ما أجمل الأمل، وما أصعب اليأس، وما أشقه، وما أخطره، اليأس مدمر للنفوس، محبط للآمال، مولد للكآبة، مثبط للهمم، لذا نهى الإسلام عنه، وعدّه بعض أهل العلم من الكبائر.
يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا يعقوب (عليه السلام): “يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ”، ويقول سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام): “أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ”، وعن ابن عبّاس (رضي اللّه عنهما) أنّه قال: إنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، ما الكبائر ؟ قال : “الشّرك باللّه، والإياس من روح اللّه، والقنوط من رحمة اللّه”.
ونقول لمن كان مريضًا حتى لو كان مرضه عضالًا أو مزمنًا: لا تيأس من الشفاء، وَتَذكَّر ما مَنَّ الله به على سيدنا أيوب (عليه السلام)، وتمسك بما دعا به ربه، واجعله في ذلك لك قدوة، حيث يقول الحق سبحانه: “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”.
وإن كنت عقيمًا لا تنس ما منَّ الله (عز وجل) به على سيدنا زكريًا (عليه السلام) مع ما كان عليه من تقدم في السن وعقم بالزوج لا يرجى معه ولد، وذلك حين نادى زكريا (عليه السلام) ربه: “قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا”، وحيث يقول الحق سبحانه: “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”.
وإن كان الإنسان في ضيق أو فاقة، فليعلم أن خزائن الله ملأى لا تنفد أبدًا، وأن الأيام دول بين عسر ويسر، فغني اليوم قد يكون فقير الغد، وفقير اليوم قد يكون غني الغد، وما دمت تؤمن أن الرازق موجود فلا تخش الفاقة أو الفقر.