مصر لن تكون مصر بدون العظمة..وهي دائما وابدا عظيمة بإذن ربها..فالعظمة هي سر وجودها وخلودها وضابط حركتها والوقود الحيوي الدافع لدورها الحضاري القدري على مر العصور لتكون نبراسا للبشرية ومعلما لها وهاديا ومرشدا الى معالم طريق النور الانساني الذي لا يتوقف شعاعه ولا يمكن ان يحجبه حاجب مهما اوتي من قوة ومهما بلغت درجة قوته اوغطرسته وطغيانه.
وتظل هذه العظمة العظيمة مصدر الفخر لكل ابنائها وكل محب للحضارة وعاشق للجمال مفتون بجلاله مسحور بظلاله وايماءاته متطلع الى الخير دائما وابدا.
وقائع التاريخ ومجريات الامور على مر الدهور تؤكد ان دور مصر وقوة تاثيرها وحيوية حركتها مرتبط ارتباطا وثيقا بسطوع شمس عظمتها وهي كانت دائما وابدا حريصة عليها رغم انها كانت تدفع اثمانا باهظة وضرائب فظيعة سواء من الطامعين والطامحين وحتى من اقرب الاقربين ايضا.
العظمة واحدة من ابرز معالم الطريق الى الجمهورية الجديدة جمهورية الامل.. مصر العظيمة كما نحب ونرجو من اجل خير ابنائها والعالم بل والانسانية..
نظرة سريعة فقط على خريطة المنطقة كفيلة باكتشاف الحقيقة المرة وكافية لان تضع كل الايادي على اسباب النكبة والخراب الذي حل بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وانسانيا.. فالمنطقة لم يصبها ما اصابها الا عندما تراجعت مصر وتخلت عن عظمتها رضاء او بفعل فاعل داخلي وخارجي واريد لمصر ان تتجرد من تلك العظمة وان تنكفئ ليس فقط على نفسها بل وتغرق حتى ما بعد اذنيها وتغض الطرف عما يجري لها وما حولها..عندها انفتحت ابواب جهنم الحمراء والسوداء وعاث الفسدة والفاسدون في الارض فسادا وافسادا وتكالبت على الامة الذئاب والكلاب والسباع كما تتداعى الاكلة الى قصعتها..وضربت حالة من التيه والمذلة المصحوبة باللعنة.. ضاعت البوصلة وتاه الجميع بمجرد حدوث الاغفاءة المصرية وتراجع قوة عظمة مصر العظيمة المعظمة وما اظنها الا مقصودة ومدبرة بليل ونهار فأصبح الحال كما تنعيه كل الخرائط والاحوال.. دول ضاعت ودول على الطريق واخرى تنتظر ودول لم يبق منها الا اشلاء وبقايا شعوب هجرت وطردت بكل قسوة من ديارهم واهليهم وحضارات تدمر وتباد من على الخريطة وان المرء ليعجب من حالة السعار المتقدة ضد اراضي الحضارات القديمة عمليات ابادة قسرية وقهرية سلب ونهب لا يتوقف بلا هوادة غل وغيظ وكراهية لا مثيل لها تعكسها عمليات التنكيل والانتقام من كل شيء من البشر والحجر على السواء عمليات تدمير وابادة وخنق لكل الحضارات والعالم في موقف المتفرج على ما تفعله الات القتل والتمير الفاحش لما يسمونه بالقوى الدولية!
لا اتصور ان الامر مجرد صراعات على مناطق نفوذ وفرض هيمنة والسعي الى امتداد مذهبي الامر تجاوز كل ذلك بوضوح وفجاجة في اليمن الذي كان سعيدا وفي ارض الحضارات في بلاد الرافدين والهلال الذي كان خصيبا وفي مالى وتمبكتو ومعالم الحضارة الانسانية الاسلامية في بلاد الساحل والصحراء ولا اظن ان ما يجري بالنسبة لنهر النيل وما يخطط له ببعيد عن هذا الفكر الظلامي الاسود..انه حلم تجفيف منابع اقدم حضارة انسانية على وجه الارض..أضغاث احلام واوهام للانتقاص من احد اسرار روافد العظمة المصرية على مر التاريخ وحتى قيام الساعة باذن الله..
النيل كان ومازال احد خطوط وخطط اعداء الحضارة والانسانية بعد ان تأكد لهم بما لايدع مجالا لاي شك ان مصر بعظمتها وقدرها ومقدارها هي رمانة الميزان هي الصخرة وهي حائط الصد وحصن الامن والامان وكما يقول المؤرخون بحق مقبرة الغزاة على مر الازمان..واسألوا التاريخ منذ ما قبل عصور الهكسوس والرومان وغيرهم ومرورا بالحملات الصليبية وحتى اوهام بني صهيون كلها تكسرت نصالهم وتحطمت امالهم وزالت نزواتهم ورجعوا يجرون اذيال الخيبة والعار مفسحين المجال لتتطاول عظمة مصر والمصريين أكثر وأكثر..
