اضطرابات اجتماعية .. وزيادة أسعار الحبوب والمواد الخام !!
فرض عقوبات على روسيا يشعل أسواق المعادن والبترول والأسمدة!!
حتى أمريكا وأوروبا والصين .. لن تسلم من الأضرار..!!
ارتفاع الأسعار يخيف السياسيين .. أكثر من انفجار القنابل!!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
وسط فورة الجهود الدبلوماسية لنزع فتيل احتمال نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن الأوكرانيين الذين يتوسمون النجاة في الغرب سوف يدفعون الثمن الأعلى. وفي أسوأ السيناريوهات، فإن تكلفة غزو روسي شامل لأوكرانيا -إحدى أكبر الدول المصدرة للحبوب -يمكن أن تؤثر في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الخام وزيادة مخاطر الاضطرابات الاجتماعية خارج أوروبا الشرقية.
يتمثل أحد محاور القلق الاقتصادي أيضًا في التأثير العالمي للعقوبات الشديدة على روسيا، وهي مصدر رئيسي للسلع الزراعية والمعادن والوقود، لا سيما إلى أوروبا الغربية والصين.
ولا يقتصر القلق على الوقود والغذاء فقط بل يمتد إلى جميع الجوانب والأنشطة الاقتصادية. في العام الماضي، قفزت أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 28% وهو أعلى مستوى لها منذ عقد، وفقاً لوكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة. ودفعت مخاوف الحرب العقود الآجلة للقمح والذرة إلى أعلى مستوياتها منذ يونيو.
أندري سيزوف، رئيس شركة سوفإيكون للاستشارات ومقرها روسيا، ذكر للواشنطن بوست، أنه يرى أن مخاطر الغزو الروسي منخفضة. ولكن إذا حدث ذلك، وتعطلت الصادرات بشدة، “فمعناه ظهور مشاكل كبيرة لجميع مستوردي الأغذية الكبار، خاصة في شمال إفريقيا وإيران والسودان وأفغانستان ومصر واليمن ولبنان وليبيا.” وأضاف: “تزداد مخاطر الاضطرابات الاجتماعية في كل تلك البلدان في ظل هذا السيناريو”.
يمكن أن تشعر دول الخليج العربي أيضًا بالآثار. في عام 2020، كان خمسة من أكبر 11 مستوردًا للدجاج الأوكراني من دول الشرق الأوسط، في حين أن الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هي وجهات التصدير الرئيسية لمنتجي لحوم الدجاج الأوكرانية، حسبما ذكر موقع آسيا تايمز
وإذا رد الحلفاء الغربيون على غزو روسي بفرض عقوبات على الصادرات الغذائية الروسية أو من خلال حظر موسكو من نظام SWIFT – نظام الدفع الدولي الذي تستخدمه البنوك في جميع أنحاء العالم – فليس من المستبعد أن ترتفع أسعار السلع الأساسية في الشرق الأوسط بشكل كبير.
أليكس سميث، المحلل الزراعي بمعهد بريكثرو، كتب في مجلة فورين بوليسي أن انخفاض صادرات القمح الأوكرانية يشكل أكبر خطر على الأمن الغذائي العالمي. ومن بين زبائنها الصين والاتحاد الأوروبي.
قد يكون التأثير على المستهلكين العالميين أسوأ بكثير إذا اتخذ الروس خطوات -بما في ذلك زيادة الرسوم على الصادرات -للسيطرة على إنتاجهم من القمح من أجل ضمان الأمن الغذائي خلال أي حرب محتملة.
في هذه الحالة، يكاد يكون من المؤكد أن تتأثر الولايات المتحدة أيضًا ويشهد الأمريكيون أنفسهم أسعارًا أعلى في محال السوبر ماركت.
وكتب مايكل إيفري، الخبير الاستراتيجي العالمي في رابوبنك، تقريرًا لموقع أيه بي سي نت، يقول فيه: “نحن في وضع غير معتاد لعناوين الصحف العالمية والسياسيين الذين يحذرون من خطر اندلاع حرب كبرى، ومع ذلك، فالأسواق -حتى وقت قريب جدًا –لا تبالي في الغالب”.
