جالسٌ على مقعدِه الجلديِّ، أمامَ مكتبِه الفخمِ؛ ، هذا يخدمُ، ذاك يُثني،وهذا يُصوّر؛ لقطاتُ العدساتِ، أنوارُ الإضاءاتِ؛ خُيِّلَ له أنَّه المُطاعُ الوحيدُ.
افعلْ، لا تفعلْ، كنْ، اذهبْ،
كلّها إشاراتٌ بطرفِ الأصابعِ؛ عظمةٌ وغرورٌ، تعالٍ ليس في محلِه.
خُيَلاءُ المنصبِ غرَّرت به ألقت بعقلِه في جبِّ الغرورِ.
يَنزلُ من سيّارةٍ فارهةٍ؛ يُعطي الفقراءَ المتراصّينَ في الشَّارعِ ما جادَ به من مالٍ؛ صورةٌ يلتقطُها بهاتفِه، يوثّقُ اللَّحظةَ ينشرُها بغرورٍ.
يَتعالى بعلمِه، يظنُّ نفسَه أعلمَ العارفين؛ يجودُ بمعلومةٍ من طرفِ أنفِه يُشعرُ من أمامِه بالحقارةِ؛ يتكلّمُ بكلِّ غرور.
هذا صاحبُ جاهٍ، ذاكَ معه المالُ، وهذا بشرٌ عاديٌّ يرى النَّاسَ نملًا يسير.
غرورٌ وكبرٌ؛ آفاتٌ قلبيّةٌ ليس لها محلٌّ من الإعرابِ، ولا توجدُ إلّا في بني الإنسانِ.
سوادُ القلبِ، ضيقُ الأفقِ، وضجرُ النَّفسِ، كلّها أعراضٌ مصاحبةٌ للكبرِ، والغرورِ.
نظرةٌ دونيةٌ لكلِّ فردٍ دونَ مبرّر. مشاحناتٌ، مهاتراتٌ؛ في دنيا عجائبِ الإنسانِ.
هذا يُذلُّ آخرَ، وآخرُ يتسلَّطُ على ثالثٍ، تسيرُ الدُّنيا في دائرةٍ الآفاتِ النَّفسيةِ الَّتي ليسَ لها نهايةً.
الكبرُ آفةٌ قلبيةٌ تَجني ثمارَها في الدَّنيا قبلَ الآخرةِ.
تعلَّم أن تتواضعَ، تَرفَّع عن سيئاتِ نفسِك، مارس تمارينَ ضبطِ النَّفسِ، ردّد في نفسِك : يا نفسُ لا تتكبّري فآخرُك طعامٌ لدودِ الأرضِ، انظر إلى نفسِك؛ أنتَ ذرةٌ في كونٍ وأفلاكٍ، حقِّر ذاتَك تِجاه خالقِها، تذلَّل لله؛ وارفع قدرَ المحيطين؛ تجدُ علاجَ الغرورِ.
طاعاتٌ تقضي فيها ساعاتٍ؛ تسبيحٌ، قيامٌ، وصيامٌ؛ يقضي على نفسٍ قد ملأَها الغرورُ.