على الشاطىء يجثو الوجوم
والوقت كأس مهرقة
لا شفاه تلثمه لكنه الحزن المباح
ولا نوارس تحتفي بموت الضجيج
كنا جلوسا
والمساء استدار صفصافة جَذِعة
وحدهم من لامسوا الأفق
وامتطوا المدى
تركوا خلفهم أحاديثا لم تكتمل
وأحلاما لم تزل غضة
غافلونا واختفوا بين طيات الغيوم
حلقوا حيث البعيد
تركوا لنا الناي الحزين
ومضوا حيث غابات القصب
كانوا في الجوار
لكننا لم نر ملمحا….لم نعرف الوجوه
كانوا في بعدٍ قريب
أو ربما قربٍ بعيد
خايلتنا دهشة ورجفة
والبحر يهدر في صخب
بينما الموج يعد لائحة الغرق
يكتب الأسماء
ويمني العمق بولائم سخية
والصمت راية الليل الأخير
أطلق البحر هسيسا خافتا
وحدهم من سمع
قاموا إليه في سكون
لم توقفهم نداءات كثيرة
وحدهم من رأي رايات الوداع
وحدهم من راقص النهاية
حتى النخاع
وأخلفوا مواعيد الإياب
تركوا على الشط وصية أخيرة
أثارهم فوق الرمال
هواتفهم والمظلة
والكثير من السكون
لم ينظروا خلفهم
لم ينطقوا
كانوا في شغلٍ عن الحياة
مضوا إلى الماء في أول المساء
ربما هللوا لقوارب الرحيل
ربما أيقنوا أن لا رجاء
فأسلموا للغرق رايتهم وابتسموا
بلا استغاثة
في آخر الليل أعلنوهم نبأً للفجيعة
قالوا غابوا..
دلفوا للماء ولم يعودوا
قالوا أصروا على الغوص رغم تحذير الرياح
قالوا لم يبالوا بالنداء أن لا تخوضوا للبعيد
في آخر الليل
قالوا عادوا
محمولين بلا حِراك
فاقدين النبض والحلم الندي
فاقدين الاسم ولا هوية
وبرودة الأجساد نصل في القلوب
قالو عادوا….
…أخرجوهم قبلما تنزعهم النيوب
زرقة الموت غالبت زرقة البحر وفاقت
كيف عادوا
أهكذا بالله…..
….عادوا!؟!؟!