ونقل الموقع عن إيفري قوله: “عندما يخفف السياسيون لهجتهم فذلك خوفًا من ارتفاع الأسعار وليس من انفجار القنابل”.
إلى جانب الأسهم والأسواق المالية الأخرى، أدت الأزمة بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، فضلاً عن المعادن الرئيسية المستخدمة صناعة السيارات والإلكترونيات وأدوات المطبخ والبناء وغيرها.
تورد روسيا حوالي 30% من نفط أوروبا و35% من غازها الطبيعي، وسيتم قطع هذه الإمدادات في حالة الصراع.
ويعتقد محللو الطاقة في رابوبنكRabobank أن ذلك قد يدفع أسعار النفط لأعلى من المستويات المرتفعة بالفعل (حوالي 90 دولارًا للبرميل) إلى 125 دولارًا، مع ارتفاع أسعار الغاز.
وتوقع التقرير أنه “بافتراض أن جميع الدول أوقفت مشترياتها من الطاقة الروسية، فسوف يرتفع سعر النفط إلى 175 دولارًا أمريكيًا والغاز في أوروبا إلى 250 دولارًا أمريكيًا للمليون وحدة حرارية”.
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تمتثل جميع الدول للعقوبات، وستدعم الصين روسيا (وقع بوتين وشي خلال زيارة الأول للصين لحضور الأولمبياد اتفاقًا تشتري بكين بمقتضاه الغاز الروسي)، وحتى الاتحاد الأوروبي قد لا يتخلى عن الطاقة الروسية بالكامل.
قد يعني ذلك ارتفاع الأسعار في الدول التي تطبق العقوبات وانخفاض الأسعار بالنسبة لمن يشترون النفط والغاز الروسيين.
وسوف تتأثر السلع الرئيسية الأخرى إما بالحرب أو العقوبات، باعتبار روسيا أكبر منتج للقمح في العالم وأوكرانيا ضمن المراكز الخمسة الأولى. قد يتأثر أيضًا الإنتاج الكبير من الشعير والذرة وعباد الشمس وبذور اللفت.
ويقدر رابوبانك أن 23% من الأمونيا و17% من البوتاس و14% من اليوريا و10% من الفوسفات يتم شحنها من روسيا.
وفي وقت احتفظت فيه الصين بالفعل بالكثير من إنتاجها من اليوريا والفوسفات للاستخدام المحلي، فإن فقدان المنتجات الروسية سيؤدي لمزيد من النقص وارتفاع أسعار مكونات الأسمدة الرئيسية (أوقفت روسيا بالفعل صادراتها من سماد نترات الأمونيوم، اعتبارًا من 2فبراير).
ولن تكون المجالات الصناعية محصنة ضد أي صراع أو عقوبات على روسيا.
تقدر حصة روسيا من صادرات النيكل العالمية بحوالي 49%، والبلاديوم 42%، والألمنيوم 26%، والبلاتين 13%، والصلب 7%، والنحاس 4%.
وحذر رابوبنك من أن “إزالة نصف صادرات النيكل العالمية اللازمة لأدوات المطبخ، والهواتف المحمولة، والمعدات الطبية، والنقل، والمباني، والطاقة؛ واستبعاد البلاديوم الضروري للمحولات الحفازة، والأقطاب الكهربائية، والإلكترونيات؛ وحجب ربع الألومنيوم المطلوب للمركبات والتشييد والآلات والتعبئة، كل ذلك سيترتب عليه ضغوط تصاعدية على الأسعار”.
جادل إيفري بأنه من الصعب أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات معوقة على روسيا دون أن تشل أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي والنظام المالي.
وبينما يحوم شبح ما يمكن أن يكون أكبر صراع عسكري في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، أظهرت استطلاعات الرأي في روسيا والولايات المتحدة معارضة واسعة النطاق للحرب على أوكرانيا، حسبما ذكر موقع دبليو إس دبليو إس.