أدركت الدول المتقدمة أهمية الثقافة الصحية لشعوبها فقامت بإعداد العديد من البرامج للتربية الصحية بهدف نشر الثقافة الصحية عبر وسائل االعالم المختلفة لمحو الأمية الصحية بين الجمهور والاستفادة منها بهدف زيادة الوعي لدى عامة الناس. لذلك باتت وسائل العالم الجديدة من أهم أدوات إدارة الأزمات في عالمنا المعاصر، الوعي الصحي هو مصطلح يشير إلى قدرة الإنسان على الوصول إلى المعلومات وفهمها وتحليلها بطريقة تعزز إمكانية تمتعه بصحة جيدة وتحافظ على صحته دائمًا وهذا يشمل أيضًا أفراد أسرته.
ومفهوم الوعي الصحي هو مفهوم حديث نسبيًا لذلك ربما نجد له العديد من التعريفات المختلفة، وهذا الوعي لا يقتصر على إمكانية الفرد على قراءة أو الوصول للنشرات الصحية أو تعليمات الأطباء أو غيرها من وسائل التوعية الصحية، وهو أيضًا لا يجب أن يكون موردًا شخصيًا يستفتي منه الفرد فقط بل يجب أن ترتفع مستوياته بين سكان المجتمع بوجه عام
لأن ذلك سوف يعود بالنفع على المجتمع ككل وليس بخاف على أحد أن مسؤولية العالم في مواجهة الأزمات الصحية باتت تشكل أولوية متقدمة في دائرة اهتمامات الجهات والمؤسسات المعنية، خاصة في وقتنا الراهن الذي يقتصر فيه تأثير الأزمات على دولة أو منطقة بعينها، وإنما يشمل العالم أجمع كما هو الحال في فيروس كورونا المتجدد الذي لم تعد دولة في العالم بمأمن منه.
وفي ظل عصر الأزمات الذي يعيشه العالم الآن، تضاعفت مسؤولية وسائل العالم الجديدة وأصبحت أهم الأطراف الفاعلة والمؤثرة في إدارة هذه الأزمات، مهما كانت طبيعتها وخطورتها، فالعالم الجاد والمسؤول يسهم في دعم الإدارة الحكومية والمؤسسية ألي أزمة، واحتواء الآثار الناجمة عنها، بينما قد يؤدي تقاعس العالم عن القيام بدوره إلى تعثر الجهود الحكومية، ولعل أزمة انتشار فيروس كورونا )كوفيد- 19 )كانت كاشفة لهذا الأمر، وفي بحثنا هذا سنتطرق بالتحديد إلى تقييم دور وسائل العالم الجديدة في التوعية حيال فيروس كورونا، واستخدامها كأداة توعوية في ظل وجود خطر وبائي وكيفية التعاطي الإيجابي مع مواجهته بشتى الطرق .
فالتوعية الصحية تشكل حاجزا قوياً ومتيناً لدى الناس، من خلال التعرف على العديد من الأمراض، وطرق الوقاية منها، وهذا بدوره يؤدي إلى مساعدتهم في التصدي إلى الأمراض المختلفة التي قد يصابون بها، والذي يعود عليهم بالتمتع بالصحة الجيدة عقليا وجسميا.
وتبرز في العصر الحالي، أهمية وسائل العالم الجديدة ، وأهمها الفيس بوك الذي يضطلع بدور مهم جدا في هذا الصدد، من خلال التوعية الصحية المقنعة، معتمدا على ما يقدمه من معلومات وإرشادات ونماذج، وبما يتميز به من قدرة على مصاحبة مستخدميه ساعات طويلة من اليوم، يستطيع أن يلح بطريقة غير منفرة بإضافة معلومات جديدة حول التوعية والتثقيف الصحيين. تأتي جليا أهمية الوعي الصحي هذا من جهة، ومن جهة أخرى أثر وسائل ً لذا يتضح العالم الجديدة على الجانب الصحي، وخصوصا التوعية الصحية، التي لها أهمية كبيرة في حياة الفرد والجماعة على حد سواء.
وتزداد هذه الأهمية بحكم انتشار الأمراض الخطيرة لذلك يتعين أن ينجلي ويبرز أهمية التوعية الصحية ، في سبيل الحد أو تقليل الإصابة بالأمراض ، سيما الخطير منها والذي أصبح يهدد الصحة البشرية والثروة القومية الأولى والمتمثلة في فيروس كورونا المتجدد
بالرغم إن الحديث عن الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني ليس جديدًا، إلا إن أهميته باتت تزداد بشكل كبير خاصة في ظل انتشار جائحة فيروس كوفيد- 19، والحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود من أجل التغلب على هذه الأزمة التي باتت تهدد الجميع، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الشراكة تقتضي وجود مجتمع مدني قوي، له صلاحيات حقيقية، وشريك فعلي، بحيث تكون العلاقة بينهما “ندية”؛ أي أن يكون للمجتمع المدني آليات تمكنه من الحفاظ على استقلاليته، ونديته في تعامله مع الحكومة.
