الشائعات السلبية من الكوارث الاجتماعية التي تنخر مثل السوس في المجتمع، ومن الظواهر الخطيرة التي تزلزل سكينة النفوس خاصة في عصرنا الحالي حيث تطورت فيه وسائل النشر ووسائل التواصل وأصبحت الشائعة تبلغ الآفاق في لمح البصر وعابرة كل الحواجز والحدود، وساعد على ذلك جهل الكثير من الناس بمضامين الشائعات وأغراضها وأساليبها؛ مما يوقع المجتمع في شباك الأفاقين وخداع كارهي الوطن ومثبطي الهمة وقاتلي الآمال.
ومن الشائعات السلبية التي انتشرت خلال اليومين الماضيين هي خطف البنات في وسائل النقل العام بعد تخديرهن عن طريق شكة دبوس بهدف سرقة أعضائهن، وهذه الشائعات المغرضة هي الجهل بعينه اطلقتها بلا شك لجان إلكترونية قذرة معروف من وراءها ومن يمولها وهم جماعة تدعي الدين والتدين وحسابهم عند الله عسير، وذلك بهدف بث الهلع والرعب والخوف في قلوب المصريين، وتناقلها العامة دون وعي حيث فحصت الأجهزة الأمنية على مدار الأيام الماضية هذه الادعاءات المتداولة، ولم يثبت منها شيء، ولم تتلق أي بلاغ حول خطف الفتيات في أي من المحافظات التي يتم ترديدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد معظم الأطباء – ومنهم الدكتور جمال شعبان العميد السابق لمعهد القلب – أنه استحالة تخدير إنسان عن طريق وخزة دبوس، وإن هذه الادعاءات مجرد شائعات يتم تداولها وغير منطقية بالمرة.
أما عن شائعة سرقة الأعضاء، فقد سبق أن كتبت عدة مقالات بعد أخذ رأي المختصين من أهل الطب تؤكد أن هناك استحالة في سرقة أعضاء الأطفال وزرعها في جسم آخر؛ لأنها غير مكتملة النمو، وأيضا ليس هناك سرقة أعضاء بين البالغين، ويعود ذلك إلى أن أي عضو بشري يتم استئصاله لابد من زرعه في جسم آخر خلال ساعات محدودة حتى لا يضمر، وليس هناك في مصر والدول العربية بنك لحفظ الأعضاء، وكذلك لابد من إجراءات طبية خاصة ومعقدة وعمل تحليل للأنسجة ومزرعة للمنقول منه والمنقول إليه؛ ليتم التأكد من تطابقهما حتى لا يتم لفظ العضو المزروع من قبل الجسم، وهذا يستغرق وقتًا لا يقل عن 4 شهور واستحالة أن يتفق ذلك مع شائعات عمليات سرقة الأعضاء، ولكن هناك تجارة أعضاء بالتراضي بين بائع ومشتر، وذلك مقابل مبلغ مالي وهي تجارة يعاقب عليها القانون.
وقد نهى رسول الله “صلى الله عليه وسلم” عن بث الشائعات وتناقلها؛ حيث قال في الحديث الشريف «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»، كما علينا ان نتعامل معها بالتدابير النبوية؛ وهي عدم الالتفات إلى الشائعات وردها ومحاربتها وعدم تناقلها والتريث وعدم اتخاذ أي إجراء فور سماعها، والتحلى بالصبر والثبات والتبين والاستيضاح، واستشارة العقلاء وذوي الرأي؛ وذلك حتى لا يتم إثارة الشكوك وزعزعة الأمن وبث الرعب وتأجيج الفتن والصراعات وغيرها من المصائب الجسيمة التي يهدف إليها أصحاب الشائعات.
mahmoud.diab@egyptpress.org