الخطر الاكبر الذي كان يظلل مسيرة البحث عن قانون ما للأحوال الشخصية كان يركب امواجا عنيفة يقودها ويغذيها الصراع بين الرجل والمراة وتتبارى فيها جهات وجمعيات تركز على ضرورة الانتصار للمرأة وتكبيل الرجل والتخلص من سلطاته واغتصاب صلاحياته والدخول الى ما يشبه في عالم الساسة الفوضى الخلاقة
تطور لافت ومهم في الحديث عن قوانين الاحوال الشخصية في الفترة الاخيرة يجب الانتباه اليه والبناء عليه للمساهمة والمساعدة في اقرار قوانين تحقق الاهداف والمقاصد السامية للارتقاء بالمجتمع وبما يحدث نقلة نوعية وجادة تتناسب والتطلعات نحو جمهورية جديدة..
اول واهم خطوة الحديث عن الاسرة المصرية ككل كوحدة وكيان وهو المفهوم الذي ظل غائبا لفترة طويلة او قل في كل المرات السابقة التى تعرضت لقانون الاحوال الشخصية على مدى العقود الاخيرة..
الخطر الاكبر الذي كان يظلل مسيرة البحث عن قانون ما للأحوال الشخصية كان يركب امواجا عنيفة يقودها ويغذيها الصراع بين الرجل والمراة وتتبارى فيها جهات وجمعيات تركز على ضرورة الانتصار للمرأة وتكبيل الرجل والتخلص من سلطاته واغتصاب صلاحياته والدخول الى ما يشبه في عالم الساسة الفوضى الخلاقة. فكانت الامور تزداد سوءا على سوء ولايصل أحد الى نتيجة ويتفاقم الصراع ويدفع الجميع الثمن الاولاد والأمهات والاباء والمجتمع..نعم كل المجتمع نظرا لما خلفته تلك الحالات من عاهات اجتماعية ونماذح فاشلة في الحياة بعد انتشار التفكك الاسري والعنف وسيادة منطق الانتقام من الرجل والمراة على السواء فتفشت الجرائم الاجتماعية وغاب البر بالوالدين وكثرت حوادث قتل الابناء للآباء والتضحية بهم والقائهم في دور العجزة والمسنين في افضل الاحوال.
الحديث عن الاسرة بدلا من الدفاع عن المرأة اوالرجل كل على حدة بعد صدور تشريعات معيبة ومشوهة ادت الى تفشي المشكلات الاجتماعية وتفاقمها حتى فوجئنا بنسب طلاق غير مسبوقة تجاوزت الاربعين في المائة وفقا للاحصاءات الرسمية وما خفي كان أعظم.
الاهتمام بالاسرة والعزف على اوتارها ضمان لنزع فتائل معارك وهمية ومصطنعة بين الرجل والمرأة..الحديث عن التكامل بين الادوار للرجل والمرأة يدفع في الاتجاه الصحيح وكذا البعد عن الشعارات الرنانة الخادعة من قبيل المساواة دون تحديد معانيها ومقاصدها وايضا الاعتراف بالخصوصية الحضارية للمجتمع وانه مختلف تماما عن المجتمعات الاخرى في الشرق والغرب..كل ذلك كفيل بتهدئة حالات السعار والتوجه الاعمى نحو تقليد المجتمعات الاخرى وخاصة الغربية ويحمى من الانزلاق الى امور لا يحمد عقباها وتكون في الوقت نفسه مخالفة للاعراف الاجتماعية وقواعد الدين الحنيف..ولعل هذا ما يوفر بيئة خصبة لوضع بذور الصدام وتأجيج نيران الفتنة وابقاء جذوة الصراع متقدة لتظل الساحة الاجتماعية في حالة اضطراب وغليان ويحرم المجتمع من نعمة الامن والسكينة والاستقرار وراحة البال التى يحلم بها الحالمون من خلق الله.
افكار كثيرة واحلام اكثرتداعت الى الذهن وانا اتابع مناقشات ندوة مهمة في باكورة اعمال مبادرة ” معا لحماية الاسرة المصرية” في اطار مبادرات الرئيس لتنمية الاسرة.الندوة عقدت بقاعة الاستاذ هيكل بالاهرام وشارك فيها د.حسام لطفى استاذ القانون المدني ود.عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الاسلامية ود. انجي فايد الاستاذ بكلية الاثار وثلاثتهم من مؤسسي المبادرة وحضرها من الاهرام الاساتذة عبدالمحسن سلامة وماجد منير وادارها الزميل العزيز محمد امين المصري.
رغم سخونة الندوة وحدة النقاشات التى الهبتها جماعات متحمسة حملت شعار أنصار الرجل والدفاع عن حقوقه في مواجهة جماعات المرأة والانتصار لها وانتزاع مزيد من الحقوق فيما يخص الطلاق والنفقة والحضانة ومسائل اخرى شائكة في علاقات الاطراف المختلفة داخل الاسرة وعلى اطرافها القريبة والبعيدة.
