حضرة الموقر..
أما عن الوجع..
فليس مهما لتلك الدرجة التي تؤرق مضجعك..
هو موت صغير ككل موت منينا به قبلا..
فكن مطمئنا ونم قرير العين مرتاح البال..
وأما عن الخطأ..
فها نحن نغفره ونسامح..
ونجاهد أرواحنا على نسيان كان دوما خارج حدود عالمنا..
أتدرك لماذا؟!..
حتى لا نلتقيكم بمظلمة ولا نطلبكم بقصاص..
فنرى وجوها أوجعت قلوبنا مرة أخرى..
ورؤيتها وجع أشد وجعا مما ألحقته بنا من أذى..
وأما ما كان من سابق عهد الود يا عزيز نفسك..
فلن تعود أيام مضت، وقد أورثت أرواحنا كل ما كان من هلكات..
فالمرء يحيا يرتقي بنفسه عن مواطن الأحزان-وإن كان ذاك قدر غيرنا-فوجب علينا أن نسعى وعلى الله بلوغ المراد..
فكيف بالمرء أن يعود طائعا مختارا لذات الحلم الكافر الذي أورثه حتفا بعد حتف..
وذات الدرب الذي أدمى قدميه حد النزف..
وهل يُطلب الشفاءُ في أودية الشقاء؟!..
الفرق نقطة والبون شاسع..
أما حياتنا فهي دونكم أقرب للحياة وإن كانت على الحالين موتا..
وأما حياتكم فقد كانت دوما بنا وبدوننا واحدا..
إلا أن الفارق أنكم استزدتم بنا فوق لهوكم لهوا..
وكل ما أرجوه هنا..
أن تكمل العبور وتخفف الوطء..
فما خلقنا بالأصل لنكون معبرا، ولكن أبت قلوبكم إلا أن تجعلنا تحت الأقدام حتى تصلوا..
وقد أدركتم الآن مبتغاكم..
وصرتم على قيد خطوة مما ارتضته نفوسكم..
فلا يهم كمَّ ما أخلفتموه من دمار..
أن ننتحب أو نحتضر أو نموت..
لا تأبهوا..
وهل كانت الغاية تدرك إلا بجهد؟!..
فالحمد لله أنَّا كنا زادا لقوافلكم ولم نحسب يوما على أهلها..
والحمد لله أنَّا حافظنا على بياضنا رغم سواد بواطن الرفقة..
غدا..
تشرق الشمس ونحن في صفوف من دان بالطهر حتى المنتهى إذ ماتت الخطى على أعتاب الصد لم تتنعل وزرا سوى دربا قطعته يوما إليكم..
واللهُ يمحو ما يشاء ويثبت..
فلعله يغفر ما كان منا..
-#أما بعد يا حضرة السلطان..
وقد أعلنت محكمة جلالتكم أن الجلسة قد رفعت منذ أربعين أتراحنا البائس..
وأن الحكم من قبل مجيئنا نافذ لا يقبل استئنافا ولا مداولة..
فلا دفع يجدي الآن..
وإن كنا نستميحكم عذرا يا حضرة الملك..
فلم يكن إضاعة للوقت..
ولا تأجيلا لإطلاق سهم فارق القوس قبل أن نفوه..
إنما هي كلمة أخيرة..
دمتم سالمين وغنمتم..
هنيئا لكم ما أخذتم..
ولنا الله في العقبى..
وعند الله تجتمع الخصوم..
الناجون في كنفكم كُثر..
فماذا يهم؟!
إن كان المجاهيل في عداد من هلك..
ألسنا أبناء الموت؟!..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..