مصر الان في الطريق او على عتبات جمهورية جديدة سمها ما شئت الجمهورية الثانية او الثالثة..ربما الثالثة هي الاقرب إذا اعتبرنا ما حدث منذ عام 1952جمهورية يوليو.. ثم في 1973جمهورية اكتوبر وما تلاها ثم جمهورية 30يونيو..
أيا ما يكن فمصر امام نقطة تحول جوهرية مرتكزة على قاعدة انجازات عريضة على ارض الواقع يقودها ويحركها بكل قوة الرئيس عبد الفتاح السيسي. تسابق الزمن لتتخلص من ركامات كثيرة كبلتها وعطلت مسيرتها حتى اقتربت كثيرا من حد الفوضى المهلكة لكن الله سلم واستطاعت مصر بالمخلصين من ابنائها ان تقفز وتتجاوز كل الخطوط الحمراء وغير الحمراء ودفع المصريون ولا يزالون ثمنا غاليا وتحملوا المشاق من اجل عودة الروح واستعادة الوعي الحقيقي..
الحفاظ على مكاسب الجمهورية الجديدة وتعظيمها والبناء عليها قضية في غاية الاهمية لابد ان يدركها الجميع بلا استثناء ويتم العمل والبناء عليها بجدية واستمرارية وفق خطط علمية مدروسة وواقعية وفقا للقدرات والامكانيات.
واقع الحال يؤكد ام مصر الجديدة وجمهوريتها الجديدة بحاجة الى عقد اجتماعي جديد فكثير من الامور تحتاج الى تجديد وتحديث على الفور وواجب الوقت لا يقتضي التراخي.. نحتاج الى عدة انتفاضات حقيقة في كثير من المواقع لازالة ما تراكم من غبار وازاحة كل ما يعوق المسيرة ويحول دون ارتفاع البنيان بالشكل المطلوب..
نحتاج الى انتفاضة اخلاقية تربوية دينية تمنح سياجا قويا لعملية الانطلاق التى ترتكز على الانسان وتقوم بالانسان..نحتاج انتفاضة تشريعية حقيقة ليس فقط لمعالجة مشكلات وتحديات الواقع ولكن تسهل الطريق الى المستقبل على اسس وقواعد راسخة توفر الحماية والامان لكل من يريد ان يشارك في عملية البناء والتعمير بكل حرية وامانة واخلاص بعيدا عن اي محاولات للاستغلال واللف والدوران واللعب بمصالح البلاد والعباد..وايضا لحماية الاقتصاد القومي والامن الوطنى من ضعاف النفوس ومن كل قوى الشر في الداخل والخارج..
نحتاج مجالس نيابية قوية قادرة لها دورها في البناء الحضاري للامة وقادرة على الرقابة والمحاسبة من خلال ادواتها المتعددة تكون درعا للوطن والمواطن ضد اي محاولات للإهمال والتسيب والخروج على القانون واستغلال النفوذ..
نحتاج انتفاضة حقيقية وقوية وصادقة وليست صورية هيكلية في العمل السياسي والشعبي ولا ابالغ إذا قلت ان ما كان يجرى قبل يناير وحتى الان لم يعد مناسبا للجمهورية الجديدة نحتاج الى ابداع حقيقي في العمل السياسي والتعامل بوعي مع الجماهير عمل يعلى من قيمة الوطن والمواطن من خلال ابداع فكري حقيقي بعيدا عن فكر عبوات الزيت والسكر والمكرونة وطريقة الضحك على الذقون وتلبيس اللبدة التمام في دماغ السيد المواطن الغلبان.
اعتقد ان مياها كثيرة جرت في الشارع المصري ترفض وتمقت هذا الفكر ولم تعد نسبة الامية حجة مقنعة اومجدية اولعبة مقبولة خاصة مع ارتفاع معدلات التعليم الجامعي وتطور الحياة وتفاعلاتها السياسية التى نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي الى درجة غير مسبوقة وهو ما يفرض تحديا كبيرا ومرهقا على المؤسسات العاملة في مجال الاتصال بالجماهير سواء كانت احزابا سياسية اووسائل اعلام على مختلف اشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة على السواء..
الجمهورية الجديدة لابد ان يكون لها صوت معبر عن مصر العظيمة ويعكس عظمتها ويشارك في صناعة الوجدان الصادق القادر على ان يحلق بعيدا في ارجاء الكون ويكون بالفعل حائط صد منيع ضد اي محاولة الاختراق اوالتفكير في تزييف الوعي والعبث بالعقول..
ارصدوا وحللوا ردود الافعال على كل فعل عظيم يصدر عن مصر سواء في الثقافة والفنون وفي الدين والسياسة ..عندها سيدرك الجميع بلا عناء سر عظمة مصر وأنها لا يمكن ولن يرضى أحد الا ان تكون عظيمة..
نعم مصر تستطيع..والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com