كما تلعب الرشوة دور كبير في المزايا الحكومية سواء كانت مالية مثل الدعم لمشاريع أو لأفراد أو مزايا عينية مثل الحصص في المشروعات التي يتم خصخصتها وبذلك يحرم منها الكثير من المستحقين ويحصل عليها غير المستحقين نتيجة الرشوة التي يحصل عليها الموظف المختص،21 أذ أن فساد الإدارة من اخطر صور الأخلال بواجبات الوظيفة للإتجار بها أي تقاضي مقابل لقاء تحقيق مصلحة للفرد على حساب سمعة وهيبة الوظيفة العامة.
لذا كان علينا بيان مفهوم الرشوة الدولية لما لها من أثار جسيمة على اقتصاد الدولة وكالاتي: ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻮﺿﻌﻲ ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﻢ اﻵيت ( ﻗﻴﺎم أي ﻣﻮﻇﻒ ﰲ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺄﺧﺬ أو ﻗﺒﻮل أو ﻃﻠﺐ ﻣﻌني ﻟﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎدﻳﺔ أو ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﺤﻜﻢ وﻇﻴﻔﺘﻪ، أو اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ أداء ﻋﻤﻞ ﻣﻦ اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﺤﻜﻢ وﻇﻴﻔﺘﻪ، أو ﻟﻺﺧﻼل ﻋﲆ أي ﻧﺤﻮ مبﻘ ﺘﻀﻴﺎت واﺟﺒﺎت وﻇﻴﻔﺘﻪ ) وﻫﺬا اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺳﻴﻔﴤ إﱃ إﻗﺼﺎء ﻛﻞ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻀﻮي ﺗﺤﺖ ﻣﻌﻨﻰ وﻣﺴﻤﻰ اﻟﺮﺷﻮة
- أن جريمة الرشوة هي الأخطر على المجتمع والأخلاق الخلقية من بين جرائم الفساد كلها حيث أنها لا تترك خلفها أثرا ماديا يمكن أن يقتفيه المحقق في اغلب الأحيان كونها تتم خلف الأبواب المؤصدة وخاصة جرائم الرشوة الضخمة اذا أنها تمارس من قبل أفراد وجماعات تشغل وظائف عامة أو تمارس تكليفا عاما.
- أنها تعد جريمة تنظيمية في وجه من وجوهها أذ أن ارتكابها ينتسب إلى المرفق العام ذاته أي يطلق عليه انحراف المؤسسات الحكومية.
- أنها ذات صلة وثقى بالجريمة المنظمة لان مؤسسات الجريمة المنظمة تعتمد على الفساد في حماية أعضائها من المسائلة في حالة القبض عليهم وإعاقة سير العدالة كما أن تلك المؤسسات تعتمد على الفساد أيضا في تحقيق أهدافها ومشاريعها الإجرامية وتمرير صفقاتها واستردادها في حالة الحجز عليها إداريا.
- ولذلك نجد أن الفساد يشجع على نشوء الجريمة المنظمة لان انتشاره في دولة ما يشكل عامل جذب للمنظمات الإجرامية الدولية والتي تدخل بتلك البلاد على شكل شركات أو مؤسسات فنية وتمارس بالخفاء أعمال غسيل الأموال والإتجار بالبشر أو تجارة الأعضاء البشرية.
- كما أن للجريمة المنظمة تسهم في تعميق ظاهرة الفساد وتفشيها بما تدخه من أموال ضخمة كرشاوى للحصول على تراخيص أو مقاولات أو الإعفاء الضريبي وبأ المقابل تدعم مؤسسات الجريمة المنظمة الموظفين الفاسدين للوصول بهم إلى المناصب القيادية العليا سواء عن طريق الدعم في الانتخابات أو استخدام النفوذ لدى القيادات العليا والأحزاب السياسية في حالة التعيين. ويؤكد البعض على ان الجريمة المنظمة توجد في أي مكان لكنها تنتشر في البلدان ذات المؤسسات السياسية الضعيفة حيث يستفيد رجال المافيا من مساعدة وحماية المسؤولين والسياسيين الفاسدين.
وكما هو معروف أن هنالك نوعين للفساد:
يسمى بالفساد الكبير يشمل صفقات السلاح والمناقصات والمقاولات العامة والتوكيلات التجارية متعددة الجنسية يكون اثره مدمر على اقتصاديات الدول.
يسمى بالفساد الصغير
ينتشر بين الموظفين الصغار في المؤسسات ويكون عن طريق اخذ رشوة عن أي خدمة يقدموها للمواطنين والذي له أثار أيضا ولكن لا يرقى إلى ما يسببه النوع الأول.24
وموضوع بحثنا هو الرشوة الدولية حيث تدفع مقابل قيام حكومة في دولة من الدول النامية مثلا (شراء معدات ومستلزمات وتجهيزات تحتاجها من شركة دون أخرى من خلال المناقصات الدولية لتنفيذ مشروعات ضخمة كامتيازات التنقيب عن البترول والغاز والمعادن وشراء الطائرات المدنية والعتاد العسكري الثقيل والخفيف وبضمنها الطائرات الحربية… الخ مما يدفع بالشركات الأجنبية إلى دفع عمولات كبيرة للحصول على المناقصات الخارجية والامتيازات في الدول النامية.
ومن الجدير بالذكر فان شركات القطاع الخاص تشعر عادة بالضغط لكي تقدم الرشوة في مجالين:
أولهما: ما يتعلق ببلدان معينة وخاصة في العالم النامي حيث نجد من الصعوبة أن تحصل الشركة على أية عقد حكومي أو شبه حكومي من دون دفع رشوة كبيرة ويتم هذا عادة من خلال ممثل أو وكيل للحكومة يحصل على عمولة بنسبة معينة وغالبا ما تكون تلك العمولة سخية.
ثانيهما: فتظهر في محاولة الشركات خلق فرص للربح من خلال عرض رشاوى كبيرة على صعيد صانعي القرار لكي يوافقوا على صفقات شراء أو مشاريع لا لزوم لها أو غير مجدية اقتصاديا في احسن الأحوال.
ولهذا نرى أن أعمال الفساد تتم بسرية ونادرا ما يتم الكشف عنها وخاصة التي تتم في الأوساط الرسمية العليا أو ما يسمى بفساد القمة حيث أنها تشكل فيما بينها شبكة تحيط أعماله بالسرية التامة ولذا نادرا ما يتم كشفها. للرشوة الدولية تكاليف وعواقب ضخمة على البلدان في جميع أنحاء العالم، وقد أصبحت هذه التكاليف أكثر حدة خلال جائحة كورونا مع حدوث العديد من حالات الرشوة الدولية في مجال الرعاية الصحية، في وقت لا يمكن تحمل تكبد خسائر أخرى في الأرواح.
وصنف تقرير الشفافية الدولية الجديد «تصدير الفساد»، أداء 47 من كبار المصدرين العالميين، بما في ذلك 43 دولة موقعة على اتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لمكافحة الرشوة، في القضاء على الرشوة الدولية من قبل الشركات العاملة في الخارج، كما شمل التقرير أربعة من المصدرين الرئيسيين من خارج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، الصين وهونغ كونغ الإدارية الخاصة والهند وسنغافورة.
قالت ديليا فيريرا روبيو رئيسة منظمة الشفافية الدولية «إن الأموال المفقودة بسبب الرشوة الأجنبية تهدر ملايين الدولارات التي يمكن أن تذهب بخلاف ذلك إلى خدمات إنقاذ الأرواح مثل الرعاية الصحية، إذ تختار العديد من الحكومات غض الطرف عندما تستخدم شركاتها الرشوة لكسب الأعمال في الأسواق الخارجية، وتتحمل دول مجموعة العشرين والاقتصادات الكبرى الأخرى مسؤولية فرض القواعد».
نقاط بارزة
يصنف التقرير كل دولة من الدول الـ 47 التي تم تحليلها في واحدة من أربع فئات إنفاذ: نشطة، أو متوسط، أو محدودة، أو قليلة.
وأربع دول فقط من بين 47 دولة تم تحليلها تطبق بنشاط ضد الرشوة الأجنبية وثماني دول فقط تطبق بشكل معتدل ضد الشركات التي تدفع رشاوى في الخارج.