والحقيقة، أنه منذ أيام وباء الكوليرا، وهناك عدم استجابة من جانب الناس للإجراءات الضرورية للصحة العامة الوقائية وكانوا يهربون من أماكن العزل، ولا يعلنون عن المرض، وكأنه وصمة، وكان يعود ذلك في إحدى جوانبه لتحفظ المواطنين في التعامل مع السلطات. ومن هنا تأتي أهمية دور المجتمع المدني – “الشريك الحقيقي” – الذي بإمكانه أن يوفر على الحكومة الكثير من الإجراءات التي تستهلك طاقتها، بحيث تتفرغ لدورها الفعلي في مواجهه الأزمة بدلًا من توابعها؛ ومن ثم يصبح المجتمع المدني شريكًا هامًا يوفر على الحكومة الكثير من الإجراءات الإدارية في مثل هذه الحالات.
وإدراكًا لتلك الأهمية، فقد كثر الحديث في الفترة الأخيرة من جانب العديد من المسئولين عن ضرورة “حشد جهود المجتمع المدني” في مواجهة فيروس كوفيد-19، إلا إن تحقيق ذلك يقتضي الالتفات إلى توصيات المجتمع المدني، والتعامل معها بجدية، خاصة فيما يتعلق بتوفير الحماية اللازمة للمجموعات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس؛ كالمساجين، من خلال تخفيض أعداد المحتجزين في السجون، فضلاً عن حماية الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، والنساء الحوامل، وحماية النساء؛ حيث طرحت دعوات البقاء في المنزل لمدد طويلة بعض الإشكاليات الخاصة بالنساء على رأسها أرجحية ارتفاع معدلات العنف المنزلي.
كذلك الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، مثل؛ مرض السكري، وأمراض القلب، وأمراض الرئة، ومرضى الأورام، باعتبارهم الأكثر عرضة للوفاة إذا أصيبوا بالفيروس. ومن الجدير بالذكر إن “حشد جهود المجتمع المدني” بشكل حقيقي في مواجهة كوفيد-19 سوف يصب لصالح الجهود المبذولة من جانب الدولة لمواجهة الوباء؛ للتقليل من احتمالية الدخول في المرحلة الثالثة، والمعروفة بمرحلة الانتشار المجتمعي للفيروس. وتأتي في مقدمة المهام التي يمكن أن يتضطلع بها المجتمع المدني لمواجهة جائحة كورونا، تقديم الخدمات الإنسانية والطبية والاجتماعية، وتوعية المواطنين بمخاطر الفيروس، ووسائل مواجهته، وطرق الوقاية منه.
الوعي هو أمر مكتسب من خلال التثقيف الصحي، و التثقيف الصحي ليس مجرد نصائح يقدمها أي فرد أو يمكن الحصول عليها من خلال مشاهدة فيديو على الإنترنت ، لكمه علم اجتماعي يعتمد على العلوم النفسية والبدنية والطبية والبيولوجية، ويستمد من كل العلوم السابقة كل ما من شأنه تحسين وتعزيز الصحة العامة والوقاية من الأمراض، ومن أهداف التثقيف الصحي: المساهمة في معرفة وفهم السلوك الصحي من خلال البحث العلمي. للحفاظ على أعلى معايير التميز الأكاديمي في التدريس والإعداد المهني لأخصائي تعزيز الصحة في المستقبل على مستوى البكالوريوس والدراسات العليا.
تطوير القادة الذين سيساهمون في نمو المهنة وتحقيق أهداف الصحة المجتمعية، ليكونوا بمثابة مصدر لتعزيز الصحة للمجتمع ، على الصعيدين الإقليمي والوطني. ومن أهم أهداف الوعي الصحي هي تحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة، وهي لا تتضمن غاية محددة خاصة بالوعي الصحي.
إنه يمكن الناس من زيادة السيطرة على صحتهم، وهذا المفهوم يغطي مجموعة واسعة من التدخلات الاجتماعية والبيئية المصممة لإفادة وحماية صحة الأفراد ونوعية حياتهم، من خلال معالجة ومنع الأسباب الجذرية لاعتلال الصحة ، وليس التركيز فقط على العلاج والشفاء.
القضاء على الفقر ، كما ذكرنا فإن أحد أهداف الوعي هي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك لأن الأفراد الذين لديهم قدر عالي من الوعي الصحي، يكون لديهم سلوكيات تساعدهم في الحفاظ على أسرهم وعلى مجتمعهم من الأمراض
والتي بدورها قد تؤدي لانتشار الفقر بسبب العجز أن أداء المهام الوظيفية بسبب اعتلال الصحة، وهذا بدوره يؤدي لعجز الفرد عن تلبية احتياجاته الشخصية واحتياجات أسرته، وبالتالي ينتشر الفقر في المجتمع، وفي الواقع فإن العلاقة بين الوعي الصحي والفقر علاقة عكسية فكلما انتشر الفقر في مجتمع ما قل الوعي الصحي في ذلك المجتمع.
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان