أيتها اللحظة الغالية، الغالية جدًا بل الثمينة والعزيزة بل والبعيدة على الجميع،
أيتها اللحظة التي يريد الكل أن يحياها. وتسألني نفسي أنتي مع من؟؟ الكل يبحث عنكي؟؟ مؤكدين لنا أننا يجب أن نعيش اللحظة.
أتعلمين أيتها اللحظة أن الكل يبحث عنكي ويسعى إليكي فهل تقدرين قيمتك فأنت الحياة بل أنتي الواقع الذي نريد جميعًا أن نعيشه.. وجميعنا في الغالب لا يعرف كيف يعيش اللحظة.
فأنتي موجودة في كل وقت وعند أي إنسان، غني، فقير، كبير، صغير، جاهل، عالم، الكل يريد أن يعيشك وأنتي تذوبين بين الماضي والمستقبل، بين الماضي بذكرياته وآلامه وأوجاعه وأفراحه أحيانًا.
وبين المستقبل بأحلامه وأماله وطموحاته، فأنتِ موجودة… أكيد… ولكن أين أنتِ؟؟
أحاول أن أضعك أمامي حتى أعيشك، أستشعر وجودك بين ساعات يومي المليء بالأحداث، فقد تكونين هنا أو هناك ولكنكي تفلتين مني تذوبين بين أصابعي وبين أوقاتي… بالرغم من أنني أعلم جيدًا أن حياتنا ما هي إلا لحظات… لذلك يجب علينا أن نبحث عنها معًا…
ففي لحظات النجاح مثلًا إذا عمقنا إحساسنا ومشاعرنا في تلك اللحظة فقد تشعر بطعم النجاح ونتمتع بما وصلنا إليه، فنعيش لحظة النجاح في الواقع فقد علمتني الحياة أن السعادة هي في تقدير ما نملك… وفي الاستمتاع بما نملك.. ولكن استمتاعنا بما نملك هو مرتبط بكي أيتها اللحظة ألا تحضرين حتى بعد ما علمتي ذلك؟
فنحن جميعًا نعلم أن المستقبل غيب لا نملكه والماضي معلوم ولكنه أيضًا لا نملكه..
إذًا ليس أمامنا إلاكي…. أيتها اللحظة وهل أنتي مظلومة في وضعك هذا…؟
فقد نكون نحن السبب في هروبك منا… فأغلبنا يكون فيها ولكن يفكر بلحظة أخرى. أو لحظة أخرى ذهبت ولن تعود هل هذا عدل.
لماذا نفعل ذلك نحن أيضًا مسؤولون.. فيجب علينا أن نتملك تلك اللحظة الغائبة الحاضرة علينا
أولًا: أن نركز فيها في ثناياها وأحداثها.. نفكر في قلبها حتى تكون دافعًا لمستقبل أفضل وأساس لنجاح أقوى وسمو لمكانًا أعلى.
ثانيًا: علينا ألا نستدعي الماضي بذكرياته وأحزانه فنُدميها ونُحزنها فهي لا تستحق ذلك وليس لها ذنب هي فقط حضرت الأحداث.
ثالثًا: علينا أن نستعين بالدين والإيمان والعقيدة والقرآن فإن أمر المؤمن كله له خير، فإذا داهمته لحظة حزينة وصبر عليها فهذا خيرًا له، وإن جاءته لحظة سعيدة جميلة فشكر ربه عليها كان ذلك له أيضًا خير، فالمؤمن يعيش كل اللحظات وهو على يقين في موعود الله بالجنة… لذلك المؤمن خير من يعيش تلك اللحظة بل ويعتبرها لبنة في بناء عُمره فيبني بها ومن خلالها ما يرضي ربه ويطور فكره وينمي مستقبله فيعمل الصالحات فيسعد نفسه ويسعد من حوله وكل ذلك من خلالك أيتها اللحظة الغالية الثمينة.
ولأنك قيمتك أكبر من أي شيء
فانتظريني.. فأنا قادمة
لأعيشك بكل ما فيكي
من حب وشغف ورغبة في السعادة
انتظريني . انتظريني
كاتبة المقال د الفت حلمى سالم دكتوراه فى الفلسفة الاسلامية