وما يقرب من ثلاثة أرباع جميع البلدان محدودة أو معدومة إنفاذ قضايا الرشوة الأجنبية، ما يشكل ما يقرب من نصف جميع الصادرات العالمية، وهذا يشمل نصف جميع دول مجموعة العشرين وثمانية من أكبر 15 مصدرا عالميا.
تراجع وتحسن
منذ عام 2018، تراجعت أداء أربعة بلدان، تمثل 12.4 في المئة من الصادرات العالمية، بينما تحسنت ست دول، تمثل 6.8 في المئة من الصادرات العالمية.
وقامت ألمانيا، وهي ثالث أكبر دولة مصدرة (مع 7.6 في المئة من الصادرات العالمية) بإجراء عدد أقل من التحقيقات، وأغلقت عددا أقل من القضايا ضد الكسب غير المشروع في الخارج. وبالمثل، تراجعت أيضا إيطاليا، وهي من بين أكبر 10 دول مصدرة (2.6 في المئة)، وكذلك النرويج.
وعلى العكس من ذلك، حسنت فرنسا وإسبانيا، اللتان تمثلان 3.5 في المئة و2 في المئة من الصادرات العالمية على التوالي، أداءهما.
التحقيقات والقضايا
يُظهر التقرير أنه بين عامي 2016 و2019، فتحت الدول ما لا يقل عن 421 تحقيقا و93 حالة، وأتمت 244 حالة بالعقوبات، بما في ذلك 125 قضية كبرى انتهت بعقوبات كبيرة، في وقت انخفض التنفيذ النشط ضد الرشوة الأجنبية بأكثر من الثلث منذ عام 2018.
في عام 2020، تم تطبيق 4 دول فقط من أصل 47 دولة، تشكل 16.5 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية بفعالية ضد الرشوة الأجنبية، مقارنة بسبع دول و%27 من الصادرات العالمية في عام 2018. الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا والكيان الصهيوني حافظت على مناصبها كمنفذة نشطة.
النتائج الرئيسية
كما يسلط التقرير الضوء على الثغرات الرئيسية في المعلومات حول الإنفاذ والتقدم البطيء الذي يحرزه البلد في إدخال سجلات الملكية العامة المركزية، وهي أداة حاسمة للكشف عن الرشوة الأجنبية والتحقيق فيها ومنعها. بالإضافة إلى ذلك، يفحص التقرير القضايا الحاسمة المتعلقة بتعويض الضحايا، والتعاون الدولي، والمسؤولية الفرعية الأم وأداء الدولة في تحسين الأطر القانونية وأنظمة الإنفاذ للتصدي للرشوة الأجنبية. وعند مقارنة مستويات الإنفاذ بمدى أداء البلدان في مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 CPI، تُظهر النتائج أن العلامات العالية على مؤشر مدركات الفساد لا تُترجم بالضرورة إلى درجات عالية للإنفاذ ضد الرشوة الأجنبية.
في الواقع، فشل الأداء الأفضل في مؤشر أسعار المستهلكين، بما في ذلك 14 دولة من بين أفضل 20 دولة، في تطبيق القانون بشكل كاف ضد الرشوة الأجنبية. يبدو أن الدول «الأكثر نظافة» للفساد هي من بين أسوأ الدول المطلقة في معاقبة الرشوة الأجنبية.
التوصيات
1- إنهاء السرية في ملكية الشركات التي تعمل حاجزاً أمام الكشف عن الرشوة الأجنبية والتحقيق فيها.
2- نشر إحصاءات الإنفاذ ونتائج القضايا لتوضيح كيفية التعامل مع الفساد الدولي.
3- التوقف عن التعامل مع الرشوة الأجنبية كجريمة لا ضحايا لها ودمج تعويض الضحايا في عملية الإنفاذ.
4- تعزيز القوانين وأنظمة الإنفاذ للتعامل مع قضايا الفساد الدولية المعقدة وتحسين الهياكل الدولية للتعاون.
5- كشف المسؤولية المتزايدة للشركات الأم عن تصرُّفات الشركات التابعة لها للمساعدة في ردع الرشوة الأجنبية وغسل الأموال المرتبطة بها.