بسبب تايوان والحرب في أوكرانيا
قبل زيارة بيلوسي لتايبيه:
إنذار صيني حاسم .. يحمِّل واشنطن جميع العواقب!!
الإعلان عن إصابة رئيسة مجلس النواب بكوفيد-19 بعد احتجاج بكين..!!
سفير الصين يهدد بصراع عسكري .. إذا شجعت واشنطن استقلال تايوان
فشل القمة الافتراضية بين الصين والاتحاد الأوروبي ..يعقد الموقف!!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
خلف دخان المعارك وأصوات الانفجارات في الحرب الدائرة بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، والضجيج الإعلامي حول هذه الحرب، هناك صراعات أخرى لا تقل خطورة ولا أهمية عما يجري على الأراضي الأوكرانية. هذه الصراعات تدور رحاها بين الغرب، ممثلا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، والصين من جهة أخرى. ويجمع بين هذه الصراعات تهديدات وخلافات محتدمة حول كل من تايوان وأوكرانيا!!
أصدرت الصين يوم الخميس الماضي تحذيرًا شديد اللهجة للولايات المتحدة من أنها ستتخذ إجراءات صارمة إذا قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي بزيارة تايوان، وقالت بكين إن مثل هذه الزيارة ستؤثر بشدة على علاقات الصين والولايات المتحدة، وذلك بعد أن أفادت تقارير إعلامية أنها ستذهب إلى تابيه الأسبوع المقبل (الحالي).
وبعد صدور التحذير الصيني، أعلنت الولايات المتحدة أن الفحوص الطبية أثبتت إيجابية إصابة بيلوسي بفيروس كوفيد-19. ولا ندري إن كان ذلك صحيحًا أم أنها حيلة لتفادي الصدام مع الصين، في الوقت الذي لا تزال تشتعل فيه القضية الأوكرانية، حيث تم تأجيل الزيارة إلى وقت لم يحدد بعد.
جاء الإعلان عن الزيارة بعد فشل القمة الافتراضية بين الاتحاد الأوروبي والصين وفشل الاتحاد في إقناع الصين بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وقطع علاقاتها بموسكو، حيث بدا أن زيارة بيلوسي تمثل خطوة استفزازية ردًا على الموقف الصيني من روسيا.
تعتبر الصين تايوان إقليمًا خاصًا بها، وهذا الموضوع هو مصدر خلاف دائم بين بكين وواشنطن، لا سيما بالنظر إلى الدعم العسكري والسياسي الأمريكي القوي للجزيرة.
ونقل موقع نيوز ياهو عن وكالة رويترز أن المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان صرح بأن بكين تعارض بشدة جميع أشكال التفاعلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، ويجب على واشنطن إلغاء الرحلة.
وأضاف: “إذا أصرت الولايات المتحدة على أن يكون لها طريقتها الخاصة، فإن الصين ستتخذ إجراءات قوية دفاعًا عن السيادة الوطنية وسلامة أراضيها. وسيتحمل الجانب الأمريكي جميع العواقب المحتملة المترتبة على ذلك.”
وقد صادف يوم الأحد الماضي، العاشر من أبريل، الذكرى السنوية الثالثة والأربعين لتوقيع الولايات المتحدة على قانون العلاقات مع تايوان، وهو القانون الذي يوجه التعاملات في غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية ويكرس التزام الولايات المتحدة بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها.
وكانت بيلوسي، التي دأبت على انتقاد الصين منذ فترة طويلة، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، عقدت اجتماعا افتراضيا مع نائب رئيس تايوان وليام لاي في يناير، حيث اختتم زيارة للولايات المتحدة وهندوراس.
في الشهر الماضي، زار وفد من كبار مسؤولي الدفاع والأمن الأمريكيين السابقين تايبيه، حيث أرسل الرئيس جو بايدن الوفد إلى تايوان، في استعراض قوي للدعم وذلك، بعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا، خوفًا من أن يؤدي الغزو لتحفيز طموح الصين لضم الجزيرة، بحسب ما ذكر موقع دويتش فيل. ووقتها أدانت الصين تلك الزيارة.
