لم يكن المفكر البريطاني الكبير جوج برناردشو اول من انتبه الى عظمة الرسالة المحمدية والمفاتيح التى يمتلكها النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتى مكنته من الانطلاق برسالته نحو العالمية وكذلك القوى الكامنة في الاسلام التى تجعله الانسب والاقوى والقادر على مواجهة اوجاع البشرية وترويض ما يتنابها من حالات تمرد وخروج على كل القيم والمعايير الانسانية والاخلاقية وايضا سرعة انقاذها من الوهاد الصعبة والمطبات شديدة الوعورة التى وقعت فيها بسبب الخروج المأساوي والطموحات غيرالآمنة والتطلعات الفاسدة وهيمنة القارونية المتعجرفة على سلوك بني البشر.ولن يكون ”شو”الاخير بين الذين تنبأوا بالمصير المظلم والكئيب لمستقبل العلاقات البشرية وتدهورها وتجاوزها مرحلة الحضيض والانحطاط وانه لن يكون لها من منقذ حقيقي الا محمد رسول الله..وقالوا ذلك صراحة وعلانية وعلى الملأ رغم كيد الكائدين واعتراض المعترضين من اصحاب الخطط الجهنمية التى لاتعرف اخلاقا ولا انسانية على اي صعيد وبأي مقياس.
كان شو يتحدث في الشمال الايرلندي وفي التوقيت نفسه قبله او بعده بقليل ادباء كبار ومفكرين عباقرة يسيرون على هذا النهج يكشفون الحقيقة ويفضحون زيف الادعاءات والحروب المعلنة على النبي محمد وكذب ما يرددونه عن الاسلام وعلاقته بالانبياء وخاصة المسيح عليه السلام وما تتضمنه رسالة الاسلام من قواعد راسخة وتوجهات سامية في مجال حقوق الانسان وغيرها من قواعد تحفظ على الناس سلامهم الاجتماعي وامنهم الروحي والنفسي واستقامة شئون حياتهم في كل زمان ومكان وهو ما اشاروا اليه من مرونة نادرة تمتلكها شريعة الاسلام تجعلها بحق صالحة لكل زمان ومكان وهي حقائق يبذل المعادون للاسلام كل جهد في سبيل طمسها وعدم السماح للاتباع بالاستماع اليها او التعرض لها باي وسيلة كانت.
لان الاسلام يمتلك حيوية مدهشة فهو الدين الوحيد الذي يظهر أنه حائز أهلية الهضم لأطوار الحياة المختلفة بحيث يستطيع أن يكون جذاباً لكل جيلٍ من الناس بتعبير برنادرد شو نفسه.
كان لامارتين وفيكتور هوجو في فرنسا وجوته وزيجرد هونكة في المانيا وتولوستوي في روسيا ومايكل هارت في امريكا وجاري ميلر في كندا وعشرات الاسماء الكبيرة في انحاء اوروبا والامريكتين والشرق ايضا.
يلفت الانتباه ان شهادات هؤلاء المفكرين لم تكن مجرد اقوال عارضة او اعترافات في مناسبات خاصة دينية اوغيرها اوحتى في لقاءات لجبر الخواطر
اوللترضية عندما يطفح الكيل الغربي ويتجاوز كل حدود اللامعقول في الفكر والتصرفات خاصة في فترة الاستعمار والاستعباد لخلق الله شرقا وغربا وانما كانت دراسات موثقة بادلة علمية وعقلية ونقلية وسجلوها في كتب ومقالات وحوارات صحفية في ايام الصحافة الرائدة والقائدة والتى كانت الكلمة فيها تهز العالم المتحضر وغيره وكان الجميع يخشاها ويعمل لها الف حساب..
وابرز مثال على ذلك برنارد شو والذي قال كلامه في فترة المد الاستعماري نشرت تصريحاته عن الاسلام في يناير 1933 في صحيفة The Light الصادره في لاهور وكان العنوان الرئيسي: آخر تصريحات شو عن الاسلام ” محمد منقذ الإنسانيه “.
ومدح شو الاسلام والرسول صلى الله عليه وسلم ومن جملة ما قاله”لو تولى العالم الحديث رجل مثل محمد لنجح في حل مشاكله وجلب له السلام والسعاده المطلوبين بشده””لقد درست عن الرجل وبرأيي إنه أبعد ما يكون عدواً للمسيح بل يجب أن يسمى بمنقذ البشريه”.
وكتب “شو”عام 1936مقالاً بعنوان “الإسلام الحقيقى” قال فيه إنه “إذا كان لديانة معينة أن تنتشر فى أوروبا خلال مئات السنوات المقبلة فيجب أن تكون الإسلام وأنه قرأ فى الديانة الإسلامية عدة مرات ووجد أنها تحتل أعلى درجات السمو بسبب حيويتها الجميلة ووصفها بأنها الديانة الوحيدة فى نظره التى تملك قدرة الاندماج.
