بيانان في غاية الاهمية اوبمعنى أدق نداءان صدرا في وقت متقارب من جهتين عظيمتي الشأن يحذران من خطورة التربية الفاسدة وترك الحبل على الغارب للاولاد بنين وبنات في مجتمعنا المعاصر وبصورة غير مسبوقة ومن خطورة التدليل الزائد عن الحد والاسراف والتبذير حد السفه مؤكدين ان الافراط في دفع اموال في غير وجهتها الصحيحة لن يكون بديلا ابدا عن التربية السليمة ولا يصلح ان يكون عوضا عنها..
اهمية النداءين انهما جاءا في اعقاب حوادث مؤلمة وفاجعة وغريبة على مجتمعنا وكانا استجابة وتفاعلا مع مجريات الامور والاحداث التى احدثت صدمة عنيفة واكدت ضرورة وجود وقفة جادة وحاسمة لمواجهة ما يجرى و معالجته بسرعة وبالحكمة المطلوبة .
النداء الاول من النيابة العامة وعلى لسان رئيسها سيادة المستشار حمادة الصاوي والذي قال صراحة وبملئ فيه “اتقوا الله في ابنائكم “.
والحقيقة انه لم يكن نداء واحدا او مرة واحدة فقط من النائب العام بل اكثر من مرة.حدث في اثناء التحقيقات في القضايا الشهيرة لفتيات التيك توك حنين حسام ومودة الادهم ومنار سامي فقد اهابت النيابة العامة بالجميع حكومة ومؤسسات ومجتمع آباء وأبناء الحذر والتصدي لمستحدثات أمور في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب شرور غايتها تبديد القيم وتزيين الفواحش وجعل السيئات من الـمُسَلَّمات.وقالت حافظوا على قيم هذا البلد العريق ومبادئه وكافحوا الفساد بشتى صوره وأشكاله واصبروا وصابروا واعلموا أنه إذا حُمِل الحق على الناس جُملة دفعوه جملة ويكون من ذلك فتنة فالصرح العظيم يبنى لبنة لبنة وما الإصلاح إلا تَدَرُّج وتَؤدَة وإنه لخير أن يأتي علينا كل يوم من أيام الدنيا فنُمِيت فيه بدعة ونحيي فيه سُنة حسنة.
ومرة اخرى في اعقاب الحادثة المفجعة بأسيوط والتى تسبب فيها طفل يقود سيارة وادى الى موت أربعة أطفال بإهماله ورعونته.
عندها ناشدت النيابة العامة الآباء والامهات بعدم الإفراط في تدليل الأطفال والسماح لهم بأشياء لا ينبغي السماح بها وغض الطرف عما يفعلون من أمور يراها البعض بسيطة، وهي في الأثر عظيمة، ينتهي بانسياقهم إلى جرائم حقيقية وشخصيات إجرامية غير سوية.
واوضحت النيابة أن إرضاء الأبناء دون انضباط ما هو إلا هروب من مسؤولية تعليمهم وتربيتهم وتأديبهم التأديب الصالح الذي يبني شخصياتهم النافعة ويقيهم الأضرار والشرور.
وطالبت الأهل حُسن القيام بواجبهم تجاه أبنائهم وإعانة المؤسسات التعليمية والدينية الرسمية في تربيتهم التربية السليمة، فلا تذهبوا بهم إلى عنف لا طائل منه أو تسيب وتدليل لا خير فيه فالخير دومًا في وسط من ذلك والحق دومًا بين باطلين.
النداء والتحذير الثاني جاء من الازهر وعلى لسان فضيلة الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب حذر فيه صراحة وبصورة مباشرة لا لبس فيها من خطورة انتشار صور التبذير والإسراف والسفه في مجتمعاتنا ليس في مصر فقط بل وفي الم المجتمعات العربية.
توقفت امام كلام الامام الاكبر وهو يمس قضية خطيرة كلنا شاهدنا وسمعنا ما يحدث على الساحة من سفه سواء في الحفلات اياها او المهرجانات الغنائية والفنية بصورة مستفزة و جل جمهورها من الفتيان والفتيات وكانت مثار انتقاد حاد من اوساط كثيرة وواجهت حالة من الغضب والرفض واستصرخ الجميع الجهات المسئولة للتدخل وحماية الشباب من السقوط في براثن الفوضى والانحلال الخلقي والتحلل القيمي الرهيب..
وهو ما انعكس في صورة شديدة الايلام سواء في الحوادث على الطرق او داخل المصايف وعلى الشواطئ اياها او في الملات والاسواق التجارية واماكن الترفيه وصلت حد الانتحار واهلاك النفس..
