أين يشرد عقلك في وقت الفراغ؟
في دراسة بقيادة جامعة أريزونا، ومشاركة جامعات أخرى، تم تقديم بعض الأدلة، وكشفت النتائج عن قدر مذهل حول صحتنا العقلية.
تم تدريب 78 مشاركًا على التعبير عن أفكارهم بصوت عالٍ لمدة 10 دقائق أثناء الجلوس بمفردهم في غرفة مع تجريدهم من أي أجهزة إلكترونية. واستخدم الباحثون أجهزة صوتية لتسجيل تلك الأفكار، وقاموا بنسخ التسجيلات وتحليلها لمعرفة محتواها.
كان الهدف محاكاة فترات الراحة الصغيرة التي تتاح لنا، مثل الانتظار في طابور، أو الاستحمام، أو الاستلقاء في السرير ليلًا، حيث تكون المتطلبات الخارجية ضئيلة، فتتسلل إلينا الأفكار الداخلية.
معظم أبحاث علم النفس حول الفكر البشري كانت تخبر المشاركين بما يجب عليهم التفكير فيه، أو تطلب منهم أن يتذكروا ما كانوا يفكرون فيه قبل دقائق، أو تستخدم استبيانات التقرير الذاتي لعرض “لقطات مجمدة” لأفكار في لحظات مختلفة من الزمن.
ويقول علماء النفس إن هذا الأسلوب، لا يكشف عن كيفية ظهور الأفكار والانتقال من فكرة لأخرى، وهي ميزات التفكير المهمة لصحتنا العقلية. ولمعرفة الخصائص الديناميكية للتفكير، نحتاج إلى تسجيل الأفكار في اللحظة نفسها ولفترات طويلة.
ويقولون: “قضى معظم المشاركين الدقائق العشر الأولى وهم يفكرون في الحاضر أو المستقبل بطريقة محايدة عاطفيًا، لكن الذين سجلوا درجات عالية في اجترار الأفكار، ركزوا بشكل أكبر على الماضي والأفكار السلبية وهذا من أعراض الاكتئاب”. كثيرو الشرود يفكرون كثيرًا في أنفسهم.
تابع الباحثون أفكارًا معينة، وقاسوا مدة استمرارها ومدى ضيق أو اتساع نطاق التركيز عليها. الأفكار السلبية استمرت لفترة أطول من الإيجابية، وأصبحت الأفكار السلبية تنحصر أكثر في الموضوع بمرور الوقت، حسبما ذكر تقرير لموقع ساينس ديلي.
كذلك تبين لدى البعض أن الدقائق العشر الأولى منتجة وملهمة، حيث فكروا في مواضيع أو أهداف إيجابية يريدون تحقيقها. كانت أفكارهم مبدعة تمامًا. ووجدوا أن التمرين يوفر استراحة منعشة من العالم الصاخب حولهم.
لم يكن التمرين مصممًا للعلاج، ومع ذلك اعتبره الكثيرون جلسة علاجية مع أنفسهم.
وهناك أبحاث حول فوائد التعبير عن أفكارنا الداخلية، مثل كتابة اليوميات أو مشاركة الأفكار مع الآخرين، وهذه الدراسة أسهمت في ذلك، بشكل غير مباشر.
انتهت الدراسة قبل جائحة COVID-19، حيث عانى الكثير من الأشخاص من فترات الخمول الانفرادي خلال العام ونصف العام الماضيين أكثر من أي وقت آخر في حياتهم.
أجرى الباحثون نسخة أخرى من هذه الدراسة أثناء سيطرة الوباء وهم الآن يقومون بتحليل النتائج.
ويقولون إن الاضطرار للجلوس في المنزل لفترة طويلة أثر على صحة الناس العقلية بشكل كبير. “لقد اتضح ذلك مع زيادة القلق والاكتئاب أثناء الوباء والارتفاع المفاجئ في تعاطي المخدرات”.
حفظنا الله وإياكم من الوباء والاكتئاب.