وفيما يتعلق بزيارة بيلوسي، نقلت شبكة بلومبرج عن وزير الخارجية الصيني وانج يي قوله: “إذا قامت رئيس مجلس النواب الأمريكي بزيارة سرية إلى تايوان، فسيكون ذلك استفزازًا خبيثًا لسيادة الصين وإشارة سياسية خطيرة للغاية إلى العالم الخارجي”.
وفي مكالمة هاتفية مع إيمانويل بون، مستشار الرئيس الفرنسي، أضاف وانج أن بكين سترد “بحزم” بطريقة تضمن أن تتحمل واشنطن العواقب.
قال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مؤتمر صحفي دوري في بكين إن بيلوسي “يجب ألا تؤجل الزيارة بل تلغيها”.
كان بايدن، قد حذر الزعيم الصيني شي جين بينج في اتصال هاتفي مارس الماضي من “العواقب” التي ستواجهها الصين إذا قدمت “الدعم المادي” لروسيا في حربها بأوكرانيا.
وأوضح البيت الأبيض، في بيان حول اتصال الزعيمين الذي استمر ساعتين، “التداعيات والعواقب التي ستلحق بالصين إذا قدمت الدعم المادي لروسيا وهي تشن هجمات وحشية ضد المدن والمدنيين الأوكرانيين”.
في اليوم السابق على المكالمة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين إن الولايات المتحدة “قلقة” بشأن استمرار الصين في تقديم المساعدة.
وقال بلينكين للصحفيين “نحن قلقون من أنهم يدرسون مساعدة روسيا بمعدات عسكرية لاستخدامها في أوكرانيا.” “سيتحدث الرئيس بايدن إلى الرئيس شي غدًا وسيوضح أن الصين ستتحمل مسؤولية أي إجراءات تتخذها لدعم العدوان الروسي”
كان شي والزعيم الروسي فلاديمير بوتين قد التقيا خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 وأصدرا بيانًا مشتركًا في فبراير الماضي، أيدت فيه الصين معارضة روسيا تزايد توسع الناتو.
وصرح سفير الصين في واشنطن تشين جانج، في يناير إن القوتين العظميين قد ينتهي بهما الأمر إلى صراع عسكري إذا شجعت واشنطن استقلال تايوان، حسبما ذكر وقتها موقع تايوان نيوز.
وكما سبق القول، فقد جاء الإعلان عن زيارة بيلوسي لتايبيه عقب فشل القمة الافتراضية بين الصين والاتحاد الأوروبي. وذكر تقرير على موقع وورلد سوشيالست ويب سايت أن تصريحات الاتحاد الأوروبي العدائية بعد القمة الافتراضية مع الصين في الأول من الشهر الحالي “تعد مؤشرًا على التوترات العالمية المتصاعدة التي أثارتها حرب الناتو ضد روسيا في أوكرانيا. سعى مسؤولو الاتحاد الأوروبي للحصول على ضمانات صينية بأن بكين ستحترم العقوبات التي فرضتها واشنطن وقوى الاتحاد الأوروبي من جانب واحد على روسيا، لكن المسعى الأوروبي لم يكلل بالنجاح!!”
في القمة الافتراضية حث الرئيس الصيني شي جين بينج الاتحاد الأوروبي على عدم “ربط العالم بأسره” بالأزمة في أوكرانيا وحذر من أن الأمر قد يستغرق عقودًا لإصلاح الضرر الاقتصادي.
وكمؤشر على التوترات التي تعصف بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، لم تصدر القمة أي بيان مشترك. لكن زعماء الاتحاد الأوروبي أصروا على أنهم بعثوا برسالة لا لبس فيها إلى بكين حول أولوياتهم واهتماماتهم.
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: “لن يعود شيء إلى ما كان عليه قبل الحرب”.
