في خضم الازمة الاقتصادية المتصاعدة والتقارير الحكومية المتتالية تختفي قصص إنسانية مؤلمة لأصحاب المعاشات في مصر فيما بين ارتفاع الأسعار وتراجع القيمة الشرائية للجنيه المصري يعيش هؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن على حافة الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة بعد رفع الحكومة أسعار الوقود للمرة الثانية خلال 6 أشهر بما يتراوح ما بين 10% و33%.
أصحاب المعاشات امضوا هوسنوات طويلة من أعمارهم في خدمة الوطن في جميع مجالات الإنتاج والخدمات.. يكدحون ويدفعون الضرائب وتستقطع من اجورهم أعلى نسبة اشتراكات في التأمينات في العالم وعندما جاءت لحظات التقاعد والوصول الى سن المعاش وأصبحوا في اشد الحاجة الى الحياة الكريمة والرعاية الصحية.الضرورية ولم تعد الحياة بالنسبة لهم أمرا يسيرا فقد سئموا العيش تحت ضغوط الفقر والمرض بسبب تدنى معاشاتهم وسوء احوالهم المعيشية بعد ان التهم التضخم وغلاء الأسعار معظم دخولهم المادية ولم تعد الزيادة الزهيدة في المعاشات كافية لتلبية متطلباتهم المعيشية .. إنهم يواجهون ظروفا صعبة وواقع مهين ربما لا يوجد واقع مثله في معظم دول العالم حيث يجد المواطن الذى احيل للمعاش قد انخفض دخله بشكل رهيب وتقلصت الخدمات المتاحة له من الدولة .. فى حين ان كل دول أوروبا وامريكا والدول المتقدمة جميعها ينتظر الموظف الخروج الى المعاش ليستمتع بحياته في السفر والزيارات . فالغرب عموما يؤمن بأن كبار السن الذين تقاعدوا قدموا خدمات جليلة لأوطانهم وللأجيال التي تليهم وبالتالي فهذه الأوطان معنيه بتوفير الراحة لهم وتهيئة أسباب السعادة في هذه المرحلة من حياتهم كما توفر حكومات الغرب لكبار السن رعاية صحية خاصة ومساكن لائقة وطعام صحي ومراكز تأهيل نفسي وجسدي وأماكن خاصة للراحة .أما في مصر فالخروج الى المعاش يعنى الموت البطىء والتدهور الحاد في مستوى المعيشة وفقدان اغلب دخله الذى كان يتقاضاه اثناء تواجده في العمل لدى الجهة التي كان يعمل بها ,أذ يرى نفسه قد عاد الى ادنى حد للدخل (المعاش) . ولو ان المسئولين عن الاشتراكات التأمينية قد خططوا لزيادتهم لحصل أصحاب المعاشات على معاش عادل وكريم.
للأسف تخلت الدولة عن أصحاب المعاشات وتركتهم يعيشون في صراع دائم مع أعباء الحياة والشيخوخة وضألة مبلغ المعاش الذى لم يعد كافيا لتلبية الحد الأدنى من المصروفات الشهرية فى خضم الارتفاع المتواصل في الأسعار ونفقات المعيشة المتزايدة
أصحاب المعاشات في مصر يعيشون في فقر مدقع وجوع مستمر ومرض بعضه حاد والبعض الاخر مزمن.. لذا فقد غاب عنهم الآمل وصارت الدنيا مظلمه في عيونهم، غالبيتهم يعولون اسر كبيرة العدد ويقع على عاتقهم التزامات مالية يومية تجاه اسرهم وأولادهم الذين مازالوا طلبة في المدارس والجامعات – ومنهم من انهى دراسته وظل واقفا في طابور البطالة.. وبدلا من ان تخفف الحكومة عن كاهلهم بحل بعض المشكلات التي يصطدمون بها يوميا كان قرار زيادة أسعار الوقود الذى أدى الى ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات وأسعار الدواء بطريقة غير مسبوقة لتزيد من المعاناة . برغم ان الإعلان عن زيادة المعاشات بنسبة 15% اعتبارا من يوليو القادم الا ان هذه الزيادة غير كافية في ظل ارتفاع مستويات التضخم على مدار ثلاث سنوات الماضية قرابة 100% لا تتماشى مع زيادات في دخول أصحاب المعاشات …علما بان عدد أصحاب المعاشات في مصر 11,5 مليون مواطن يصرفون 18 مليار جنيه يبلغ الحد الأدنى للمعاش بعد التعديلات الأخيرة بنحو 1465 جنيها ويصل الحد الأقصى الى 11600 جنيه يمنح لأعلى شرائح الاجر التأميني والشريحة العظمى من أصحاب المعاشات يتقاضون معاشا يتراوح ما بين 1500 الى 3000 جنيه
أصحاب المعاشات يأملون من الحكومة ان يتم النظر لهم في الفترة المقبلة بعين الرحمة ورفع قيمة المعاش الشهري بحيث لا يقل عن الراتب الذى كانوا يحصلون عليه اثناء الخدمة وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار المتتالية..
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا