حديثنا في هذه النقطة سينصب على محاولة بيان الخطوات المتوجب اتخاذها من قبل الأطر السياسية المسئولة عن تمهيد السبيل أمام تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري العربي الأفريقي, ومن ثم محاولة تقديم عرض أولي بخصوص أولويات وفرص تعزيز ذلك التعاون, مع الإشارة إلى بعض الأولويات المقترح اعتمادها في ذات الصدد من قبل القطاع الخاص, والتعرض كذلك لبعض التجارب الناجحة في مجال تجاوز بعض معوقات التعاون بصفة عامة.
أولاً: دور صُنّاع السياسات العامة: “واجبات الاطار السياسي ورؤاه”
مما لا ريب فيه أن الاطار السياسي الذي يعمل ضمنه مكون التعاون الاقتصادي والتجاري العربي الأفريقي ممثلاً في صُنّاع قرار التعاون في البلدان المعنية بمستوياتهم السياسية والتنفيذية المتعددة, يتحمل إلى حدٍ بعيد مسئولية النظر في المعوقات التي تعترض طريق ذلك التعاون ومحاولة وضع الحلول والمعالجات الكفيلة بمواجهتها والتغلب عليها.
ويمكن الإشارة بصفة مبدئية إلى أن الجانب العربي قد استشعر مؤخراً أهمية إعادة الزخم إلى مسيرة التعاون العربي الأفريقي إذ دعت القمة العربية بعمان في مارس 2001 في بيانها الختامي القادة العرب لتدارس مختلف جوانب التعاون العربي الأفريقي وأكدت مواصلة الجهود لتعزيز هذا التعاون وإزالة عوائقه التي تعترض اجتماعات أجهزته وتعوق تنفيذ برامجه المشتركة.
ثم جاءت قرارات اللجنة الدائمة للتعاون الأفريقي العربي في دورتها الرابعة عشرة التي عقدت في القاهرة في مارس 2010 لتؤكد على أهمية استمرار التعاون السياسي والأمني بين الجانبين, وتفعيل أنشطة التعاون بين المنظمتين (الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي)، وتفعيل البرامج المشتركة المقترحة ذات الأولوية, بما في ذلك التأكيد على دورية انعقاد الاجتماع الوزاري المشترك بشأن التنمية الزراعية والأمن الغذائي الذي انعقد في شرم الشيخ، بجمهورية مصر العربية في الفترة من 14- 16 فبراير 2010. والترحيب باعتماد خطة العمل المشتركة بشأن التنمية الزراعية والأمن الغذائي، وكذلك إنشاء وحدة تيسير للخطة. ناهيك عن مراجعة أعمال المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا وكذا الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية.
جاء بعد ذلك انعقاد القمة الأفريقية العربية الثانية في ليبيا في أكتوبر 2010 بعد مرور ثلاثة وثلاثين عاما من انعقاد القمة الأولى في القاهرة عام 1977, لتؤكد هذه القمة وجود النية الجادة لدى الطرفين العربي والأفريقي لإعادة مستوى التعاون بينهما إلى عهده المزدهر إبان انطلاقته الفعلية في قمة القاهرة. وقد طُرح خلال هذه القمة مسودة مشروع “استراتيجية الشراكة الإفريقية العربية” التي ركزت على أربعة مجالات ذات أولوية وهي: المجال السياسي والسلم والأمن، تعزيز الاستثمار والتجارة، الزراعة والأمن الغذائي، التعاون الاجتماعي والثقافي.
وواقع الحال أن مسودة مشروع الاستراتيجية المشتركة قد بينت طبيعة إدراك المسئولين عن ملفات التعاون المختلفة بين أفريقيا والعالم العربي لطبيعة التحرك الواجب القيام به باتجاه التغلب على معوقات التعاون. ونحن بدورنا سنحاول وضع بعض الرؤى والأولويات العملية التي نعتقد بأهمية تبني أولئك المسئولين لها, وذلك على النحو التالي:
- تفعيل دور اللجنة الدائمة والاهتمام بنشر مخرجات نشاطها وقراراتها على أكثر من مستوى اعلامي وتسويق تلك المخرجات في إطار الأوساط الاكاديمية وقطاعات الأعمال الخاصة في بلدان الطرفين.
- الاهتمام بإنشاء مراكز معلومات وخدمات بحثية نوعية للمهتمين ولرجال الأعمال والمؤسسات الاستثمارية.