وقال:”إننى درست تاريخ حياة محمد ذلك الرجل العظيم وفى رأيى يجب أن يطلق عليه لقب منقذ البشرية إننى أعتقد أنه إذا قدر له أن يتولى مسئولية قيادة العالم فلاشك أنه سيستطيع حل مشكلاته وإقرار السلام والسعادة لقد تنبأت بأن عقيدة محمد ستكون مقبولة لأوروبا غدًا.الإسلام هو دين الديمقراطية وحرية الفكر وهو دين العقلاء وليس فيما أعرف من الأديان نظاما اجتماعيا صالحا كالنظام الذى يقوم على القوانين والتعاليم الإسلامية فالإسلام هو الدين الوحيد الذى يبدو لى أن له طاقةً هائلةً لملاءمة أوجه الحياة المتغيرة وهوصالح لكل العصور”.
في الوقت الذي كان يتحدث فيه شو بهذه الصراحة والجرأة في اوروبا كان هناك صوت اخر لايقل اهمية وهو صوت لمفكر واديب كبير مسيحي من المشرق الشاعر المهجري رشيد سليم الخوري(1887-1984)والذي هاجر للبرازيل في العام 1913 وظل هناك لمدة 45 سنة وكان الخوري المسيحي الكاثوليكي نموذجا فريدا متميزا في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رؤيته لدوره في هداية وانقاذ البشرية لكن اهم ما يميز الخورى انه فضلا عن قصائد المديح الجميلة والصادقة في حب النبي فانه قدم تشريحا حقيقيا لصورة المسلمين وواقعهم المر وبعدهم عن روح الاسلام الحقة وتوجيهات النبي التى يراها الكفيل والضامن لتحقيق السعادة وانقاذ المسلمين من اوضاعم المتردية المخزية..لخص تلك الاوضاع في كلمة بليغة في حفل للمولد النبوي أُقيم بمدينة سان باولو قال فيها بالنص:أيها المسلمون أيها العرب.يولد النبيُّ على ألسنتكم كلَّ عام مرةً ويموت في قلوبكم وعقولكم وأفعالكم كلَّ يوم ألفَ مرةٍ ولو ولد في أرواحكم لولدتم معه ولكان كلُّ واحد منكم محمداً صغيرا ولكان العالَمُ منذ ألفِ سنةٍ أندلساً عظيما ولالتقى الشرقُ بالغرب من زمن طويل ولَعَقَدت المادةُ الغربية مع روح الشرق المسلم حلفاً.ولمشى العقلُ والقلبُ يداً بيدإلى آخر مراحل الحياة.
أيها المسلمون يَنْسب أعداؤكم إلى دينكم كلَّ فِرْية ودينُكم من بُهْتانهم براء ولكنكم أنتم تصدِّقون الفِرْية بأعمالكم وتقرُّونها بإهمالكم.دينُكم دينُ العِلْم وأنتم الجاهلون.دينُكم دينُ التيسير وأنتم المعسِّرون .دينُكم دينُ الحُسْنَى وأنتم المنفِّرون دينُكم دينُ النصر ولكنكم متخاذلون دينُكم دينُ الزكاة ولكنكم تبخلون.
يامحمدُ يانبيَّ اللهِ حقاً يافيلسوفَ الفلاسفةِ وسلطانَ البلغاء ويامَجْدَ العرب والانسانية إنك لم تقتل الروحَ بشهواتِ الجسد ولم تحتقر الجسدَ تعظيماً للروح فدينُك دينُ الفِطْرةِ السليمة واني موقِنٌ أن الانسانية بعد أن يئست من كلِّ فلسفاتِها وعلومِها وقنطت من مذاهب الحكماء جميعاً سوف لاتجد مخرجاً من مأزقِها وراحةِ روحِها وصلاحِ أمرِها إلا بالارتماء بأحضان الإسلام عندئذٍ يحق للبشرية في مثل هذا اليوم أن تَرفع رأسَها وتهتِفَ ملءَ صدورها وبأعلى صوتها.ثم أنشد قصيدة رائعة عن ميلاد النبي.
الملاحظ ان هذا الاتجاه الفكري القوى المنتصر للاسلام ونبيه الكاشف لألاعيب وخدع الغرب كان قويا ومتناميا الا انه على ما يبدو خفت اوانزوى قهرا وقسراعلى ما يبدوبعد ظهور نظريات صمويل زويمر وخطط برنارد لويس التى اعتمدتها القوى الكبرى والمتحالفة معها بعد تواري الاستعمار التقليدي والدخول في عصر الاستحمار بتعبير مالك بن نبي واتخاذ البنتاجون لهؤلاء المفكرين مستشارين لهم واعتماد افكارهم الجهنمية للاختراق والهيمنة تحت مسميات العولمة واخواتها وزرع الكيان الصهيوني كرأس حربة للحروب بالوكالة وتحقيق الاهداف الاستعمارية والتلاعب بشعوب المنطقة ومقدراتها دون اعتبار لاي قواعد من الاخلاق والقانون واحترام انسانية الانسان.قضية تحتاج بحثا جادا مستقلا.
** لقد حمل الشاعر سليم الخوري المسلمون امانة في نهاية قصيدة له ولااعرف كيف يمكن لمسلمي اليوم ان يبلغوها:
يا قوم هذا مسيحيٌّ يذكّركم
لا يُنهِض الشرقَ إلا حبّنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمةً
فبلّغوه سلام الشاعر القروي.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com