وقد هيمنت على الفترة التي سبقت القمة تهديدات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد الصين، فقد دعا قائد القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ الأدميرال جون أكويلينو واشنطن وحلفاءها إلى “الاستعداد في جميع الأوقات” للحرب مع الصين بشأن تايوان .
في 25 مارس، قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي لم يذكر اسمه في تصريح لموقع Politico إن الاتحاد الأوروبي لديه “أدلة موثوقة للغاية على أن الصين تفكر في تقديم مساعدة عسكرية لروسيا. … نحن قلقون من حقيقة أن الصين تغازل الروس”. وقال المسؤول إن الاتحاد الأوروبي “سيفرض قيودًا تجارية ضد الصين” إذا ساعدت روسيا عسكريا أو ماليا، لأن “هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها بكين”.
وكان مسؤولون أمريكيون قد زعموا بالفعل أن روسيا طلبت من الصين مساعدة عسكرية. وطالب مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، الصين بعدم “إنقاذ” روسيا من العقوبات الأمريكية-الأوروبية: “سنضمن عدم قدرة الصين، ولا أي شخص آخر، على تعويض روسيا عن هذه الخسائر.”
ورفض السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تشين جانج مزاعم سوليفان، ودعا إلى تسوية دبلوماسية للحرب ونفى قيام الصين بتسليح روسيا.
بند آخر في قمة الاتحاد الأوروبي والصين كان تجميد الصين للتجارة مع ليتوانيا، جمهورية البلطيق السوفيتية السابقة، بعد أن فتحت ليتوانيا مكتبًا للتمثيل التجاري الرسمي لتايوان في عاصمتها فيلنيوس. وقال المسؤولون الصينيون إنهم يعتبرون ذلك تهديدًا أوروبيًا ورفضًا لسياسة “صين واحدة” وتشجيعًا لتايوان على إعلان نفسها دولة مستقلة تمامًا.
في ظل هذه الصراعات المتفجرة، لم يكن مفاجئًا أن البيانات الرسمية الموجزة الصادرة عن قمة الاتحاد الأوروبي والصين أشارت إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاقيات.
بعد الاجتماع مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانج والرئيس شي جين بينج، انتقدت فون دير لاين موقف الصين بشأن أوكرانيا: “تبادلنا وجهات النظر المتعارضة بشكل واضح. هذا ليس نزاعًا. إنها حرب.” وقالت: “ينبغي على الصين، إن لم تدعم، ألا تتدخل على الأقل في عقوباتنا [على روسيا] … الوقوف على مسافة واحد لا يكفي.”
قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل في المؤتمر الصحفي مع فون دير لاين: “سنظل يقظين أيضًا بشأن أي محاولات لمساعدة روسيا”، مضيفًا: “لقد أوضحنا مخاوفنا بشأن معاملة الصين للأقليات في شينجيانج ومنغوليا الداخلية، وشعب التبت “.
ونقل موقع وورلد سوشيالست ويب سايت عن كريس جونسون، وهو عميل سابق في وكالة المخابرات المركزية متخصص في شؤون الصين، تصريحًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، قال فيه: “إن بكين تخشى عملية تغيير النظام التي تقودها الولايات المتحدة في روسيا. “حتى إذا كانوا يفكرون في تقديم المساعدة [لروسيا]، فإن هذا يثير الحديث عن… مخاوف الصين من احتمال سقوط بوتين، وإطلاق العنان للفوضى على حدود الصين الشمالية.”
في عمود بواشنطن بوست بعنوان: “الغرب يربح المعارك الاقتصادية في حرب بوتين ضد أوكرانيا”، قال سيباستيان مالابي زميل المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية: “اقتصاد الصين أكبر بكثير وأكثر تعقيدًا من اقتصاد روسيا، لكنه يبدو ضعيفًا في الفترة الأخيرة”. “يبدو أن مخزون بكين من الأصول بالعملات الأجنبية الذي يزيد على 3 تريليونات دولار أقل قوة. إذا كان بالإمكان تجميد احتياطيات روسيا، فيمكن أيضًا تجميد احتياطيات الصين.