاتهم على الفيس بوك يوميا تبدو في نظرهم عادية ، ولكنهم لا يعلمون أنهم يقدمون وجبه سهلة للذئاب البشرية على الشبكة العنكبوتية ، أو معلومات مجانية يستفيد منها الأعداء . ويقول الدكتور محمد الجندي، خبير تكنولوجيا المعلومات بالأمم المتحدة:” أن عدد مستخدمي فيس بوك في مصر وصل إلى قرابة 80 مليون مواطن”. وحذر ،في حوار مع احدى الفضائيات المصرية في أكتوبر عام 2019 ، أن الشعب المصري يشهد غزوًا وإختراقًا عبر فيس بوك ” . ونبه الجندي رواد مواقع التواصل قائلا : ” السوشيال ميديا بتقودك وبتدفعك دفعًا لأشياء أنت مش واخد بالك منها”.
وأكد على خطورة الفيس بوك أيضا جوليان أسانج – مؤسس موقع ويكيليكس – في حوار له مع احدى القنوات الفضائية العالمية بقوله :” أن موقع فيس بوك يعتبر أكثر أدوات التجسس التي إبتكرها الإنسان رعباً في تاريخ البشرية، وعلى جميع البشر حول العالم أن يدركوا أن الاشتراك في فيس بوك يعني تقديم معلومات مجانية لوكالات الأمن الأمريكية لكي تقوم بإضافتها إلى قواعد بياناتهم التي يضعونها لجميع البشر على وجه الأرض “.
والخطورة لا تقتصر على جمع المعلومات ، بل إن الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الاخرى تحولت إلى ساحة حرب حقيقية ، وهذا ما أكده كتاب ( شبه الحرب: تسليح مواقع التواصل الاجتماعي ) الذي صدر بأمريكا في أكتوبر عام 2018 وجاء فيه :”يُعد ظهور الإنترنت تطورا مفاجئا وخطيرا في الحرب والسياسة الدولية، فقد غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي في ديناميات الصراع، حيث باتت مكانًا لشن حرب جديدة تستهدف عقول وقلوب الشعوب “.
وخلص المؤلفان بيتر وارن سينجر الخبير الإستراتيجي في مركز نيو أمريكا، وإميرسون بروكينج الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ، إلى أنه :” لم تعد مهاجمة مركز ثقل العدو (عقول وأرواح شعبه) تتطلب عمليات قصف ضخمة، لكن كل ما يتطلبه الأمر هو هاتف ذكي، واستهداف المستخدمين، وتحقيق هدف الحرب دون إطلاق رصاصة واحدة”.
وشرح الكتاب بدقة كيف يمكن للحكومات والمنظمات استخدام ( قوة التضليل) للتلاعب النفسي والسياسي والعسكري والاقتصادي عبر ”توظيف وسائل التواصل الإجتماعي للتأثير على أفكار المستخدمين وتوجهاتهم، واختياراتهم. وليس هذا فحسب، بل يمكن استخدامها لتجنيد أفراد ومجموعات للقيام بهجمات إرهابية، أو نشر الكراهية والاستياء بين الشعوب المتنافسة، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب أو إبادة جماعية، علاوة على إحداث شقاق وانقسام في الأصوات داخل البلد الواحد “.
وبالنظر إلى واقعنا نجد أن مجتمعنا وكل المجتمعات العربية والاسلامية تتعرض لحرب معلوماتية شرسة مستمرة وتشارك فيها دول وأجهزة استخبارات ومراكز أبحاث ، وتستهدف تشويه قيمنا الأصيلة ورموزنا القدوة ، وصولا الى طمس هويتنا . ومواجهة هذه الحرب ضرورة مصيرية وتتطلب تكاتف كل مؤسسات المجتمع الرسمية والأهلية بتكثيف برامج تثقيف وتوعية المواطنين لتحصينهم ضد الإختراق، ومراقبة حملات التضليل الأجنبية وإحباطها. وعلى المواطنين عدم الانسياق وراء كل ما ينشر عبر الفيس بوك وغيره وتصديقها دون تدقيق. وعليهم ايضا التحفظ فيما ينشروه وعدم الترويج لاي شئ ينشر دون التحري من مصداقيته ومصدره .
Aboalaa_n@yahoo.com