فضيلة الامام الاكبر قدم تشريحا وقراءة علمية بسيطة بليغة لما يجري ارجعه الى سبب جوهري وهو ان ما يجرى هو نتاج طبيعي لعملية تربية فاسدة وسوء فهم واستغلال للاموال التى وهبها الله للبشر واستخلفهم عليها وعقد مقارنة سريعة بين من يمتلكون الاموال في مجتمعاتنا ونظرائهم في المجتمعات الغربية وكان حديثه بسيطا شفافا واكثر اقناعا حين قال:”أنا عشت بين أسر أجنبية ورأيت الذين يمتلكون الأموال لا ينفقونها بهذه الصورة وليست لديهم متع بهذه الصورة لأنهم يركزون على تعليم المسؤولية ويعلمون أنَّ الحياة مسؤوليات ولكن هنا في العالم العربي لا نركز على تربية تعلم المسؤولية بدليل أنَّ أبناءنا وبناتنا – في شريحة معينة – من كثرة المال والرفاهية يريدون أنْ يفعلوا كل شيء حتى وصل الأمر بهؤلاء الأبناء في بعض الأحيان إلى الانتحار لأنه تعود أن يَطلب فيُطاع ووصف التربية في هذه الحالة بانَها تربيةٌ فاسدة وأنَّ أول ضحايا هذه التربية الفاسدة هو الولد أو البنت.
أوضح فضيلته أنَّ الإسلام تدخَّل ومنع السفه والتبذير والإسراف بلا داعي وأنه لا يمكن أن يحل المال محل التربية السليمة أبدًا وأنَّ الحكمة من تدخل الشريعة والقرآن مع الغني في أمواله هي تنظيم المسار لمصلحته ومصلحة أبنائه كما أن الإسلام راعى في النظام المالي مصلحة المجتمع من حقوق في مال هذا الفرد مثلما راعى حقوق أسرته ونبه على أن التقصير بالحقوق هنا أو هناك يخل بالنظام العالمي وهو ما نعيشه الآن( انتهى كلام فضيلة الامام).
لقد نكأ فضيلته جروحا مؤلمة كلنا يعلم كل هذه المخاطر للاسراف والتبذير والانفاق الحرام وخطورة ذلك على الابناء والمجتمع ككل وكم من دراسات اقتصادية واجتماعية ودينية عرضت للقضية بوضوح ولكنها افة العصر.. تفريط ثم تفريط ثم استباحة كل شيئ دون رادع او وازع من ضمير او تربية او اخلاق حتى وان زعم البعض وادعى حرصا وتمسكا بادب واخلاق فانه اما غافل او يضحك على نفسه ليبرر الهروب الكبير من مسئوليات تنصل عنها طواعية او كرها منه اوعنه جريا وراء ملذات اخرى اقل اهمية فضاع منه كل شيء ولم يبق له الا الحصاد المر.
فعلى مدى العقود الاخيرة ومع سنوات الانفتاح المفتوح على البحري اصبح كل شيء ملعوب في اساسه رأينا كما هائلا مفجعا من الكوارث بسبب المال وحركته غير المنضبطة وما تبعها من فساد وافساد ليس فقط لفئة الشباب بل وخلق طبقات اخرى طفيلية محدثة نعمة عاثت في الارض فسادا وافسادا
وزاد الطين بلة ما حدث على صعيد التربية بصفة عامة وحالة الانحدار والانهيار اللاخلاقي في المظهر والسلوك العام والخاص حتى اصبح المجتمع اشد غربة وتغريبا مما كان يحلم به المتغربون والتخريبون واصحاب المدارس الضالة في الفكر والثقافة العبثية والتربية وحاملي الاجندات الاجنبية وغيرها مما له صلة بالشأن العام وحتى الخاص.
كثير من الازمات الخانقة التى تمر بها المجتمعات المعاصرة نتاج طبيعي لفساد التربية وللتربية الفاسدة والمسالة شديدة التعقيد فالامر لا يتوقف على الابناء فقط ولكن على الاباء ايضا وكثير من المؤسسات المهمة وهذا مما يصعب المشكلة لان الاباء ايضا تغيروا كثيرا والمؤسسات غائبة اومغيبة وضاعت وضاع دورها وتحتاج لاستعادة ضبط المصنع وحدث نتيجة ذلك خلل كبير في المنظومة ادي الى سرعة الانهيار فاصبحنا بحاجة الى اصلاح مزدوج وربما ثلاثي ورباعي اذا ما اخذنا في الاعتبار البيئة المحيطة والمؤثرات الاخرى.والحقيقة التى لا مراء فيها ان التربية الصالحة لن تثمر الا تربية صالحة مثلها كما قال سبحانه: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾.
**روى الإمام مسلم في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا).
**قال الشاعر الحكيم :
ترجو النجاةَ ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com