قال..
عذرا يا صديقي..
كنت أظنني مهما لدرجة أن تقلق..
لأوجاعي..
لأحزاني..
أو تأسف لفقداني..
أن تجزع لغيابي الطويل..
لعارض أو ما شابه..
لكن العتب على حسن الظن..
فما على من ظننا أننا مهمون لديه لوم..
العتب عليَّ..
على طولٍ في ثوب أحلام..
جعلني أجر أذيال الخيبة، أتجرع مرارة الهجران..
ووجع الانكفاء لسوء الاتكاء..
حينما عزمت العودة من رحلة لم أقصد أصلا أن تتعطر أقدامي بتراب شعابها وما غير قلبك غرر بي فأغراني..
والقصر هنا في مدى إدراكي لواقع الأمور..
أن المآل ما كان ليكون أفضل بأية حال من الموت بالخذلان..
أو السجن في آبد الحرمان..
والشبهة التي لبست عليَّ أن الوهم اغتال مخيلتي..
وترك شياطينه تمرح في أزقتها..
تعيث الفساد في كل زاوية..
فجعلني أتصور الأشياء على غير حقيقتها..
وأهداني في نهاية المطاف تذكارا على شكل هاوية..
فلتطمئن قلبك ولا تهتم..
هي محض عوارض يوما تزول..
ويشفى القلب من كل ما شابه..
سيمضي الخريف بكل تقلباته..
وقد ترك وجه الشجر عاريا لصفعات الريح..
لا بأس..
هي سنة الحياة موسم للزهر وفصول للذبول..
هي الأيام مواسم وفصول..
سيتألم القمر
وتغيب الشمس؟!..
وما الغريب في الحكاية؟!..
أنني مطعون؟!..
أنني محزون؟!..
لا تبتئس..
لا شيء فيها..
كثير محزونون..
وما الحزن إلا وجه الفرح الثاني حينما سقطت الأقنعة..
وما الضحك إلا بكاء يتقن وضع مساحيق التجميل..
وهل كان الحب الذي زرعناه يوما في أرض الأحلام إلا فراقا ينتظر موعد الولادة؟!..
غير أن ما يحز في نفسي جدا..
أن الخريف سيأتي حينما يحين موعد جنازته ليعتذر للشجر..
ولكن هل تقبل التوبة والروح في الغرغرة؟!..
رفع القلم يا صديقي..
وامتلأت الصحف..
لا توبة تُقبلُ وصاحبها يعاني سكرة موت كان قد أهداها لحي كم مات اعتذارا وما من أذن تسمع..
أما وقد نفدت خزائن الصفح..
فلا تطلب ما لا يملكه من تستعطيه..
وابحث لك في أرض أخرى عمن يمنح ما تبتغيه..
لكن هذه الأرض الآن؟!..
لا..
ما عادت تثمر ذلك الزرع وقد سقيت حميم الشح..
فكيف تَحصدُ مالم تُعطِ؟!..
وقديما قالوا..
من زرع حصد..
القلب مات يا صديقي..
والروح..
فارقت الجسد..
بالله قل لي..
كيف تسأله حياة؟!..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..