كتب عادل ابراهيم
قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية، أن اتجاه روسيا والصين والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ودول منظمة شنغهاي التنسيق فيما بينهم للتخلي على الدولار والدفع بالعملات الوطنية، وذلك ردا على العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو من بينها فصل روسيا عن نظام سويفت “SWIFT”، موضحا أن روسيا والصين اتجهتا منذ فترة إلى تقليل الاعتماد على الدولار وتوسعت الصين في توقيع اتفاقيات تبادل العملة مع كثير من الدول لتقليل التعامل بالدولار، هذا بالإضافة إلى خفض البنك المركزي الروسي والصندوق السيادي الروسي التعامل بالدولار .
أوضح غراب، أن اتجاه موسكو وبكين للتعامل بالعملة الوطنية سيؤثر بالسلب على الدولار الأمريكي، وهذا سيفقد الدولار من قيمته ومكانته تدريجيا باعتباره العملة الأولى في حصص الاحتياطي العالمي للبنوك المركزية، موضحا أن الصين وبكين ودول منظمة شنغهاي والاتحاد الأوراسي قادر على تكوين نظام مالي خاص بهم للدفع بالعملات الوطنية لينافس نظام سويفت والتخلي عن الدولار، موضحا أن هذا يعني استيراد روسيا من الدول بالعملة المحلية .
وأشار غراب، إلى أنه بعد العقوبات المفروضة على روسيا عام 2014، حصن بوتين نفسه واتخذ إجراءات استباقية لخلق نظام موازي لكسر الركائز الثلاث للهيمنة الاقتصادية الأمريكية وهي نظام السويفت المالي والدولار ونظام الشيبس، فقد قامت روسيا تدريجيا بإزالة الدولرة من نظامها وإنشاء نظام دفع خاص بها يعرف بنظام نقل الرسائل المالية SPFS كبديل احتياطي لنظام السويفت تشارك فيه 23 دولة من الدول الحليفة لروسيا كالصين والبرازيل والهند، مؤكدا أن رغم فرض عقوبات قطع روسيا عن نظام سويفت بالمال إلا أن البنوك الأجنبية تستطيع الاستمرار بالتعاون مع البنوك الروسية باستخدام المنصة الجديدة الروسية للتحويلات المالية، هذا بالاضافة الى أن الصين حليفة روسيا لديها نظام مالي ايضا يسمى سيبس cips وهو نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك مثل نظام السويفت المالي .
ولفت غراب، إلى أنه وفقا لأبحاث جي بي مورجان التي أكدت أن البنوك الأوروبية التي لها فروعا في روسيا هي الأكثر عرضة للعقوبات وهذا قد يشكل ضربة موجعة في ايطاليا وفرنسا والنمسا وأمريكا لأنهم اكثر المقرضين الدوليين للاقتصاد الروسي وبالتالي فإن فرض عقوبات اقتصادية على روسيا يمنعها من سداد الديون لهذه البنوك والتي تتخطى الـ 55 مليار دولار، مشيرا إلى أن روسيا خفضت حصة الدولار في احتياطها النقدي من 45 % في عام 2013 إلى 15 % عام 2021، إضافة الى أن أكثر من 30 % من احتياطها الحالي باليورو، و 22 % من الذهب ، و 13 % باليوان الصيني، موضحا أن الاتحاد الصيني الروسي ضد الولايات المتحدة الأمريكية يجعل روسيا قادرة على الصمود اقتصاديا .
وأضاف غراب، أن أحد المسؤولين الروس أعلن سابقا في لقاء صحفي أن روسيا والهند اتفقتا على التخلي عن استخدام الدولار في الحسابات المالية المتبادلة، وسيقومان بتسديد جميع المدفوعات بالروبل الروسي والروبية الهندية، موضحا أن هذا يقلل من هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد وتقليل حصته في المعاملات الدولية وتعزيز علاقات روسيا الخارجية، مشيرا إلى أنه من الصعب فصل روسيا نهائيا عن نظام سويفت لأنه سبق وأن حدث مع إيران ولم يكن له تأثير كبير عليها فما بالك بروسيا الأقوى اقتصاديا والأكثر علاقات خارجية، موضحا أن صادرات روسيا لأوروبا يتخطى الـ 260 مليار دولار ، كما يقدر حجم صادرات روسيا من النفط والغاز والمعادن للاتحاد الأوروبي وأميركا بما يقدر بـ 700 مليون دولار أميركي يوميا وفق الإحصائيات وبالتالي التأثير الاقتصادي على أوروبا سيلحق ضررا ليس بقليل .
وأردف غراب، أن عام 2020 اتفقت الصين وروسيا على التخلي عن الدولار الأمريكي في التبادل التجاري بين الدولتين، إضافة إلى الترابط القوي بين الاقتصادين الروسي والصيني من خلال الصفقات المتبادلة خاصة في قطاع الغاز، كما تم تسوية 74 % من المدفوعات الناتجة عن التبادل التجاري بين روسيا ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بالعملات المحلية، موضحا أن خروج روسيا من سويفت سيلحق الضرر بالاتحاد الأوروبي خصوصا في قطاعات الطاقة، إضافة إلى أن روسيا أكبر الدول المصدرة للقمح والشعير والذرة وأكبر المستوردين منها ألمانيا والصين، موضحا أن فرض عقوبات عليها سيخلق أزمة غذائية عالمية وان طالت العقوبات ستتضرر مصالح الدول الأوروبية وتؤثر على الاقتصاد العالمي .
تابع غراب، أن سعي الصين وروسيا وحلفائها في التخلي عن الدولار سيكون أحد الأسباب الرئيسية في خفض الطلب على الدولار، خاصة مع تجاوز حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين حجم الـ 100 مليار دولار وسعي البلدين للإرتقاء بالتجارة فيما بينهما لتبلغ الـ 200 مليار دولار سنويا، وبالتالي التخلي عن الدولار سيؤثر عليه كعملة عالمية ما يحد من العقوبات الأمريكية على الدول، فضلا عن أن المشروع الاقتصادي الصيني العالمي “مبادرة الحزام والطريق” للتجارة مع عدد كبير من الدول يساهم في زيادة الطلب على اليوان الصيني كعملة احتياطية دون الحاجة إلى استخدام الدولار ما يعني التدرج في إلغاء الدولار مستقبلا، وبالتالي التقليص من هيمنة أمريكا على التجارة العالمية .