قال..
بين الخيبة الكاملة وبيني..
خطوة واحدة..
لا أقدامي عادت قادرة على أن تقطعها..
ولا هي تقنع بي وطنا فتستقر بين ضلوعي..
حيث آخر أضرحة الصبر المسجى حتى يؤذّّنَ فينا بالدفن أحياءً..
حيث أعلى مدارج الذبول..
وذروة سنام الانطفاء..
سحقا..
حتى الخيبة أبت أن تقبل بنا؟!..
فماذا يبقى هنا؟!..
وعلى خطوط كفي..
في تعاريج أوردتي..
وملامحي الغبراء..
كان للقدر مسرحا وستار(ا)..
مسرحية..
وأبطال..
وعدة أدوار..
تبحث عن نجم الصف الأول..
عن أكفٍ تصفق بحرارة..
دون حتى أن تفهم ما إذا كانت تصفق على روعة الأداء..
على براعة كذبة..
مرتبة ومهذبة ومنطقية؟!..
أم..
تلطم خدا في جنازة لم يُعرف بعدُ من صاحبها؟!..
أهو الذي أصابته الرصاصة حتى العمق؟!..
أم ذلك الذي يحمل البندقية؟!..
وكلاهما مذنبٌ حسب الشهود..
لكنها تتفاعل بحرارة..
فتؤدي دور الكف كما رسمه القلم..
إييييه..
هونوا عليكم أيها السادة..
المسرحية موت مقنع..
لم يجد أداء الدور كما طلب منه..
ولم يحسن اختيار فريق العمل..
فاختار أن تكون الأحداث لجثمان أحمق..
انتعل روحا في قدميه..
فصلا واحدا للبدء والختام..
وبطلا واحدا يؤديه..
لكن..
ها هي القصة قد انتهت..
ولم يُعرف حتى الآن..
مَنْ بديل المشاهد الصعبة؟!..
الذي يصلح ما أفسدته الدمى..
أهو ذلك الذي جاء على عمى..
أم ذلك الذي..
رحل..
عذرا يا فخامة المسرحية..
ها أنت تتكررين كل يوم..
دون ملل..
بوجه جديد للبطل..
ولقب واحد للضحية..
(مغفل)..
يليه..
وإني لأشتهي أن أشتري مبكىً على أكتاف غريب..
أو أكتري مذبحا بمقدار شبر على صدر مجهول..
أو..
أو ربما أرهن آخر نبضة في أيسري..
بحجر من قعر جهنم..
وما الغريبُ؟!..
إن الغريبَ يا سيدي..
لن يبكي على السكين حين تتألم..
لن يشج رأس الأحجار بطرا حين تتكلم..
لكن..
حتى أمنية الموت الرحيم هذه لم تعرف الطريق إليَّ..
ولا أنا عرفت كيف أنافق جموع أوهامي؟!..
فأضحك حينما يستفزني البكاء..
طالما كانوا يضحكون..
أو كيف أبكي حينما يأمرون؟!..
ولا أنا-جهالة-عرفت كيف أتأقلم..
فأنا رجل أنجبته الحماقة الكبرى..
حينما حملت سفاحا من الوهم..
فلم يعد يفهم..
فليتني أجد ذلك الغريب الذي لا يضن عليَّ بخارطة أقرب درب للخروج من تلك المتاهة..
لكن كيف والغرباء يا سيدي أضحوا يغالون في الثمن..
وأنا من أبناء السبيل..
رغم أن السبيل هذا لم يعترف يوما بي وأنكر نسبي..
محض فقير لا يملك إلا روحا واحدة..
سرقها أحدهم ذات سطو..
أو ربما..
ذات سهو..
فالأمر متساوٍ..
وكان وعدني ببلح الشام وعنب اليمن..
وشربة ماء من عدن..
وأخرى من موضع مبارك في بابل..
وإستبرق يعلو ديباجا..
وحرير لم يحلم به يوما بدن..
وعواصم عشق لا يبلى..
وليالي وصالٍ لا تنسى..
إمبراطوريات كثيرة وخِلافاتٍ..
وبيعة على الإخلاص..
شراك..وحراك..
كواكب..
شموس..
وأفلاك..
فروض..
وسنن ونوافل..
وفضائل..
وحقول نخيل..
وغراس
وفسائل..
وظباء..
وأيائل..
حتى أنه..
أ..أ..أنه..
حتى أنه يا سيدي..
أقام الحدود..
جَيَّشَ الجيوش..
وشرع في بناء المدن..
فهل كان كل ذلك كذبا؟!..
لا تقل إي..
باللهِ..
لم يكن الأمر يحتاج كل هذا الجهد..
من عناء..
ترحال وأسفار..
وغياب وبعد..
وإضاعة الوقت..
ووعدا على البقاء حتى الموت..
ومائتي كتاب لأحاديث الصمت..
برواة ثقات..
أضعفها (حديث حسن)..
وألف وعد ووعد..
ولا كل هذه الوثائق..
والمفاوضات..
وطاولة مستديرة..
ومعاهدات..
وأحلاف وصراعات..
وافتراضات وبدائل..
وملايين المسائل..
ياااااه..
لماذا أهداني مائة قرن من زيف إذن؟!..
وكان يكفيه رصاصة رخيصة في أم قلبي..
وقطعة قماش للكفن..
إن لم يكن يملك ثمنها..
فليبع قلبي الذي مات وجعا قبل أن تموت روحي..
ويشتريها..
ثم يتصدق بها عليَّ..
كأي غريب..
وإن الغرباء يا سيدي..
حسب ما أفهموني في طفولتي..
لا يبخلون بالصدقات على محتاج..
خاصة..
صدقة تستر عورة..
فكيف إذا أضحى عارٍ..
تراه عيون الأعمى..
لكن هؤلاء المبصرين..
لا ينظرون إلى الأرض..
حيث نحن..
ومتى كان أبناء السماء ينظرون أسفل أقدامهم؟!..
تبا لخيالاتنا الحمقاء..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..