اللقاء كان كاشفا عن اشياء كثيرة يجب التخلص منها ومؤكدا على قواعد اكثر اهمية يجب الالتزام بها ان أردنا صلاحا وفلاحا.
كانت عورات القوانين السابقة الاكثر ايلاما للأطراف المختلفة ولا نبالغ اذا قلنا ان بعضها كان سيء السمعة ويكفى للدلالة على ذلك المعارك والمشاحنات التى صاحبت اصدارها وكان العداء للمؤسسة الدينية على المحك.وبعضها اشتهر بأسماء شخصيات كانت تقف وراء تلك القوانين وقل تحديدا السبب في عوراتها.فقد بدا جليا من المواجهات انها لم تنصف المرأة ولم تحقق لها ما تريد بل واشعلت غضب وسخط الرجال بعد ان تعالت الصرخات والصيحات من لسعات قوانين الخلع والحضانة والرؤية ومخاطرها الجسيمة على كل الاطراف واستخدام الاولاد كدروع بشرية احيانا وطلقات صاعقة في وجه الرجل والمراة على السواء حيث تفننت الاطراف في توظيف الاولاد واستخدامهم ادوات في الصراع الذي بدا داميا في بعض الاحيان او مذلا نفسيا واجتماعيا في احيان اخرى.
وهذه نقطة في غاية الاهمية وتطرح العديد من الاسئلة التى باتت ضرورية منها:لماذا لاتقوم جهة ما اويتم تكليف جهات معنية بالطبع وتضم التخصصات المختلفة لدراسة الاضرار التى تسببت فيها التشريعات السابقة في قوانين الاحوال الشخصية وأدت الى فشلها في عملية الاصلاح والوصول الى النتائج المرجوة؟ وتجيب تلك الجهة العلمية العملية عن الاسئلة المطروحة وماذا افدنا على سبيل المثال من اقرار قانون الخلع ولماذا كان ضرره اكثر من نفعه او العكس وهل كان وراء ارتفاع حالات الطلاق بشكل غير مسبوق هل اضر بالمراة وكان نكبة على بعضهن ام افادهن.وكذا العوار في قانون الرؤية وقضية الحضانة ومسكن الزوجية سواء كانت حاضنة ام لا وغير ذلك من امور اثارت غضبا وكانت سببا في اشعال ثورة العناد والمكائد وضرب الكثير من القيم المستقرة عرفا وشرعا.وهل تحققت اهداف التمكين للمرأة واخضاع الرجل بعد ان تم سلبه الكثير من حقوقه والتعامل معه انه مجرد ممول فقط لمشكلات الزواج والطلاق والنفقة والرؤية والمتعة وتوابعها.وهل وفر حماية للمرأة الضحية من تسلط رجل غليظ القلب لا يعرف رحمة ولا انسانية!
من الامور الكاشفة الاخرى الاعتراف بان التشريع الاسلامى أكثر ثراء وغناء فيما يخص قضايا الاسرة بل انه سبق وتفوق على التشريعات الغربية التى تنظم كل شئون الاسرة والمجتمع وعلاقات الافراد في مختلف الاحوالوذلك بما يحقق الكفاية والاستغناء عن المواد المشبوهة في القوانين الغربية اياها التى تتبناها السيداو وغيرها والتى تتعارض صراحة مع اصول ديننا الحنيف ولا تؤسس لاسرة قويمة ولا لحياة اجتماعية سليمة يزينها الطهر والنقاء والحب والمودة..
ولعل المثال على ذلك قاعدة” الكد والسعاية ” والتى تسمح وتجيز للمراة المشاركة في ثروة الزوج خارج الميراث اذا كان لها مساهمة ومشاركة فعلية في تكوينها باي وسيلة معروفة وهي قضية عرفها التشريع الاسلامي قديما ومطبقة ومعمول بها في بعض البلدان الاسلامية بالمغرب العربي
وفي شرق اسيا وغيرها.
ولعل مسألة عدم تعارض اي قانون مع الشريعة من أكثرالامور حساسية واثارة في القضية حيث تتعمد بعض الجهات والجمعيات النسوية التغريد خارج السرب وبدعم من تيارات علمانية شديدة العداوة للدين وكل ما له صلة بالشرع الحنيف ويتم في هذا الإطار تبني مواد وتحمل مخالفة صريحة للشرع سواء فيما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث والاعتراف بالشذوذ وحماية الشواذ والتمكين لهم تحت راية المساواة واشباهها وتشن في سبيل ذلك الحملات والحملات لاثارة البلبلة والفتن بين الناس..
مثل هذه التوجهات المستغرقة في التغريب خطر على العملية برمتها وإذا لم تواجه بحكمة وحزم فإنها كفيلة بإجهاض طرق الوصول الى الغايات النبيلة والاهداف السامية من اجل اسرة مستقرة وحياة رغدة سعيدة يستحقها كل مصري رجلا كان او امرأة.
والله المستعان.
Megahedkh@hotmail.com