باتت مواقع التواصل الاجتماعي تهدد خطرا على استقرار الحياة الزوجية، ومع التقدم التقني وغياب الضوابط العامة وانعدام المسئولية بين الأزواج أو ما يمكن تسميته بالخيانة الرقمية أو الإلكترونية» تسببت في كثير من مشاكل الطلاق، حيث سجلت معدلات الطلاق ارتفاعا مطرداً للعام الخامس على التوالي، أن إساءة استخدام وسائل التواصل من الزوجين أو أحدهما بسبب عدم الوعي بالأضرار التي قد تلحق بعش الزوجية، وقد تجر إلى عواقب وخيمة، لم تكن الشبكات الاجتماعية الملاك الهادئ في الكثير من المنازل، فقد أحدثت اختلافات جمة، من بينها تغيير وجهة النظر للحياة التي انغمست بالحداثة تاركة ردائها القديم القائم على البساطة والتعامل المنبثق من بساطة المجتمع في أعوام خلت.
لقد تأثرت الأسرة بالتقدم التقني من حيث بنائها ووظائفها حيث وفرت تلك التغيرات التي طرأت على المجتمع فرصا عديدة لقضاء وقت فراغ ممتع بما أتاحته من وسائل للترفيه ومزاولة بعض الأنشطة والممارسات التي من شانها التخفيف من الملل والشعور بالضيق من قبل أفراد الأسرة ولهذه المواقع إلى جانب دورها الإيجابي وانعكاسه على العلاقات الأسرية فهنالك آثارا أخرى انعكست على الأسر بصورة عامة، إذ بات الانشغال في تصفح أجهزة التليفون المحمول وغيره من الأجهزة الذكية السمة العامة إلى جانب غيبة تبادل الحديث بين أفراد الأسرة الواحدة لاسيما الزوجين.
أن مواقع التواصل ساهمت في ظهور سلوكيات ومصطلحات كانت تبدو غريبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأصبح من السهل على الرجال والنساء التحدث إلى بعضهم البعض بلا حواجز أو وسائط. وبينت أن الأثر قد يكون إيجابيا في عملية التواصل ومعرفة أخبار الأسرة والتزود بمعلومات علمية مفيدة،
أما الناحية السلبية فتظهر في ضعف العلاقات الزوجية علما أن هناك عوامل أخرى منها امتداد المدن. وأحيانا عدم توافر المواصلات، وتكلفة الزيارات والمظاهر المصاحبة لها جعل وسائل الاتصال بديلا عن الأسرة والصداقة والزيارات مما يعني ضعف العلاقات بين أفراد الأسرة.
وبدأت ظاهرة الطلاق عبر رسائل وسائل التواصل الاجتماعي «واتس آب، وفيس بوك»، واحدة من الظواهر التي أخذت تنتشر بشكل كبير بين أفراد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة، وذلك من خلال رسائل تصل إلى الزوجة بتطليقها من حساب زوجها، وهي الحالة التي من الصعب إثباتها لاسيما حال نكران الزوج وادعائه بأن حسابه قد تم اختراقه أو سرقة هاتفه وتضع الزوجة في حيرة شديدة تعرقل سير حياتها بشكل طبيعي، فهل تحل له شرعا عقب وصول تلك الرسالة إليها، أم أنها أصبحت مطلقة. أن الطلاق قد يتسبب بكثير من الأحيان بتدمير الحياة الأسرية، وتشتيت وضياع الأسرة، خصوصا مع وجود الأطفال، فيصبح الإنسان يتجمل ويكذب على نفسه لإيهام من حوله انه سعيد بقراره وانها بداية جديدة، فقط ليبرر المنحدر الذي وقع فيه.
بأن كثير من السيدات يطلبن الطلاق بناء على تجارب غيرهن، وقصص النجاح لبعض النساء اللواتي يؤكدن على أن الزواج كان عقبة في طريقهن في الماضي واختلفت الآن الحياة، بالرغم من أن ذلك لا يعكس أحيانا الصورة الصحيحة. أن “ليس كل ما يكتب صحيحا”، ولا يتوقف ضرر الطلاق على الأولاد فحسب، وإنما على المرأة، لذلك ينبغي النظر للجوانب الاجتماعية قبل القانونية، وأن لا تأخذ تجربة الغير، فالبعض لديه أسرة داعمة للمرأة بعد الانفصال، في حين أن هناك أسرا أخرى تجعل من الطلاق مقبرة لها ونهاية الدنيا.