- تفعيل التواصل ما بين الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ممثلاً بمؤسساته المختصة بمسألة التعاون الاقتصادي والتجاري, وخاصة التنسيق حول جهود الاتحاد الافريقي لترتيب مسألة التعاون الاقتصادي والتجاري في أفريقيا.
- تفعيل التعاون مع الاتحاد الافريقي بخصوص نزاعات الحدود في افريقيا, والتوصل لتفاهمات ومواقف متناسقة معه بخصوص القضايا السياسية والأمنية الرئيسية التي تهم الطرفين مثل قضايا: مكافحة التطرف والارهاب, ومكافحة الفساد, وحقوق الانسان, ومشاكل النازحين واللجوء الاقليمي, واتفاقية الاتحاد للتعاون العابر للحدود المعروفة باتفاقية “نيامي”.
- التعاون مع الاتحاد الافريقي في إقامة “مركز الاتحاد الافريقي لإعادة الاعمار والتنمية في فترة ما بعد النزاعات”.
- تعزيز وتفعيل النشاط البرلماني المشترك بما في ذلك دعم التجربة الناشئة ممثلة في الأسيكا, وتبني الرؤى المقدمة من خلالها لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين الطرفين على غرار ما تطرحه الأسيكا من انشاء كتلة تجارية عربية أفريقية “آتب” بناء على توصيات اجتماعات الغرف التجارية والصناعية في أفريقيا والعالم العربي (جنوب أفريقيا 2008 و البحرين 2010).
- السعي لخلق تعاون فاعل بخصوص انشاء “الجامعة الافريقية”, وايجاد شراكة علمية وبحثية واكاديمية فيما بينها وبين الجامعات العربية.
- تنسيق الطرفين بخصوص مشروع “ميثاق النهضة الثقافية الأفريقية” المزمع توقيعه في اطار الاتحاد الافريقي.
- تنسيق الطرفين في اطار إعلان أديس أبابا لوزراء الموارد المعدنية الأفارقة حول “بناء مستقبل مستدام للصناعات الاستخراجية في افريقيا”.
- تفعيل التنسيق والتعاون في اطار “مجلس السلم والأمن” التابع للاتحاد الأفريقي.
- العمل على تنسيق المواقف بين الدول العربيـة فيما يتعلق بالشأن الافريقي بما في ذلك الحرص على عقد اجتماعات دورية للمسئولين عن الشؤون الافريقية, وبالمثل بالنسبة للطرف الافريقي. وذلك على غرار الاجتماع الدوري الذي يعقده مسئولو الشئون الافريقية في دول الاتحاد الاوروبي مرة واحدة كل شهر في بروكسل للاتفاق على موقف موحد تجاه القضايا الأفريقية المختلفة.
- العمل على إحياء انشاء “المؤسسة العربية الأفريقية للتمويل والاستثمار” التي كانت قد اقترحتها الكويت خلال أعمال الدورة العاشرة للجنة الدائمة للتعاون العربي الافريقي في الكويت في يونيو 1989.
- استمرار التأكيد من قبل مسئولي الطرفين على الفكرة الآخذة في التبلور بخصوص اعادة النظر في فلسفة التعاون العربي الأفريقي بخصوص عدة مفاهيم, لعل من اهمها:
أ)- أن التعاون هو علاقة ذات مسارين يتحمل كل طرف فيها مسئوليات محددة بحسب طبيعة امكانياته السياسية والاقتصادية وما يمكن أن يقدمه من اضافات ايجابية في اطار تلك العلاقة, وذلك بعيداً عن المفاهيم الاتكالية والمواقف السلبية.
ب)- إن دبلوماسية العون تعد إحدى أدوات تنفيذ السياسة الخارجية وبالتالي فإنه لا يمكن أن تكون أداة محايدة. وان كان العون العربي يتميز بصفة عامة ببعده عن الاستغلال والمقايضة, إلا أنه يتم بصفة عامة في ظل غياب أي تصور استراتيجي أو وأولويات واضحة.
