الإخبارية مسقط خاص:
تكتسب اللقاءات المباشرة للسلطان هيثم بن طارق، بالمواطنين أهمية كبيرة تمتد في فكرتها وفلسفتها إلى التاريخ العماني العريق منذ تأسيس الدولة الأول، حيث كانت التشاركية في بناء الدولة تمتد من قاعدة الهرم إلى أعلاه، وبذلك يكون الجميع مشاركا في صياغة فكر الدولة كل حسب إمكانياته ويشعر الجميع أنهم طرف معني بشكل أساسي بنجاح ذلك الفكر ورصانته وتنفيذه على الوجه الصحيح. ورغم تطور الدولة الحديثة بظهور المؤسسات والمجالس المنتخبة وما صاحبهما من تنظيم إلا أن تلك اللقاءات بقيت حاضرة في عُمان تحمل رمزيتها التاريخية وإن تطورت الآليات بل إن وسائل الإعلام جعلت وصولها للجميع أمرا سهلا ومتاحا.
وعلى الرغم من أن الهدف المعلن من لقاء السلطان هيثم بشيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى، تلمّس احتياجاتهم من المشاريع الأساسية والخدمات التنموية، والاستماع عن قرب، إلى مطالبهم بما يعود بالخير والنفع على الجميع، وتذليل كافة الصعوبات التي تعترض مسيرة التنمية الشاملة في الربوع العُمانية، إلا أن الحقيقة، التي لا جدال فيها، أن هذا اللقاء كان يحمل دلالته التاريخية، ثم ينطلق من تلك الدلالة إلى جوهر الحدث وهو «بناء الدولة» وتنظيمها على المستوى الإداري والمستوى البشري.
وفي هذا السياق، ناقش السلطان هيثم قضايا مهمة جدا من شيوخ محافظتي الداخلية والوسطى ومنهم إلى جميع المواطنين ومن بينها حديثه عن تجاوز المركزية في فن الإدارة إلى اللامركزية في إدارة المحافظات وهذه فكرة تقدمية جدا في تطور الدولة العمانية، وكان حديثه واضحا في المضي قدما لإنجاز هذا المشروع الكبير والذي سيحتاج حديثا مفصلا؛ لأن اللامركزية في الإدارة المحلية هي فن وثقافة متكاملة جديدة لم نعتد عليها في المنطقة ويحتاج نجاحها إلى تضافر الجهود الكبيرة من الجميع. وتظهر هنا، مرة أخرى فلسفة التشارك في بناء الدولة، حيث ينتقل تطوير كل محافظة والسير بها نحو المستقبل من المسؤولية الفردية إلى المسؤولية الجماعية من كل أبناء المحافظة.
وإذا كان حديث بناء الدولة وتنظيمها يشغل سلطان عُمان وهو يلتقي بالمواطنين بوصفهم شركاء في البناء فإن حديثه عن تربية الأبناء كان فيه ربط عبقري، فبناء الدولة ليس في بناء المؤسسات فقط ولكنه في بناء الإنسان وهذا البناء يبدأ من العتبات الأولى لتربية الأبناء. وتأكيد السلطان هيثم على أن تربية الأبناء لا تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي دليل كبير على استشعار القيادة العليا في البلاد إلى خطورة هذا الأمر على فلسفة بناء الدولة وطريق السير نحو المستقبل، ويحتاج هذا الأمر إلى أن يكون هاجسا أساسيا لدى الجميع.