قد أثبتت أحدى الدراسات التي أجريت على مواقع التواصل الاجتماعي أن موقع الفيس بوك يتحمل مسؤولية ثلث حالات الطلاق في بريطانيا حيث تضمنت أسباب الانفصال في ثلث دعاوى الطلاق في بريطانيا لعام 2011 مقولات وإعلانات أحد الزوجين على صفحته الشخصية في موقع الفيس بوك للتواصل الاجتماعي، قام بنقل ذلك موقع(pcr) المعني بتكنولوجيا المعلومات والكومبيوتر عن موقع ( Divorce – online) المتخصص بتقديم المساعدة لحالات الطلاق وتوصل المختصون إلى هذه النتائج بعد القيام بتقصي 5 آلاف عريضة طلاق في بريطانيا على أساس ثلاثة أسباب رئيسية:
1. بعث أحد الزوجين رسائل غير لائقة لممثلي الجنس الآخر وبتعبير أدق المداعبة عبر الإنترنت. 2. إفادات الأصدقاء على الفيس بوك حول ما يتعلق بسلوك الزوج أو الزوجة واعتباره من الأشخاص غير اللائقين.
3. قيام الزوجين بتبادل الملاحظات الوقحة عن بعضهما البعض عبر صفحتيهما على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أجريت دراسة مماثلة في وقت سبق هذه الدراسة بعامين بينت أن الفيس بوك لم يكن السبب في حالات الطلاق حيث شكلت نسبة مساهمته واحد من كل خمس حالات انفصال، ومما يلفت الانتباه أن موقعا آخر للتواصل الاجتماعي وهو موقع توتير اصبح بريئا من تهم التسبب في الطلاق إذ انه يقف وراء 0.4% من حالات الطلاق.
فيما أوضحت نتائج دراسة أخرى أن 70% من الجمهور (عينة الدراسة)، يؤكدون على وجود آثار لمواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الزوجية، ذلك لما لحق بالعلاقات الزوجية من تأثيرات واسعة نتيجة لاستخدام مواقع التواصل، إلى درجة قيام الزوجين بتبادل التهم وزرع الشكوك حول وجود الخيانة الزوجية، وطفت إلى السطح الكثير من المشاكل ما وصل البعض منها إلى طرق مسدودة في وضع حلول للمشاكل وبالتالي اصبح لا يوجد خيار بديل سوى الانفصال.
بقي علينا أن نعي خطورة ما يداهم مجتمعاتنا اليوم في ظل الهجمات الشرسة التي تبرز بين الفينة والأخرى والتي بمجملها تحاول النيل من التماسك الأسري الذي يسود العلاقات الزوجية في المجتمعات العربية وغيرها، إذ من الضروري أن تكون صحوة مجتمعية لمدى التغيرات التي طرأت على المنظومة القيمية والقيام بترميم الخدوش الحاصلة ببعض مفاصلها اذا اردنا مجتمعا قائم على المحبة والمودة والسلام.
وتعد الأسرة الاطار الأساسي الذي يحدث فيه التفاعل بين الوالدين والأبناء وهذا التفاعل له الأثر الكبير في تحديد الاتجاهات التي يشعر بها الأبناء تجاه الأسرة وبصورة خاصة الوالدين وبالتالي تشكيل سماتهم الشخصية أو ما يكون عليه من خصائص السلوك الاجتماعي فيما بعد، والأسرة القادرة على تأدية الوظائف المنوطة بها تكون أسرة سوية ومن هذه الوظائف التماسك بين الأفراد والمنزل الهادئ الذي يتصف بالاستقرار الانفعالي يعيش فيه الأبناء مع الوالدين في علاقة تخلو من الانفعالات الحادة والثورات المستمرة بين الآباء والأمهات. أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي قنوات متعددة لتوجيه الرأي العام الداخلي تجاه القضايا المختلفة تبعًا لما يتوافق مع جماعات المصالح، بالإضافة إلى أنها وفرت نماذج متعددة من المداولة والنقاش حول قضايا الشأن العام، وسمحت للنخب السياسية والاجتماعية تجاوز فكرة تغيبها في المجال العمومي التقليدي الذي تسيطر عليه الدولة. وهذا ما حدث جليًا في أوساط جمهور الفيسبوك حول أزمة مغنيو المهرجانات في مصر مؤخرًا.
أيضًا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أداه فاعلة لبروز قادة رأي عام لهم منابر إعلامية ووسائل خاصة لحشد الجماهير وتعبئة الأفراد، وهذه من أهم المحددات الأيديولوجية لتلك المواقع، وذلك يعود لتأثير قادة الرأي العام في مواقع التواصل على المجتمع، بل وأصبحوا فاعلون، بمقدورهم التغيير في الحياة الاجتماعية والسياسية، وفي الجانب الآخر برز فاعلون دوليون يتحكمون في شعوب الدول وخاصة دول العالم الثالث بما يتفق مع توجهاتهم وأهدافهم وبما تفتضيه مصالح دولهم.