ثانياً: مجالات تعزيز التعاون وفرصه
في مواجهة تلك المعوقات التي أوردناها في المبحث السابق يبرز سؤال مركزي بخصوص مسألة التعاون العربي الافريقي: هل من سبيل لبعض الخطوات العملية ذات الأجل القصير, التي يمكن أن تعمل على تحفيز التعاون في الوقت الحاضر وتهيئته لتحقيق انطلاقات واعدة في المستقبل؟ والاجابة على هذا السؤال هي بالإيجاب, حيث يمكن الحديث عن العديد من المجالات والخطوات العملية الممكن مباشرتها في سبيل تعزيز التعاون وتحفيزه, ولعل من أهم تلك المجالات ما يلي
أ) المجال التجاري:
1- العمل على خفض القيود الجمركية وتسهيل اجراءاتها فيما بين الطرفين من أجل تشجيع التبادل التجاري، مع البحث في نفس الوقت عن إجراءات تعويضية للآثار التي تترتب على مثل هذا الخفض على بعض الاطراف المحتمل تضررها.
2- زيادة برامج التعاون الفني في مجال السياسات التجارية لكى تُمكّن المؤسسات العربية والأفريقية من القيام بصورة منتظمة بمناقشة الإصلاحات التي تم تنفيذها وإعادة النظر فيها وفي أثرها الممكن على الترتيبات التجارية.
3- الاهتمام بتوفير المعلومات التجارية من قِبل الحكومات والقطاع الخاص على السواء عن طريق إنشاء شبكة عربية أفريقية للمعلومات بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية مثل: “الرابطة الدولية للمؤسسات التجارية الحكومية في البلدان النامية”، و”مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية” (الأونكتاد)، و”برنامج الأمم المتحدة للتنمية”, و”مركز التجارة الدولية”. وتستخدم هذه الشبكة أحدث التكنولوجيات في مجال الاتصالات وهى متوافرة حالياً بأسعار معقولة.
ناهيك عن امكانية اقامة مركز أو وحدة بحثية معلوماتية متخصصة في دراسة العلاقات العربية الافريقية في شقها المتعلق بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي.
4- يمكن للدول العربية والأفريقية، بفضل النظام الجديد لإقامة المراكز التجارية، أن تحصل على معلومات وافية عن القوانين والقواعد والممارسات السارية في جميع البلدان الأفريقية في مجال الاستثمارات الأجنبية، مما يمكنها من عقد صفقات تجارية أو تشجيع إقامة مشروعات مشتركة. وقد أقامت مصر وتونس والمغرب والجزائر مراكز من هذا القبيل.
5- تعزيز القدرة التنافسية للقطاعات التي يمكن لها أن ترفد مسألة التصدير في الجانبين.
6- تحسين مناخ الاستثمار وخاصة في الدول الأفريقية وزيادة كفاءة المؤسسات الحكومية وإجراء اتصالات مباشرة بين الغرف التجارية الأفريقية ونظيراتها العربية.
7- التفكير في إنشاء غرف “مقاصة” بين الجانبين فيما يتعلق بالتجارة بينهما، حيث أن غالبية الدول الأفريقية تعانى من صعوبات في الحصول على العملات الصعبة، ونفس الشيء يواجه بعض الدول العربية.
8- مواجهة صعوبة تمويل التجارة بين الجانبين حيث لا توجد مؤسسات تقوم بتمويل التجارة فيما عدا المدى القصير فقط. ومن ضمن الاقتراحات في هذا الشأن إنشاء مؤسسة عربية أفريقية للتمويل وزيادة التعاون بين البنوك المركزية، وكذلك إنشاء مؤسسات تمويلية قوية مشتركة لضمان الاستثمارات.
9- تشجيع إنشاء المشروعات المشتركة وخاصة في المجالين الزراعي والصناعي، وهناك إمكانيات ضخمة لذلك بين الجانبين.
10- الإسراع بتفعيل توصيات الدورة العاشرة للجنة الدائمة للتعاون العربي الأفريقي المتضمنة إنهاء الدراسة المتعلقة بإقامة منطقة تجارة تفضيلية بين الدول العربية وأفريقيا. علماً أن مقترح مشروع الاتفاقية لإقامة مثل هذه المنطقة كان قد طرح خلال أعمال الدورة الثامنة للجنة في دمشق يناير 1986 والتاسعة في بوركينافاسو ديسمبر 1986, ولم يبت في الموضوع حتى وقتنا الحاضر.
11- توطين بعض الصناعات الاستهلاكية المعتمدة على المواد الأولية المتوفرة في بعض البلدان الافريقية والعربية والقابلة للتصدير داخل وخارج اطار المجموعتين, كصناعات السكر والمنسوجات القطنية ومنتجات الكاكاو والبن واللحوم والألبان والأعلاف النباتية والمطاط والزيوت النباتية, وصناعات الأجهزة المنزلية.
12- العمل الجاد والمنهجي على دراسة أنجع السبل الاقتصادية العلمية لتأسيس نمط فعّال للتعاون أو التكامل الاقليمي العربي الافريقي بالنظر في التجارب المماثلة وبخاصة تجربة الإنديان في أمريكا اللاتينية والآسيان في آسيا القائمتان على منظور “التكامل من أجل التنمية”. علماً بأن مثل ذلك المسعى يمكن أن يأخذ أحد طريقين: إما من خلال اطلاق قوى السوق بين الدول لتستطيع ترتيب هياكلها الاقتصادية مع توفير سياسات داخلية تعمل على مواءمة وتنسيق عمل تلك القوى بما يحقق أهداف التعاون؛ أو التركيز على التنسيق بين قطاعات محددة أو مشروعات اقتصادية بعينها وخاصة المشروعات المتشابهة.
والبعض قد يعتبر التنسيق القطاعي من افضل وسائل التعاون بين الدول النامية لأن معلوم عنها اختلال هياكلها في قطاعاتها الانتاجية ما يؤدي إلى ضعف مستوى تبادلها التجاري البيني. والمشروعات المشتركة عادة لا تمس بالاقتصاد القومي (الكلي), كما أنها مرنة تحقق مصالح كل الأطراف, والبلدان الغنية نسبياً فيها لا تكون مجرد ممولة بل ومساهمة في الاشراف على المشروعات وإدارتها, والمشروعات المشتركة تساهم كذلك في سد عجز ميزان المدفوعات في الدول الفقيرة وتساهم في توفير فرص عمل.
ب) المجال السياحي:
تؤكد العديد من الدراسات والاحصاءات الأولية على أن قطاع السياحة يعد من القطاعات الواعدة في اطار التعاون العربي الافريقي. وهناك لا ريب في هذه الآونة بالذات امكانيات كبيرة لتنشيط السياحة العربية إلى أفريقيا. خاصة إذا ما أمكن التغلب على بعض العقبات المتعلقة بمسألة التأشيرات في ظل خشية بعض الدول مثلاً من تدفق العمالة الوافدة، وكذلك عدم وجود خطوط طيران منتظمة كافية بين كثير من الدول العربية وأفريقيا، إضافة إلى عدم اهتمام الطرفين بالدرجة الكافية بتشجيع السياحة من الجانب الآخر عن طريق الترويج السياحي وافتتاح مكاتب سياحية. وقد لوحظ في السنوات الأخيرة بصفة عامة زيادة في حجم السياحة المتبادلة بين الدول العربية والافريقية نتيجة تعنت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بمنح تأشيرات سياحية للعرب والأفارقة في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 مما أدى إلى اتجاه عدد كبير منهم إلى المناطق السياحية العربية والأفريقية.
وتجاور المنطقتين يتيح بلا ريب آفاقاً كبيرة لتطوير السياحة فيما بينهما، ومن المنطقي اطلاق جهود مكثفة من قبل كل طرف للترويج لإمكانياته السياحية لدى الطرف الآخر. وقد بدأ بالفعل بعض المستثمرين العرب بمحاولات أولية وجادة لإنشاء مشروعات سياحية في أفريقيا وخاصة في منطقة الجنوب الأفريقي.
ومعلوم بصفة عامة أن قطاع السياحة في افريقيا يشهد نمواً نسبياً معقولاً وخاصة في سوق جنوب افريقيا التي اصبحت مركز جذب سياحي متميز. ويقدر عدد السياح إلى أفريقيا بحوالي 18 مليون سائح سنوياً. وقد تطورت نسبة الاستيعاب في القارة بنسبة مقبولة, إلا أن نصيبها مـن السياحة الدولية عامة يظل متواضعا إذ لا يزيد عن 2,9% من السياح و 1,7% ومن الإيرادات. والحاصل أيضاً أن عدد الدول الافريقية التي تشكل مقاصد سياحية محدود جداً إذ تتركز بصفة رئيسية في دول شمال افريقيا ودولة جنوب افريقيا بالإضافة الى دول أخرى مثل جامبيا وكينيا وتنزانيا وأوغندا ، … الخ.
كما انه من الملاحظ خلال السنوات الأخيرة أن هناك نشاط سياحي متنامي فيما بين الدول الافريقية نفسها إذ حققت نسبة 47,8% من حجم السياحة الافريقية الخارجية. ويعقد سوق سياحي أفريقي كبير كل عامين تساهم فيه بعض الدول العربية.
ج) مجال الثقافة والإعلام:
مما لا ريب فيه أن اكتمال أطر التعاون العربي الافريقي بحاجة فعلية لتحفيز جوانب التعاون في مجالات الثقافة والاعلام. باعتبار ما تمتلكه تلك المجالات في عالم اليوم من تأثيرات حاسمة في تشكيل اتجاهات ورؤى الرأي العام في العالم كافة. وقد جرت في الصدد ذاته بعض الخطوات المتعلقة بتعزيز التعاون الثقافي والاعلامي بين الجانبين العربي والافريقي منها ما تبذله بعض الدول العربية وخاصة مصر والجزائر وليبيا والسعودية والسودان واليمن من جهود جادة عن طريق تقديم آلاف المنح للطلبة الأفارقة للدراسة في معاهدها أو إنشاء مراكز ثقافية عربية في بعض دول القارة. كما تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين بعض وكالات الإعلام العربية ونظيراتها في الدول الأفريقية، والحرص على وصول بث بعض القنوات الفضائية العربية إلى أفريقيا. وقد عقد اجتماع بالقاهرة بين رؤساء ومديري المنظمات الإعلامية العربية والأفريقية عام 1990 اُتفق خلاله على إمكانية استخدام القمر الصناعي العربي والشبكة الأفريقية للاتصالات لتبادل البرامج التليفزيونية وإقامة مراكز ومحطات أرضية متوسطة الحجم في إحدى الدول الأفريقية لكى تكون مركز الربط بين الجانبين. وقد ساهم اتحاد الصحفيين الأفارقة (ومقره القاهرة) في تدريب المئات من الصحفيين الأفارقة خلال العقدين الأخيرين على فنون الصحافة والإذاعة والتلفزيون.
وفي المجال ذاته يمكن اطلاق جهود اخرى لتعزيز علاقات التعاون العربي الافريقي منها على سبيل المثال صناعة السينما والطباعة والنشر والترجمة لأهم الكتب في مجالات الفن والادب والعلوم التطبيقية, واصدار دوريات متخصصة باللغة العربية واللغات واللهجات الأفريقية المتنوعة كالإنجليزية والفرنسية كالسواحيلية والهوسا.
د) مجال الشباب والرياضة:
من المعلوم أن قطاع الشباب والرياضة يعد أحد أهم المحاور المفترض تعزيزها لعلاقات التعاون العربي الافريقي, خاصة وقد اصبح المجال الرياضي بالذات أحد أهم قطاعات العمل الاستثماري في العالم أجمع. فضلاً عن الاضافات المشهودة للرياضيين الأفارقة في العديد من الرياضات وفي أماكن متعددة من العالم.
وواقع الحال أن الجانبين العربي والافريقي قد أدركا مبكراً أهمية تعزيز هذا القطاع في مكون علاقاتهما التعاونية, حيث عقد الجانبان اتفاقية للتعاون في مجال الشباب والرياضة في عام 1985 بين مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب والمجلس الأعلى للرياضة في أفريقيا، كما صدر إعلان القاهرة الخاص ببرنامج العمل الشبابي والرياضي العربي الافريقي في سبتمبر 1991 على هامش دورة الألعاب الأفريقية الخامسة. وقد حددت هذه الاتفاقيات في مجملها أطر التعاون بين الجانبين. وقد اجتمع وزراء الشباب والرياضة في الجانبين في تونس عام 1992 على هامش المعرض التجاري العربي والأفريقي واتفقوا على السعي إلى تنسيق مواقفهم داخل المنظمات والاتحادات الدولية، والعمل على إنشاء مركز أفريقي للطب الرياضي، وكذلك تنظيم ألعاب رياضية عربية أفريقية، وعقد اجتماع مشترك للوزراء كل أربع سنوات أو مع كل دورة ألعاب أفريقية أو عربية, إلا أن غالبية تلك التفاهمات لم تنفذ حتى حينه. وبالتالي فمن المنتظر أن يتم تفعيل تلك الجهود عبر خطوات تنفيذية واجراءات منتظمة من قبل الجانبين. ومن الضرورة بمكان أن يتم التوصل إلى تصورات ورؤى عملية عن كيفية تمكين القطاع الخاص من تنفيذ مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية مأمونة في مجال الشباب والرياضة, وتلك بلا ريب أحد المهام المنوطة بالقطاع الخاص ومن قبله الأجهزة التنفيذية وصناع القرار في الجانبين العربي والافريقي.